الأرشيفالجاليات والشتات

هكذا أربك ناشطون فلسطينيون شركة “فيسبوك” – بيسان أبو حامد

الشركات الكبرى تدفع ملايين الدولارات للإعلان، وتبحث عن منصة ذات تقييم عالي يتفاعل معها المستخدمين، وعندما ترى الشركات المعلنة انخفاض تقييم “فيسبوك” فإنها ستلجأ إلى منصات أخرى مثل “غوغل” أو “يوتيوب”.

 

الخطأ الأكبر الذي نقع به عندما نعتقد أن “فيسبوك” هي فقط منصة تواصل اجتماعي، أو نتعامل معها كأنها فقط منصة تحارب المحتوى الفلسطيني، ونتناسى أنها شركة تجارية تسعى للربح بالدرجة الأولى، مثل أي منصة أخرى من منصات التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية الموجودة على الانترنت أو تطبيقات الهاتف.

هذا تماماً ما أدركه الناشطون الفلسطينيون على مواقع التواصل الاجتماعي، الذين يقومون بنشر المحتوى الفلسطيني بكافه أشكاله، من صور وفيديوهات ونصوص وتسجيلات صوتية، ومن هذه النقطة تحديداً – الربح التجاري- انطلقوا في محاربة مواقع التواصل الاجتماعي التي تقوم بحذف المحتوى الفلسطيني أو تحد من وصوله، وعلى رأسها تطبيق “فيسبوك”.

مصادر للميادين نت، أكدت أن شركة “فيسبوك” تكبدت خسائر كبيرة منذ يوم 27 رمضان، والموافق 6 أيار/مايو 2021، وهو اليوم الذي أزال فيه “انستغرام” المحتوى الفلسطيني من الموقع وأغلق العديد من الحسابات، قبل أن يعتذر في وقت لاحق، ويقول إن الأمر بسبب “خطأ تقني”.

لكن مصادر الميادين نت، كشفت أن ما حدث هو أن الناشطين الفلسطينيين والمتضامنين مع القضية الفلسطينية، شنوا حملة واسعة لخفض تقييم هذا التطبيق وتطبيق “فيسبوك” على “ابل ستور” و”غوغل بلاي”، مما أدى إلى انخفاض الأرباح إلى النصف خاصة في الجزائر والعراق وتونس.

ويظهر الخط البياني لسعر أسهم شركة “فيسبوك” الانخفاض المضطرد لسعر السهم منذ 6 أيار/مايو.

مصادرنا أوضحت أن الخسائر الأكبر كانت من نصيب “فيسبوك”، ذلك لأن كتلة الإعلانات الأكبر هي على هذا التطبيق، كما تراجعت أسهم الشركة في البورصة وبالتقييم على منصات الإعلانات، كاشفة أن “فيسبوك” شكّلت فريقاً داخل الشركة للتواصل مع المؤثرين في الداخل الفلسطيني في محاولة لخفض ما يسميه “خطاب العنف” على مواقع التواصل، وذلك لاحتواء المستخدمين واحتواء الخسارات المادية التي يتكبدها جراء ردة فعل النشطاء الفلسطينيين والمتضامنين مع فلسطين حول العالم، وهو ما كبد الشركة أيضاً تكاليف إضافية إلى جانب الخسائر التي تكبدتها أصلاً من انخفاض الإعلانات.

إذاً، كيف يؤدي خفض تقييم تطبيق ما، إلى كل تلك الخسائر؟

الناشط الفلسطيني المختص بالتسويق الالكتروني فادي ياسين، وهو اسم “مستعار”، واحد من الشبان الذين خططوا ونشروا الحملة الواسعة التي دعت إلى قيام مستخدمي “فيسبوك” و”انستغرام” لخفض تقييم هذه التطبيقات، ومقاطعة المعلنين لها.

ياسين قال للميادين نت “صحيح أن الدخول إلى مواقع التواصل الاجتماعي بالنسبة لنا كمستخدمين مجاناً، إلا أنها تعرض إعلانات ممولة تقوم بالدفع لها شركات، سواء شركات كبرى أو شركات متوسطة الدخل او محدودة الدخل”، موضحاً أنه “الآن، عندما نقوم كمستخدمين بإعادة تقييم هذه التطبيقات، وفيسبوك بشكل أساسي، ويؤدي هذا إلى خفض تقييمه العام، فإن الشركات المعلنة ستتوقف عن الإعلان في فيسبوك”.

وتابع أن الشركات الكبرى، مثل شركات السيارات أو مستحضرات التجميل العالمية أو غيرها، تدفع ملايين الدولارات للإعلان، وتبحث عن منصة ذات تقييم عالي يتفاعل معها المستخدمين، وعندما ترى الشركات المعلنة انخفاض تقييم “فيسبوك” فإنها ستلجأ إلى منصات أخرى مثل “غوغل” أو “يوتيوب” أو غيرها، وهذا يؤدي إلى خسائر كبيرة جداً لـ”فيسبوك” على مستوى هذه الشركات الكبرى.

كما أشار ياسين إلى نقطة أخرى، وهي أن انخفاض مبيع الإعلانات الذي تحققه شركة “فيسبوك”، سيؤدي لانخفاض سعر أسهم الشركة في البورصة، وهذه خسارة جديدة.

وبحسب الناشط الفلسطيني، فإنه من ناحية ثالثة، فإن الإعلانات ذات الأسعار القليلة نسبياً للمشاريع المتوسطة والصغيرة، عندما تتراكم تسبب أيضاً خسارات بملايين الدولارات، فقد بدأ ملايين المعلنيين في العالم العربي بالتوقف عن الإعلان على “فيسبوك”، لأنهم يرون أن هذه المنصة ذات توجه معادٍ لتوجهاتهم الفكرية أو الوطنية أو الدينية والقومية، في ظل الحملة التي يشنها “فيسبوك” على الحسابات الداعمة للقضية الفلسطينية، وهذا ينعكس أيضاً على “انستغرام”.

وسيلة أخرى لجأ إليها الناشطون للضغط على “فيسبوك” و”انستغرام” لنشر الهاشتاغات المتعلقة بفلسطين، منها قيام المعلنين من أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، بتضمين إعلاناتهم المدفوعة بالهاشتاغات الفلسطينية، مثل #غزة_تحت_القصف #انقذوا_حي_الشيخ_جراح و#انتفاضة_القدس، مما أجبر “فيسبوك” على التوقف عن إغلاق الحسابات التي تستخدم هذه الوسوم.

كما اضطر “انستغرام” لسحب كلمة الأقصى من ضمن الكلمات الممنوعة لأن هذا الشيء أثر تجارياً على الشركة، بحسب ما أكد ياسين.

“فيسبوك” و”تيك توك” يجتمعان بـ”غانتس” لمناقشة المحتوى المتعلق بفلسطين

الوضع الحرج الذي وجدت شركة “فيسبوك” نفسها به، والذي أثر مباشرة على إيراداتها، دفع بـ”نيك كليج” و”جويل كابلان”، وهما من كبار المسؤولين في الشركة، إلى الاجتماع بوزير الأمن الإسرائيلي بيني غانتس، بالإضافة إلى مسؤولين تنفيذيين في شركة “تيك توك”، لمناقشة انتشار “المعلومات المضللة والتهديدات العنيفة على الشبكة الاجتماعية”، بحسب ما كشفت صحيفة “بوليتيكو” يوم الجمعة الماضي.

كما أكدت الصحيفة أن كليج وكابلان من “فيسبوك” سيلتقيان بالسلطة الفلسطينية الأسبوع المقبل، أيضاً لمناقشة الأمر ذاته.