ثقافة وفن

لِغَزّة.. للشاعر الدكتور يوسف شحادة

لِغَزّة.. للشاعر الدكتور يوسف شحادة

لِغَزّةَ العِزّةُ كُلُّها

الإباءُ، الكِبرِياءُ، والعَزاءُ، والسَّنا

لِغَزّةَ الفَضاءُ يَخرُجُ مِنَ اللُّجّةِ 

مِنْ عَيْنِ الدُّخَانِ والرَّدى

لِغَزّةَ الكَرامَةُ الوَلودُ

أُقْنومُ البُطولاتِ وَآخِرُ الرِّسالاتِ

أيَا سَيِّدَةَ العَوالِمِ، المَلاحِمِ، العُلا

لَكِ السِّيادَةُ، الرِّياسَةُ، القَداسَةُ،

البَراعَةُ المُثْلى..

وَذلِكَ السَّوادُ جُلُّهُ لَهُمْ

لَنا مِنهُ قليلٌ في العُيونِ

ذا البياضُ جُلُّهُ لَنا

لَهُمْ مِنهُ قليلٌ في القُلوبِ

ذلِكَ السَّرابُ جُلُّهُ لَهُمْ..

لَنا قليلٌ مِنهُ في صَحْرائِنا

هذي الدِّماءُ كُلُّها لَنا

تُعانِقُ النَّدى

تُعانِدُ التِّيهَ

تُقاوِمُ الخَنا

وتُخْمةَ السَّوادِ..

يومِضُ الدُّجى

فَيُزْهِرُ النُّعْمانُ

أشْواقَ شَقائِقَ وَشَمْساً لا تَغيبُ..

غَزَّةُ الآنَ

تُضيءُ القَمَرَ الهارِبَ مِنْ غَفْوَتِهِ

تُرَتّبُ النُّجومَ تَنْفِضُ غُبارَ مَكْرِها

تَعُدُّ أشْلاءَ السَّحابِ..

تَسْقُطُ السَّماءُ مِنْ يَدِ الشَّهيدِ

تَنْزِفُ الأرْضُ خَراباً في المَدى

يَعْوي الهَواءُ فَوْقَ أَكْتافِ الرَّحيلِ

يَقطِفُ الهاماتِ تَحْتَ الأُفُقِ الحَزينِ

تَعْزِفُ الرِّياحُ أوَّلَ الحَنينِ

أوَّلَ الحِدادِ

أوَّلَ الرُّؤْيا وآخِرَ المُرادِ

تَنْتَقي غَزَّةُ عَرْشَها

هُنا مَوْتٌ..

هُنا وِلادَةٌ

وَهاهُنا فَقْدٌ..

هُنا شَهادَةٌ

هُنا نَزيفٌ مِنْ يَدٍ

وَمِنْ رَغيفٍ

مِنْ وَريدِ وَرْدَةٍ

عَلى التُّخومِ مُجْرِمٌ مُؤَثّمٌ

يُقيمُ في أحْشائِهِ السَّوادُ

ذلِكَ السَّوادُ كُلُّهُ لَهُ

وذلِكَ الغُبارُ مَرْتَعٌ لِإفْكِهِ..

وغَزَّةُ الآنَ

تَلُفُّ الجَسَدَ الشَّهيدَ بِالبَياضِ

تَرْتَقي بِهِ إلى شَغافِ المُنْتَهى

عَلى جَبينِها دِماءٌ وَرِمالٌ وَرَمادٌ

وُجْنَتاها تَنْبُعانِ مِنْ لُجَيْنٍ ناصِعٍ

تُشْرِقُ عَيْناها صَلاةً حالِمَةْ

أنْفاسُها تَلْهَثُ صَوْتاً واحِداً:

لا وَقْتَ لِلْمُساوَمَةْ!

يوسف شحادة – شاعر فلسطيني استاذ الادب العربي في جامعة ياغيلونسكي البولندية*

30-7-2014

اترك تعليقاً