وقفة عز

من أهم الحيوان الغربي أم الإنسان الشرقي؟

للحيوان في العالم الغربي مكانة أكبر من مكانة الإنسان الشرقي..

نضال حمد

 تظاهرن في العاصمة الصينية بكين حيث تجمعن كما خلقهن الرب عاريات من اللباس والزينة. فقط كن يحملن اليافطات التي كتب عليها ” نفضل أن نسير عاريات على أن نلبس الفرو”.

وهكذا بلا لباس وبدون خجل أو تراجع تجمعن أمام مركز تجاري كبير في بكين كأنهن عارضات أجساد تزودن المارة بالحرارة والزاد. جذبن جمهورا حاشدا فضل الوقوف بقربهن للتمتع باللابسات من غير هضوم، أي ثياب بالعامية المصرية… و كما قال الفنان الكبير عادل إمام أثناء استجوابه من قبل الشرطة في مسرحيته العظيمة _شاهد ما شفشي حاجة_..

 وقف الجمهور مساندا العاريات في مسعاهن لحماية الحيوانات من المذابح التي تتعرض لها على أيدي البشر في عالمنا الحديث. عالم ذبح البشر قبل الحيوانات… فالحيوانات تذبح من أجل الاستفادة من لحمها وجلدها وفروها ودهنها، لكن البشر يقتلون من أجل أطماع الدول والحكومات والمُستَعمِرين “بكسر الميم” على حساب الضعفاء والمُستَعمَرين ” بفتح الميم”. لقد قتل من البشر ما يعادل ما قتل من الحيوانات في عالمنا الذي لا يفرق بين الناس والحيوانات. فكلاهما يصلح للذبح وكلاهما محكوم عليه بالموت من أجل حفنة من الدولارات.

طيار أمريكي في نهاية الحرب العالمية الثانية وبعد أن أعلنت اليابان استسلامها قام برمي القنابل الذرية الأمريكية على هيروشيما وكازاناكي اليابانيتين فقتل وشوه عشرات الآلاف من البشر المدنيين وجعل المكان أشبه بجهنم الحمراء. فعل ذلك بقرار رئاسي أمريكي لمجرد تجريب قوة القنابل الذرية.

طيارون من الحلفاء أيضا دمروا بعض المدن الألمانية ومنها درزدين من خلال سياسة القصف العشوائي وإبادة السكان وتدمير المدن على من فيها من أجل إجبار النازيين على الاستسلام، وانتقاما لمذابح النازية بحق بعض المدن الأوروبية التي تم قصفها بلا رحمة وبلا هوادة. واثناء الحرب كانوا يتعمدون تدمير مثل هامبورغ وفوبرتال ودورتموند وغيرها من المدن الألمانية…

الحلفاء يجبرون الأمم المتحدة على اعلان قيام كيان الصهاينة في قلب فلسطين المحتلة وعلى حساب وطن وأرض الشعب العربي الفلسطيني …

الحلفاء بعد خمسون عاما من الحرب العالمية الثانية يدمرون العراق ويقتلون المدنيين مع سبق الإصرار كما حصل في ملجئ العاملية في بغداد.

الحلفاء يحاربون القاعدة وطالبان ويدمرون ما تبقى من أفغانستان…

كيان (إسرائيل) حليف وشريك الحلفاء في كل عدوان يقتل ويعربد ويحتل ويزرع الإرهاب والرعب في فلسطين بلا رادع أو رقيب أو محاسب. وبرضا الولايات المتحدة والحلفاء.

الحلفاء يجهزون أنفسهم من جديد لكن بثوب مستجد وحلة جديدة للانقضاض على العراق باسم العدالة المطلقة ويد أمريكا الأطول من أيدي الأمم المتحدة.

كنت أتمنى لو أن المحتجات في بكين على قتل الحيوانات واللواتي نزلن إلى شوارع العاصمة الصينية وغيرها من المدن عاريات، غير خجولات من انكشاف عوراتهن، على الناس والصحافة والمارة، والشرطة التي بدورها جلبت لهن معاطف وأمرتهن بارتدائها حفاظا على النظام ومن أجل عدم جعل التظاهرة تمتد لتشمل كل الذين يجدونها فرصة لإظهار عوراتهن، وبياض أو صفار أجسادهن، في هذه المناسبة التي نادرا ما تحدث في بلاد العم ماو تسي تونغ.

