وقفة عز

من قتل أيلي حبيقة؟ … فتش عن شارون …

نضال حمد

أودى انفجار سيارة ملغومة بحياة الوزير السابق أيلي حبيقة شريك شارون في مذابح مخيمي صبرا وشاتيلا عام 1982. ولا يحتاج من يتمتع بحس سياسي لكثير من العناء حتى يصل للجهة التي تقف خلف مصرع حبيقة الذي لم يفاجئنا.

فالرجل معروف بعلاقاته وتحالفاته السابقة مع الموساد والصهاينة، وبتهديداته الأخيرة بتقديم معلومات تدين شارون وتؤكد مسؤوليته المباشرة عن المجزرة. وهو أحد قادة القوات اللبنانية الفاشية المسؤولة مناصفة مع الجيش (الإسرائيلي) عن مذابح عدة استهدفت مخيمات الفلسطينيين في لبنان، وأشهرها على الإطلاق مجزرة صبرا وشاتيلا الفظيعة عام 1982 تحت قيادة الإرهابي شارون وبمشاركة حبيقة الذي كان قائد مخابرات القوات اللبنانية، وآخرين من قيادة وأعضاء تلك القوات التي كانت تتحالف آنذاك مع (إسرائيل).

تلك القوات الانعزالية الفاشية اللبنانية فقدت يوم 14-8-1982 زعيمها الإرهابي الكبير بشير الجميل في انفجار أودى بحياته على الفور. كان زعيمها أنداك بشير الجميل الذي جاءت به دبابات شارون كرئيس للبنان الممزق والمحتل والتابع ل( أسرائيل )، لكن كان لنبيل العلم وحبيب الشرتوني القوميان السوريان الاجتماعيان رأياً مغايراً فخططا ونفذ حبيب المهمة عبر زرع عبوة ناسفة شديدة الانفجار في مقر حزب الكتائب أودت بحيات بشير قبل أن يستلم مهامه كرئيس للدولة.

بعد هذه الحادثة بساعات أعطى شارون أوامره لحبيقة وجعجع ورفاقهما القتلة بالدخول إلى المخيمين المذكورين لممارسة إرهابهم ومجازرهم بحق السكان الأبرياء. في ذلك الوقت كانت قوات منظمة التحرير الفلسطينية رحلت عن العاصمة المحاصرة، بعد أن خاضت قتالا ومعارك ضارية استمرت ثلاثة أشهر مع حصار صهيوني لبيروت الغربية، وأسفرت لاحقا عن موافقة المنظمة على الرحيل بحراً عن بيروت الى بعض الدول العربية.

كانت لجنة كاهانا (الإسرائيلية) التي شكلت في حينها للتحقيق في المجزرة ألقت المسؤولية على عاتق حبيقة في قتل المدنيين. كما أنها أدانت تقصير شارون وتجاهله وإهماله وإخفاقه مما تسبب في المجزرة، وحملته المسؤولية غير المباشرة عنها وذلك لكي لا تعترف (إسرائيل) بمسؤوليتها عن المجزرة، ولتعفي شارون من المحاسبة والعقاب ومن خلفه الدولة الصهيونية وزعمائها.

معروف أن ايلي حبيقة ومجموعة كبيرة من الأوفياء لنهج بشير الجميل كانوا على علاقة مباشرة وممتازة مع قادة (إسرائيل) العسكريين والأمنيين، فقد نشأوا عسكريا في معسكرات الجيش الصهيوني حيث تلقوا تدريباتهم وعتادهم, وكانوا يقدمون خدماتهم (لإسرائيل) ولا يخفون حقدهم وعدائهم الشديد للفلسطينيين، وكذلك للعرب وللمسلمين وحتى لليساريين. فكانوا يعادون كل ما هو غير انعزالي وطائفي ولا يعبر عن الرؤية الضيقة التي استمدت عدائها لمحيطها العربي والإسلامي من خلال اعتبار نفسها (إسرائيل) قديمة وصغيرة وجدت هنا لخدمة المصالح الاستعمارية والغربية على حساب مصالح أبناء البلد الواحد. وكانت البطريركية المارونية المعروفة بعلاقاتها التاريخية مع الصهاينة والغرب، وكرهها للفلسطينيين والعرب تساعدهم وتدعمهم في ذلك بحجة حماية المسيحيين في لبنان.

