الأرشيفوقفة عز

فلسطينيون من مخيم عين الحلوة عملوا في دور السينما بصيدا – نضال حمد

عندما نتحدث عن دور السينما في صيدا لا بد أن نتذكر الصفصافي “الشقور”  وإسمه حسين الزغموت، كان يعمل حتى وفاته لا أذكر أي سنة في سينما الحمرا بمدينة صيدا والتي كانت تقع وسط البلدة القديمة، التي عمرها آلاف السنين. في آخر زيارة ميدانية لي للبلدة القديمة في صيدا سنة 2018 ذهبت الى سينما الحمرا فوجدت مكانها منجرة. ربما أن الشقور رحمه الله هو الصفصافي الوحيد الذي عمل في هذا المجال. وأتمنى من أي شخص يملك معلومات لم أذكرها عن أشخاص من مخيمنا عملوا في دور السينما بصيدا أن يزودني أو تزودني بها.

هناك العديد من أبناء مخيم عين الحلوة عملوا في دور السينما في صيدا مثل بطل فلسطين في كمال الأجسام “سمير عويد” وهو من بلدة عمقا قضاء عكا، فقد عمل في سينما شهرزاد. التي كانت تقع بالقرب من مظعم البساط الشهير عند الشارة في صيدا. وبالقرب منها كان هناك كاراج سيارات صيدا دمشق ومقهى الزجاج. وكانت تقع بين سينما غرينادا وسينما هيلتون.

كذلك الأخوان المرحومان أبو محمد وأبو الوليد أيوب، اللذان عملا في سينما هيلتون وسينما ريفولي. وهما من بلدة الرأس الأحمر، يعني جيران الصفصاف في الجليل الأعلى بفلسطين المحتلة وأيضاً جيراننا بالمخيم في عين الحلوة منذ النكبة وبداية اللجوء بعد سنة 1948. ومن المؤلم جداً أنه لم يعد هناك وجود لدور السينما التي ذكرناها إذ تم اغلاقها تباعاً وفي سنوات لاحقة من بعد غزو لبنان سنة 1982. فمن آثار دور السينما المذكورة، يمكننا رؤية مكان سينما شهرزاد والذي يبدو أنه لازال مغلقاً ولم يتم استبذال اللوحة التي تحمل اسم السينما. لتبقى شهادة على التحولات في صيدا.

أما سينما غرينادا فكانت هذه السينما تقع بالقرب من القلعة البرية في صيدا، غير بعيد عن مدرسة الراهبات وساحة الشهداء الآن، وكان يقع مقابلها مستشفى الدكتور الانعزالي الكتائبي راشد الخوري، المستشفى الذي تحول في سنوات الحرب الأهلية اللبنانية الى مستشفى للهلال الأحمر الفلسطيني. كما أنه غير بعيد عنها كان هناك مستشفى د رمزي الشاب. تقع هناك أيضا طلعة الدخولية وما يعرف بالبوابة الفوقا ومقام لا أعرف لمن ومسجد لم سكتمل بناؤه منذ سنوات طويلة. وغير بعيد عنها  مقر التنزيم الشعبي الناصري وجبانة صيدا وكنيسة ومقر جمعية كاريتاس الخيرية.

سينما هيلتون الواقعة على مقربة من منطقة الاشارة في صيدا وكان بالقرب منها محل أبو عكر للفليبرز والألعاب والتسلية وغير ذلك. كما وكانت من دور السينما المحترمة وقد ترددت عليها في طفولتي وأذكر العم الراحل والجار الطيب أبو محمد أيوب وهو يعمل هناك. في بعض الأوقات كان يسمح لنا نحن أولاد الحارة بالدخول الى السينما لمشاهدة الأفلام مجاناً. لازلت احتفظ من تلك السينما بصورة لي وأنا عمرى 14 عاماً حين كنت أشاهد أحد الأفلام العاطفية المصرية من بطولة النجمة نجلاء فتحي والنجمين محمود عبد العزيز وحسين فهمي. وأذكر أن عنوان الفيلم كان “وداعاً للعذاب” وهو إعادة تقديم لفيلم النجمة الكبيرة فاتنة حمامة “أيامنا الحلوة” من عام 1955″. لم يتبقى من سينما هيلتون إلا إسمها المكتوب بخط كبير “سينما هيلتون” باللغتين العربية والانجليزية وقد قمت بتصويره خلال رحلتين لي الى كدينة صيدا اللبنانية في سنتي 2018 و 2019.

سينما ريفولي حيث كان يعمل العم الراحل أبو الوليد أيوب جارنا بالبلاد وفي عين الحلوة والذي كان في بعض الأوقات يسمح لنا بالدخول بدون تذاكر نحن أولاد حارته وجيرانه. هذه السينما تحولت الى محل لبيع الأحذية وربما الملابس. كنت كثير التردد على سينما ريفولي. وقد شاهدت مكانها وبوتيك الأحذية  خلال زياراتي الأخيرة الى لبنان. فتذكرت أيامي مع الأصدقاء في سينما ريفولي وعلى شارع السينما قرب كاراك سيارات أجرة مخيم عين الحلوة. ففي تلك المنطقة كنت مغامراً، حيث الأفلام والمغامرات الصبيانية والشبابية.

سينما الكابيتول أيضا شاهدت فيها أفلاما كثيرة لكن أقل من بقية دور السينما الأخرى. وهي كانت تقع قريب من البلدة القديمة والقلعة البحرية وفي مقابلها كنيسة لازالت موجدوة لغاية يومنا هذا وخلفها أحد أعرق واقدم مساجد مدينة صيدا. هناك أيضا بالقرب منها أسواق كثيرة منها سوق الخضار والسمك والتوابل والحبوب والفاكهة والملابس والمجوهرات والخ. وقد عملت في العطلة الصيفية المدرسية أنا وصديقي الراحل عامر خليل – أبو رامي- في ملحمة أبو رجب بالقرب من المسجد المذكور والتي كانت تقع في السوق خلف السينما. كان المرحوم عمي علي حمد – أبو حسين- هو الذي أمن لنا هذا العمل عند المرحوم أبي رجب. سنة 2007 مررت أنا وعامر رحمه الله قرب المرحومة سينما الكابيتول حيث كنا نشاهد الأفلام في صغرنا، فلم نجدها. وسرنا باتجاه الملحمة فلم نرى أي شيء يدل على وجود الملحمة، بل وجدنا محلاً لبيع الألعاب وأشياء أخرى مع بقاء الاسم ملحمة أبو رجب. خبرني عامر أن أبا رجب توفي من سنوات وأن أولاده استلموا من بعده وغيروا معالم المكان.

سينما الحمرا وهي السينما التي كان اسمها سابقاً سينما أمبير، عمل فيها المرحوم الشقور وكانت أكثر سينما ترددت عليها وشاهدت فيها الأفلام بكل أنواعها تقريباً. لكثرة ترددي عليها أنا وصديق آخر يدعى أيضا نضال (لا أريد ذكر إسمه العائلي لأسباب خاصة)، أطلق علينا الأصدقاء لقب “حمرا”، حتى أنني في حصار بيروت سنة 1982 كتبت ونشرت في مجلة المعركة التي صدرت عن اتحادات كُتاب وصحفيي فلسطين ولبنان والعرب، مقالتين أو ثلاثة بإسم حمرا. وفي الختام رحم الله من عملوا هناك فستبقى ذكراهم حاضرة كما ذكرى دور السينما التي ذكرتها في حديثي اليوم.

نضال حمد في 19 آب – أغسطس 2021