الأخبارالأرشيف

هل التوقيت بقصد…المهم العبرة – عادل سمارة

يحتفل محور المقاومة وخاصة لبنان المقاوِم اليوم بانتصار حزب الله على الكيان الصهيوني وهو نصر أهم منه ما بعده بمعنى:

· لم يعد العدو يمارس حرب المتعة والنزهة والسلامة.

 

· ولم يعد الغرب كله، نعم جميعه، وخاصة أمريكا قادرين على العدوان نيابة عن الكيان،

· ولم تعد هناك منطقة رمادية في الموقف العربي رسمي او شعبي، حزبي أو انظماتي من المقاومة، إتضح كل شيء.

· ولم تعد الأنظمة هي التي تحدد فعالية الصد بل المقاومة.

ولكن، أثبتت تجربة سوريا في مواجهة عدوان صهيو-وهابي-غربي أن محور المقاومة لم ينسجم كما يجب بعد بل فيه اختلالات وتباينات وفي بعض الحالات عدم ثقة ببعض أطرافه وعلى الأقل للمدى المتوسط وهذا واضح في علاقات بعض قوى المقاومة إيديولوجياً مع تركيا وقطر وحتى مع السعودية والإمارات ، وبعض حلفاء حزب الله سياسيا ومن تحت الطاولة مع امريكا وحتى الكيان.

وإذا كانت الأنظمة وحتى حزب الله لا يذكر هذه الثغرات حفاظاً على حد أدنى من التماسك، فليس من حرجٍ علينا نحن من مواقع غير رسمية أن نذكر ذلك من أجل تأكيد استقلالية المثقف المشتبك عن أنظمة حتى لو كان مثقفها العضوي من جهة، ومن جهة ثانية كي يُساهم في استعادة الشارع العربي المفقود، ومن جهة ثالثة لرفع الغطاء عن مثقفين/ات يزعمون أنهم مع محور المقاومة لكنهم جوهريا مرتزقة مما يهدد بزيغهم ذات زمن.

توازياً مع يوم النصر تقوم أنظمة التبعية والدين السياسي بالتحضير للبيع المالي للقضية الفلسطينية سيراً على خطى الاستعمار البريطاني (وعد بلفور) حيث أن كل هذه الأنظمة لا تمثل حتى الشعوب التي تسيطر عليها فما بالك بفلسطين.

وهنا يجب التوضيح بأن لفلسطينيين دورهم في تقوية هؤلاء الأعداء إلى درجة قيامهم بالحرب ضد فلسطين والعروبة. فأية علاقة مع هذه الأنظمة هي تشجيع لها على العدوان خدمة لأسيادها وتفريطاً من فلسطينيين بالوطن نفسه. من هنا، فإن التطبيع مع هذه الأنظمة لا يقل خطورة عنه مع الكيان الصهيوني والأعداء الغربيين.

وإذا كان لا بد من البدء مجدداً، فإن تجربة المقاومة قد اثبتت أن القطيعة مع هذه الأنظمة ممكنة من جهة وواجبة من جهة ثانية، لا تكلف المقاومة جزءا من فعاليتها بل تشد عصبها النضالي والدعم الشعبي لها.

يجب أن نتذكر أن هذه الأنظمة حينما كانت تدفع، وبعضها يدفع اليوم، بعض المال للمقاومة كانت مدفوعة بأمرين متناقضين:

الأول: السماح الأمريكي بذلك لتخريب المقاومة من داخلها بالمال المسموم واستبدال البندقية بالبيروقراطية
والثاني: الخوف من سلاح المقاومة .

أما وقد تحولت معظم فصائل المقاومة الفلسطينية إلى الاستدوال وخاصة بعد أوسلو، فقد بقي السبب الأول وانتهى السبب الثاني بل تحول السبب الثاني إلى تقوية لهذه الأنظمة العدوة فاغتصبت قرار التفاوض الفلسطيني وها هي تحاول اغتصاب الوطن نفسه.

لقد أوقع الاستدوال النضال الوطني في فخ او مصيدة الحاجة للمال المسموم مما أدى إلى معادلة تصفوية مفادها: المزيد من الريع والمزيد من البيع!

أما والموقف اليوم لا يتسع للمجاملات والطبطبة، فإن كثيرا من الفلسطينيين لن يضعوا قدميهم في حالة إستعد. لا يستطيعون ذلك لا مصلحيا ولا من حيث التماسك النفسي والمعنوي.

وهذا يعني أن يبقى الارتكاز على:

· البطولات الفردية المقاوِمة ، ولو إلى حين، كروافع للنهوض الجماعي

· التنسيق مع حركات ثورية شعبية عربية

· عدم الكَلَلْ في تحريك الشارع العربي

· الوضع في الاعتبار بأن الحرب طويلة ولا بد من الصبر والمثابرة.

· مواصلة التحريض بالصد والضِد والضرب لجبهة الثورة المضادة بكافة الوسائل، اي الانتقال من الحديث المسحوت والحيادي عن ما يحصل إلى التحريض كما لو كان كل امرىء في حرب ضد الثورة المضادة.

