facebook

ليس لنا غير هذا الوطن – عبد الجواد صالح

ليس لنا غير هذا الوطن

شكري علي إسماعيل القرعان رحمة الله عليك
 المواطن والجار الطيب والخيّر 

كان المرحوم شكري أول من احتفى برئيس بلدية البيرة الذي وصل نيويورك في رحلة لجمع تبرعات لبناء مدرسة، في وسط المدينة، وكانت تضم الأفقر والمنطقة الأكثر إهمالا. حولها المجلس البلدي الى منطقة الأكثر ازدهارا بعد هدم البيوت المهدمة والآيلة للسقوط، وشق طريق العين بعد استقامته وتوسيعه، ومن ثم بناء أحد اهم مؤسسات المدينة، جمعية إنعاش الاسرة، وبناء مدرسة خولة بنت الأزور للبنات، أول مدرسة للعامة. مزودة بتدفئة مركزية، وثانية للأولاد التي سميت باسم المغتربين.


استقبلني في المطار المرحوم شكري واحد فقراء هذا الحي القديم، نسيت اسمه، كان والده امي، فقير المادة ولكنه الأغنى كرامة، والأصدق محبة، اسمه العبد حسين القرعان. ونحن في الطريق للعشاء فاجأني وأسعدني هذا الشاب ابن العبد حسين، بالإعلان عن تبرعه بجميع ما وفره، منذ اغترابه، لمهر العروس وتكلفة العرس، “لان بناء المدرسة في حيّنا ومدينتنا هو عرسي.” ومد يده، من خلفي ليسلمني حزمة من الفلوس، قيمة تبرعه بلغت سبعة آلاف دولار، في الوقت الذي كانت قيمةالدولار ليرة ذهبية. وكأنه يريد ان ينفك من هذا الحمل الثقيل. أسعدني، لأن “السوسة” الموجودة في كل تجمع انساني، كما وشت تجربتي، تحاول إحباط أي عمل مجتمعي إيجابي. إذ كان حديث السوسة، “لن يجمع ثمن تذكرة سفره! لم أكترث لهذا الهراء الذي كان ينفيه الأطفال الذين كلما مررت في سيارتي في حاراتهم، ينادوني عبد الجواد…عبد الجواد وكأنني رفيقهم، ملوحين بأيديهم تحية الحب. هؤلاء يعبرون عما يسمعون من أهلهم، ولا ينطقون عن الهوى.


بن العبد حسين رسخ الحد الأدنى لتبرع الناس “قدالحال” كما حدد المرحوم شكري، سمت المبلغ المتبرع به للمنعم عليهم.


وكانت تجربة خيرة قام بها المرحوم، ما زال الكثير يذكرها، دعوة وفد منظمة التحرير الفلسطينية الذي ضم رئيس بلديته المنفي، على منسف فلسطيني أحضره بقافلة من السيارات الى الفندق الذي أقام به الوفد، ولتشاركهم بعض أعضاء الوفود العربية التي لم يسبق لهم مشاهدة مثل هذه المناسبة الفلسطينية. وذلك لحضور اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة، ١٣ تشرين الثاني ١٩٧٤، بداية سقوط ليس غصن الزيتون فحسب بل السلام وشروطه: حق العودة وحق تقرير المصير .


الشكر لك يا أيها الجار الطيب والرحمة لك ولكل أموات البشر، الذين يعملون في حياتهم لمنافع الناس. انتم السابقون ونحن اللاحقون.

 

 

 

صفحة فيبسوك عبد الجواد صالح –