وقفة عز

صهيونيان وأنا وشالي الفلسطيني في مقهى أاوروبي

فلسطين معي أينما حللت

كنت أجلس اليوم في أحد المقاهي حين دخل المكان صهيونيان، رجل وبرفقته امرأة أو العكس. ليس هذا هو المهم… من كل الأماكن الفارغة في المقهى اختارا أن يجلسا بقربي. ولسوء حظهما ولحسن حظي أنني كنت أقوم بمراجعة ومشاهدة ملف صور عن الإرهاب الصهيوني بحق الأطفال الفلسطينيين، قدمناه في نشاطات ومعارض ولقاءات عديدة وسف نفعل ذلك مجددا مطلع العام الجديد 2020.

المرأة جلست على يميني والرجل جلس في الجهة اليسرى مقابلي.

يبدو انها تابعت معي تقليب الصور ومشاهدتها وتكبيرها وتصغيرها، غالبيتها صور مؤلمة، محزنة ومفجعة، تظهر دموية وهمجية وفاشية الصهاينة جنودا ومستوطنين وحتى أطفالا وشبيبة من الناشئين اليانعين.

سمعت تأففها رغم أنني أعاني من آلام في أذني اليمنى منذ إصابتي في حصار بيروت سنة 1982.

ربما هي وهو أو كلاهما كانا ضمن الجنود الصهاينة الذين غزوا لبنان وحاصرونا في بيروت لمدة 88 يوما صيف 1982.

يبدو أن التأفف والضيق نتجا بسبب متابعتها للصور التي كنت أعرضها على كمبيوتري المحمول. حوالي ١٠٠ صورة تدمى لها القلوب وتدمع الأعين. لكن قلوب الصهاينة لا تدمى وعيونهم لا تدمع على ضحاياهم. لقد اعتادوا لبس ثوب الضحية مع أنهم أسوأ جلاد شهدته البشرية.

المرأة تأففت ليس غضبا وألماً وحزناً بل ضيقا وغيظا وقهرا مني ومن الصور و المشاهد التي تفضح كيان احتلالهم المجرم، وتظهره على حقيقته، عاريا كما هو تماما.

ربما انها المرة الأولى التي تشاهد فيها صورا تكشف وحشية إخوتها وأخواتها من مجندات وجنود يهوشع وصهيون. فيهود الكيان الصهيوني يعيشون على اعلام العدو ولا يرون غيره والأكثر بشاعة أنهم يصدقونه ولا يثقون بغيره ولا يصدقون غيره.. إلا اذا استثنينا خطابات السيد حسن نصرالله وتصريحاته فهم يصدقونها ويثقون في مصداقيتها.. لقد جربوها واختبروها خلال سنوات طويلة.

تحدثا بالعبرية، طبعا لم أفهم شيئاً لكنني شعرت بضيقها الشديد. لم يبتسما أو يضحكا خلال حديثهما وجلوسهما بجواري ولو لمرة واحدة. هذا في المرات التي كنت ألقي عليهما نظارات سريعة وخاطفة، أما من خلف ظهري فربما فعلا ذلك، وربما قامت المرأة بتصويري أنا وصوري التي استفزتهما، دون أن أدري. لكن هذا لن يفيدها بشيء فلدي لديهم ألبومات من الصور، تظهر مراحل حياتي الاوروبية، الاسكندنافية على خط المواجهة معهم من سنة 2000 وحتى يومنا هذا. كما أنها تمتد من أوسلو حتى غالبية العواصم والمدن الأوروبية والعالمية، التي شهدت وتشهد نشاطات لأجل فلسطين.

شاهدت معي كل شيئ وأنا طبعا تعمدت الاطالة والاعادة كي تأخذ راحتها في المشاهدة وكي آخذ راحتي في رفع ضغطها.

تعمدت دخول موقع صحيفة (هآرتس) الصهيونية باللغة الإنجليزية وفيه مقالة لجدعون ليفي عن تعمد القناصين في جيش الاحتلال الصهيوني قنص تلاميذ المدارس الفلسطينيين في مخيم الجلزون. ومقالة أخرى لأميرة هاس عن ارهابهم، وثالثة عن لبنان والخ..

فجأة رن هاتفي فرددت باللغة البولندية حينها بدى لي أنهما ارتاحا قليلا ظنا منهما أنني بولندي.

ثم جاءتني مكالمة ثانية فتكلمت بالنرويجية وعلى اثرها دخلت موقع صحيفة (كلاسيكامبن) الشيوعية النرويجية، وأخذت أقرأ مقالة عن جماعة ناطوري كارتا اليهودية المعادية لوجود كيان الصهاينة. طبعا كانا يراقبانني وأنا أتظاهر بتجاهلهما.

بعد قليل جاءتني مكالمة من صديق فلسطيني فأخذت أتكلم بالعربية.. عندها غادرا المكان. وبقيت أنا وشالي الفلسطيني في المقهى.

أنا استخدم هذا الأسلوب في كل أوقاتي ويومياتي الأوروبية ومنذ وطأت قدماي أرض أوروبا وحتى يومنا هذا، وسأبقى استخدمه ما دمت حياً وحتى يحين موعد الرحيل. وأمل أن يفعل الشيء نفسه كل ملتزم بقضية فلسطين فعلا لا قولا فقط. مثلا دائما أحمل في حقيبتي علم فلسطيني والشال الفلسطيني أو أي شيء يرمز الى فلسطين ومعاداة الصهاينة مثل لصقات وصور (مقاطعة اسرائيل). استخدمهم بمناسبة وبدون مناسبة. لأن العين ترى فإما تفهم أو تفكر ثم تسأل كي تفهم. وهكذا نكتسب المزيد من الأصدقاء ونقلل من أعداد المحايدين أو الأعداء.

 

 

نضال حمد – اوروبا في 8-12-2019