الأرشيفعربي وعالمي

نورالدين عواد في مقابلة اذاعية فنزويلية

اتفاق اوسلو وتداعياته: نكبة بحق الشعب الفلسطيني وقضيته القومية

اجرت اذاعة فنزويلا الوطنية مقابلة هاتفية مع الرفيق نورالدين عواد (كوبا) يوم الخميس الموافق 4 يونيو 2015، وتحاورت معه بخصوص بعض القضايا التي تهم الشعب الفلسطيني وتثقل كاهله وتضع قضيته القومية امام خطر حقيقي يهدد بعواقب وخيمة.

(اجرى المقابلة الصحفيان شروق ورباد دقّة)

س 1. ما هو تعليقكم على الوضع الانساني والسياسي والجغرافي السائد في قطاع غزة؟

ج 1. بداية شكرا لكم على استضافتكم لي في برنامجكم الاذاعي.

قطاع غزة يعيش وضعا صعبا وكارثيا  منذ ان فرض الاحتلال الصهيوني عليه الحصار عام 2007. وكان السفاح الصهيوني ارييل شارون قد قام عام 2005، بعملية اعاد انتشار لقواته العسكرية المتواجدة آنذاك واجلاء22 مستوطنة تضم 7800 مستوطن من اراضيها، بهدف تقليل الخسائر البشرية في صفوف قواته ومستوطنيه وتحويل القطاع الى “غيتو” بالاحرى معسكر اعتقال كبير على العراء، يعيش فيه حوالي 1.8 مليون فلسطيني على مساحة 360 كم 2 ، في ظل ظروف معيشية جهنمية لا يتوفر لديهم الحد الادنى من المواد الغذائية والادوية وماء الشرب وبقية المتطلبات الحياتية الاخرى. كما حوّل الكيان الصهيوني القطاع الى حقل رماية بالذخيرة الحية والمحرمة دوليا باستمرار لا سيما عام 2008 ـ 2009، 2012 و 2014، حيث ارتكبت قواته العسكرية جرائم حرب سافرة لم يعاقب عليها بعد.

لقد حولت دولة اسرائيل الصهيونية القطاع الى جحيم حقيقي ولسان حاله يقول للفلسطينيين هناك: انتم محاصرون برا وبحرا وجوا دون معين، وحياتكم جحيم لا يطاق، فامامكم خيارات عديدة: تحمل عذاب الجحيم الدنيوي حتى الموت؛  الموت تحت قنابلنا وصواريخنا؛ الهجرة الى غير رجعة ( وهنا يجب ان لا ننسى دور الامبريالية الامريكية ومستعمراتها الكندية والاوروبية في تسهيل الحصول على بطاقات خضراْء وزرقاء للشباب الفلسطيني تحديدا) فالبحر المتوسط امامكم موتوا فيه مع غيركم من العرب الذين نحرق بلادهم؛ او ان تتوبوا عن المقاومة وترضوا بحياة الذل والخنوع (كي الوعي الفلسطيني)

وبالاضافة الى الحصار الصهيوني هناك ايضا الحصار البري المصري المفروض بحجج ودواعي امنية ويجب التذكير بالدور الامبريالي الامريكي في بناء جدار فولاذي باطني بعمق 22 متر وسمك نصف متر وطول عشرة كيلومتر على الحدود بين غزة ومصر، قام بتنفيذه ضباط سلاح هندسة الجيش الامريكي، لكي يحول دون الانفاق الشعبية الفلسطينية التي تستخدم عادة لادخال لوازم الحياة الاساسية الى سكانه.

ويرمي الكيان الصهيوني بذلك ايضا الى تكريس الانقسام السياسي والجغرافي والشعبي بين الضفة والقطاع ويستهزيء بالفلسطينيين الذين يريدون دولة!! ويقول لهم اصبح لديكم دولتان حماسستان وعباستان. طبعا الكيان يريد ابتلاع كل الارض الفلسطينية واستيطانه جار على قدم وساق في الضفة الغربية والقدس، ويريدها خالية من اهلها ويعمل على ذلك بشتى الاساليب.

س 2. في اليومين الاخيرين قامت اسرائيل بقصف غزة مجددا بذريعة اطلاق صواريخ على اراضيها انطلاقا من غزة على يد داعش، وانها تريد محاربة داعش، ما رايكم بالامر؟

 

ج 2. بداية الكيان الصهيوني ليس بحاجة الى ذريعة للعدوان على الشعب الفلسطيني والشعوب العربية منذ انشائه حتى الان. ومنذ ذلك الحين والى امد قريبن لم تكن داعش وغيرها موجودة اطلاقا لا في غزة ولا في الوطن العربي برمته.

الادعاء بمحاربة داعش واخواتها، هراء واستخفاف بعقول الناس. الدولة الصهيونية والامبريالية الامريكية والاردن وتركيا اردوغان والمشيخات والملكيات النفطية الرجعية في الخليج وتحديدا السعودية وربما غيرهم هي من انشات داعش وتمولها وتدربها وتسلحها وتقودها من اجل تدمير اسلام محمد والقومية العربية وامتها واي نفس تقدمي ثوري في وطننا. لم يحصل ابدا ان اطلقت داعش واخواتها طلقة واحدة ضد اسرائيل، بل العكس تتلقى منها دعما استخباريا ولوجستيا وطبيا وعسكريا في حربها ضد سوريا والعراق واليمن، فلماذا ستحاربها؟!