إن النهج الانعزالي المتمسك بنزعته الطائفية والذي اعتبر نفسه حامياً للبنان من خطر العروبة، هو الذي أنتج في مدرسته الفاشية جيل أيلي حبيقة وبشير الجميل وسمير جعجع وسعد حداد وأنطوان لحد ودوري شمعون وأبو أرز، وغيرها من الأسماء التي لا تخفي ارتباطها بأعداء العرب والعروبة ولبنان العربي الواحد.

وهو النهج الذي اخترع المشكلة وفجرها لاحقاً من خلال عملية الباص في عين الرمانة في أبريل – نيسان 1975، والتي كانت الشرارة التي أشعلت الحرب الأهلية في لبنان وحصدت عشرات آلاف الضحايا ودمرت الوطن اللبناني الصغير، وجلبت له الويلات والدمار والفرقة والاحتلال “الإسرائيلي” والتدخلات الأجنبية والعربية.

هناك من يعتبر أن الحرب لم تنته، وأن الوجود السوري في لبنان هو احتلال، ويقارنه بالاحتلال (الإسرائيلي)، مع أنه لولا تدخل سوريا في لبنان سنة 1976 الى جانب هؤلاء لكنا ارتحنا منهم مرة واحدة والى الأبد في تلك السنة.

هذا البعض يعتبر أن الطائفة المارونية خسرت الحرب وفقدت امتيازات كثيرة كانت تتمتع بها لذا فهو جاهز لتنفيذ المؤامرات ولتقديم خدماته (لإسرائيل) المتربصة بلبنان، والتي نشرت عملاءها في كل مدنه وقراه.

في معرض تقديمها لخبر مقتل ايلي حبيقة قالت صحيفة يدييعوت أحرونوت: “.. حاول الفلسطينيون خلال العشرين سنة الماضية منذ مجازر صبرا وشاتيلا اغتيال حبيقة لكن المحاولات باءت بالفشل..”

هنا يتضح ما هو هدف (الإسرائيليين) من هذه التحليلات والأخبار. هم يريدون إبعاد التهمة وشبحها عن شارون والموساد (الإسرائيلي) الذين لهم وحدهم المصلحة الأولى في شطب حبيقة، خاصة أنه كان التقى سراً قبل أيام بالوفد البرلماني البلجيكي الذي زار بيروت مؤخرا. وحسب قول السناتور البلجيكي جوزيه دوبييه أن حبيقة قال لهم بأنه مهدد وأن لديه معلومات يريد الأدلاء بها حول مجزرة صبرا وشاتيلا.

وفي تموز يوليو الماضي أعلن حبيقة استعداده لتقديم وثائق تثبت براءة القوات اللبنانية من المسؤولية وبنفس الوقت تدين شارون.

مهما كانت أهمية تصريحات حبيقة والمعلومات التي كان ينوي تقديمها بالنسبة لمحاكمة شارون في بلجيكا إلا أن هذا لا يعفيه كما لا يعفي القوات اللبنانية الفاشية من تبعية المجزرة ومن الدور الذي لعبه هو وقواته في تلك المذبحة.

نعم لقد ذهب ايلي حبيقة وذهبت معه المعلومات التي كان يتحدث عنها ولم يظهرها للعلن ولو مرة واحدة إما خوفاً من نقمة شارون وإما لأنها تدينه هو أيضا.

ايلي حبيقة لقي العقاب الذي كان يجب أن يلقاه منذ سنوات. لكنا كنا نريده عقابا في المحاكم وليس على أيدي شريكه في المجزرة أرييل شارون وأجهزته الأمنية.

السؤال الأخير يبقى للجواب على حيرة من لم يفهم لغاية الآن من هو قاتل حبيقة؟

قاتله هو شارون لأنه المستفيد الأول من موت حبيقة وعدم مثوله أمام المحكمة في بلجيكا خاصة أن الوقت قد حان لمحاسبة شارون وعقابه دوليا كمجرم حرب.

 

نضال حمد

4-01-2002

Bilderesultat for ‫أيلي حبيقة‬‎

 

Bilderesultat for ‫يوم اغتيال بشير الجميل‬‎
Bilderesultat for ‫يوم اغتيال بشير الجميل‬‎
Bilderesultat for ‫يوم اغتيال بشير الجميل‬‎
Bilderesultat for ‫يوم اغتيال بشير الجميل‬‎