لو أن النساء اللواتي خلعن ما خلعن من ثياب كانت تغطي محاسنهن ومفاتنهن وأبدانهن، حملن معهن راية صغيرة أو يافطة أصغر تشير إلى ما يحدث في فلسطين والعراق وأفغانستان، والمذابح التي تتعرض لها شعوب تلك البلاد على أيدي الأمريكان والإنكليز واليهود الصهاينة في فلسطين المحتلة… هل كن سيخسرن شيئا؟

لا أعتقد ذلك، لأن حياة أطفال تلك البلاد باعتقادي أهم من حياة الحملان والدببة والحيتان والسعادين والثعالب والغزلان.

 لكن في العالم الغربي للكلاب قيمة تصل أحيانا إلى ما هو أكبر من قيمة البشر. مثلا في النرويج إذا صعدت حافلة الركاب أو المترو أو القطار ومعك طفل أو دراجة، يتحتم عليك شراء تذكرة للدراجة وأخرى للطفل بنصف الثمن، أما إذا كان برفقتك قرد، قطة أو كلب لا يهم كانوا صغارا أم كبارا، فهم لا يدفعون ثمن الرحلة لأنها مجانا للحيوانات.

عندما يرتكب الكلب مخالفة فيعض أحد المارة فأن المحكمة تنظر في أمره وبناء على قراراتها تتم محاسبته ومعاقبته. اذن الكلب يعامل معاملة أفضل من التي يعامل بها الإنسان… فيحق للكلب استعمال وسائل النقل العامة مجانا وهذه ميزة لا يحظى بها حتى المعوقين جسديا وعقليا في النرويج، فهؤلاء يتوجب عليهم دفع نصف ثمن تذكرة.

هنا كثيرا ما تشاهد تظاهرات غريبة عجيبة إن عبرت عن شيء فهي تعبر عن مدى الفراغ الذي تحياه الأجيال الجديدة في أوروبا والغرب بشكل عام. انها أجيال بلا أهداف معقولة ومقبولة. أجيال تبحث عن المال بكل الأشكال وما عدا مالها وما ليس عليها، ليس لديها أدنى طموح عقلاني أو ذات معاني. فتارة يخرج المثليين وتخرج معهم السحاقيات، ليتظاهروا من أجل السماح لهم أو لهن بتبني الأطفال، هذا بعدما أصبح يحق لهم الزواج من بعضهم البعض، نعني هنا زواج الذكر من الذكر، والأنثى من الأنثى.

نحن اذن في عوالم الغيب والعجب العجاب ولا يفصلنا عن الحيوان سوى اللسان، حتى اللسان أصبح يكثر استعماله في غير موقعه ومهماته، تماما كما الحيوانات.

اذن نحن نتراجع ولا نتقدم، نتراجع إلى عصر الكلاب غير الأمينة وليس عصر القرود الذكية والشمبانزي الفهيم.

يتظاهر بعضنا من أجل دب أصيب برصاص صياد ظل طريقه في صحاري الجليد الشمالية أو في ألاسكا ونبراسكا… واحتجاجا على طريقة ذبح الشياه والخرفان عند المسلمين مثلا… وضد صيد الغزلان والثعالب ومن أجل الحيتان والفقمات والفيلة والقرود والنمور المضطهدة والمستباحة في أفريقيا وآسيا وأوروبا وامريكا … بينما موت الفلسطيني على مرأى منا وعبر شاشات البث العالمية وبرصاص من نفس الأنواع التي تقتل بها الحيوانات. كل هذا لا يجعل امرأة أمريكية أو شابة أوروبية تخلع ثوبها أو تقلع معطفها في منتصف الطريق أو على الرصيف، قرب مركز تجاري هام أو مؤسسة حكومية هامة، لتحتج بنفس الطريقة ونفس التعبير على قتل البشر، الصغير قبل الكبير في فلسطين والعراق وأفغانستان وفي عالمنا المبتور الأجنحة والسيقان.

 متى سيتساوى حق الشرقي مع حق الكلب الغربي؟

متى سيصبح اللحم الفلسطيني محرما على اليهود الصهاينة والدود؟

متى ستتوقف كل من أمريكا وبريطانيا عن شواء اللحم العراقي؟

أسئلة تنتظر من يجيب عليها قبل فوات الأوان..   

 

للحيوان في العالم الغربي مكانة أكبر من مكانة الإنسان الشرقي..

نضال حمد

 2002 / 10 / 24