[اذا دخلت داعش الى غزة فلن يكون ذلك من اجل محاربة اسرائيل بل من اجل الانقضاض على المقاومة الفلسطينية المسلحة / اضافة].

س 3. اذا كان هذا هو الوضع فلماذا المفاوضات والمطالبة باستئنافها من قبل السلطة الوطنية الفلسطينية؟

ج 3. اتفاق اوسلو جاء بمثابة نكبة ثانية للشعب الفلسطيني وقضيته لا تقل خطورتها وتداعياتها عن نكبة 1948 التي افضت الى انشاء الكيان الصهيوني على حوالي 80% من فلسطين التاريخية وقتل الالاف من اهلها وطرد 850 الف مواطن.

اسمحوا لي بتوضيح مبدئي: سلطة اوسلو ليست سلطة وطنية  بل وحسب نص الاتفاق فانها سلطة فلسطينية اقامها مهندسو الاتفاق (وهم اعداء لدودون للشعب الفلسطيني وقضيته) وهي لا تحظى بتاييد او تمثيل كامل الوطن الفلسطيني ولا الشعب الفلسطيني لا سيما اللاجئين الذين يشكلون 66% من مجمل تعداده. يقولون وطنية للتضليل والخداع للايحاء بعكس ماهيتها. م ت ف الاصلية هي التي كانت الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، لكن منذ اقامة سلطة اوسلو تم تهميشها وابتلاعها من قبل السلطة ولا جدال في ذلك. وغير ذلك كلام حق يراد به باطل.

هذه النكبة تتمثل في ان قسم من حركة التحرر الوطني الفلسطيني هادنت واعترفت بشرعية وجود الكيان الصهيوني على ارض الوطن الفلسطيني وشطب مليون ونصف مليون عربي فلسطيني في ارض عام 1948، مما يعني استسلاما مخزيا وتنازلا مجانيا، وتفنيدا لكل الرواية العربية الفلسطينية عن الصراع في فلسطين وعليها. والانكى ان سلطة اوسلو وفرت منذ البداية الغطاء السياسي والشرعي والقانوني لاستمرار واستفحال الاستيطان الصهيوني في الضفة والقدس، حيث يوجد حاليا اكثر من 400 متوطنة واكثر من 700 الف مستوطن ونصف مليون قطعة سلاح حلابي بايديهم، مما سيفضي الى ابتلاع كافة الاراضي الوطنية التي من المفترض ان تقام عليها دولة زائفة، لا سيادة ولا استقلال ولا كرامة ولا هم يحزنون.

يوم 18 مايو 2015، اجرى تلفزيون الجنوب “تيلي سور” مقابلة مع وزير خارجية دولة عباسستان في رام الله، عرض خلالها امام المشاهدين تصريح من دولة الاحتلال الصهيوني لحضرته كي يتجول خلال شهر مايو في الضفة دون التوقف على نقاط التفتيش والسيطرة العسكرية، وامامي الان على شاشة الكمبيوتر اشاهد تصريح دخول ومبيت صادر عن الادارة المدنية الصهيونية لصالح “الرئيس الفلسطيني” محمود عباس يعود تاريخه الى يناير 2012 لمدة شهرين قابل للتمديد!! فاي رئيس هذا!!؟؟ واية دولة واي سيادة واستقلال؟؟!!

والمفاوضات لكسب الوقت للاستيلاء على الاراضي الفلسطينية وتهجير اهلها او ابادتهم.

س 4. أرايتم موقف جبريل رجوب في الفيفا؟

ج4. موقف رجوب ليس جديدا على سلوكيات سلطة اوسلو؛ هذه تصرفات مخزية حقا؛ قبله كان هناك تقرير غولدستون، محامي دولي اعده لمقاضاة دولة الكيان الصهيوني على جرائم حربها في غزة، ماذا كان موقف السلطة؟ سحبت التقرير ولم تقدمه الى الامم المتحدة بذرائع واهية. بالمختصر المفيد هذه سلطة اقيمت من اجل حماية دولة الكيان الصهيوني واحتلالها العسكري والامني للضفة والقدس، والتواطؤ معه ضد مقاومة الشعب الفلسطيني وقضيته القومية، ليس الا.

الاذاعة: شكرا جزيلا والى لقاء قريب.

كلمة اخيرة خارج المقابلة: ذكرت في مناسبات عديدة كتابة وقولا ان كوبا عانت في القرن التاسع عشر اثناء كفاحها المسلح التحرري ضد الاستعمار الاسباني، من “اتفاق زانخون فبراير 1878 ” مماثل لاوسلو الفلسطيني 1993، وفي التصدي له شمخ الثوار الحقيقيون ضده تحت شجرة مانغا واعلنوا على الملا “قسم باراغوا مارس 1878” ولم يخونوا ولم يستسلموا وواصلو الكفاح الذي اثمر بعد ثمانين عاما انتصار الثورة عام 1959. يعرض على شاشة التلفزيون المحلي بين الحين والاخر، فيلم رسوم متحركة يتطرق للموضوع وفيه يعرّفون اصحاب اتفاق زانخون على انهم “خونة ومرتزقة في خدمة العدو مقابل بيسو واحد يوميا”. يؤلمني كعربي فلسطيني وكانسان ان ينطبق هذا الوصف على اصحاب اوسلو، وآمل ان لا ينتظر شعبنا وامتنا ثمانين عاما لكنس اوسلو والاحتلال والاستيطان واستعادة الكرامة الادمية والوطنية وفلسطين العربية.

اترك تعليقاً