· إن عدم التحريض هو تفريغ لشحنة التصدي.

وفي نفس الموعد، إن صح التقدير، يُصر العسكر في السودان على مواصلة تحويل الجيش إلى مرتزقة في خدمة أعداء العروبة ضد الشعب العربي في اليمن.وقد تكون المقارنة بسوريا هامة هنا وهي أقل ثروات من السودان، إلا أنها لم تستجدي بل الوحيدة التي وهبت تونس القمح حين لم يقدم أحد لتونس شيئاً.

هذه هي تركة حكم نظام الدين السياسي في الخرطوم الذي اضاع أيضاً نصف البلد تلبية لمطالب الصهيونية والغرب من جهة ومن جهة ثانية كي يبقى في السلطة ويفرض الشريعة في زمن يحتاج لتعديل كل شيىء حتى المناخ. هناك حيث الفقر والارتزاق رغم توفر كل ما يسمح للسودان بأن يكون بلد الفائض لا بلد الفقر والعجز. لقد بات واضحاً بأن انقلاب القصر في السودان هو محاولة إسعاف نظام الدين السياسي من جهة، ومواصلة اعتماد الثورة المضادة على مصرع الجنود السودانيين وارتكاب المجازر ضد الشعب العربي في اليمن لصالح انظمةوقوى دين سياسي من مقلب آخر.

ذلك لأن الثورة المضادة على يقين بأن اليمن يشكل قاعدة اساسية للنهوض العروبي من بوابته هناك ناهيك عن ثرواته التي ، لأسباب باتت واضحة، لم يتم استغلالها. ومع ذلك، وفي حين تتجمع أنظمة التبعية في البحرين خدمة للعدو، فإنها تتلقى ضربات موجعة من الثورة اليمينة رغم عسف العدو في تدمير البلد وقتل الشعب عشوائياً، مما يوضح بأن كفة القتال تنزاح لصالح الشعب العربي في اليمن.

يبدو أن المهمة أمام قوى الثورة في السودان لا تزال صعبة ولا بد من المواجة الشعبية وفرز قيادة كفؤة.

أما في الجزائر فلم تتضح الصورة بعد لاسيما وأن الشد والجذب متواصل بين قيادة الجيش الوطني الشعبي من جهة وبين ثلاثي الثورة المضادة: قوى الدين السياسي، واليسار الفرانكفوني وكتلة رأسمالية/لبرالية تبحث عن وراثة كتلة الفساد. وترفض كتلة الثورة المضادة هذه إجراء الانتخابات في الموعد الذي اقترحته قيادة الجيش بحجة عدم عزل الفئة الرابعة من بقايا النظام بينما، كما يبدو، تخشى هذه الكتلة من عدم فوزها في جولة الانتخابات مدركة كما يبدو ضعف شعبيتها مما دفعها للمناورة منذ بدء الحراك الشعبي. ولعل المفارقة كامنة في حقيقة أن أحزاب السلطة هي التي يجب أن تخشى الانتخابات طالما هي متهمة بدعم القشرة الفاسدة في السلطة السابقة! لذا، تُلمِّح الثورة المضادة بأن قيادة الجيش منحازة للنظام السابق بينما تطرح قيادة الجيش تشكيل هيئة محايدة للإشراف على الانتخابات. وكما يبدو، فإن أحزاب السلطة وكتلة الثورة المضادة تعانيان من أزمة.

وباختصار، تتنافس قيادة الجيش مع الكتلة المضادة على كسب ثقة الشعب الذي تحرك بذاته دون أن تقوده الكتلة المضادة. ويبدو أن الجيش بما قام به من تصفية رؤوس مواقع الفساد والارتباط بالأجنبي والنهب…الخ قد حقق تقدماً على صعيد كسب الشارع.

ولعل الغائب أو شبه الغائب هو عدم وضوح مطالب الشباب الذين تدفقوا إلى الشوارع دون التنبه إلى أن مصالحهم ليست فقط في الشغل بل في شغل ضمن مشاريع قطاع عام لا يضعهم تحت قيد استغلال راس المال مهما كانت توجهاته. ويبدو بأن هذا الإنفكاك بين الشباب وبين جزائر الثورة وما قبل رحيل بومدين هو الأمر الذي يجب إعادة تثبيته وصولا إلى بلد يعيش من إنتاجه وتتوزع ثروته على الشعب في توجه التنمية بالحماية الشعبية لا تركيع الشباب لأصحاب المال والأعمال.

نختم بالقول بأن هذه التطورات المتواقتة إيجابا وسلبا، هي المؤثرات الأوضح في الساحة العربية الراهنة. ومع ذلك، فإن محور المقاومة الذي لم يكن ذا حضور فعلي بالأمس قد اصبح اليوم في حالة التصدي والمواجهة .

يجب أن ننقل إلى الجيل الشاب اليوم بأن تجربة المقاومة والانتصار قد اسست لحدث هام ومفصلي في الوطن العربي والذي سوف يدركون آثارها أكثر مع كل فجر يوم جديد.

 

https://kanaanonline.org/2019/05/