الأرشيفوقفة عز

في ذكرى سقوط الصفصاف ومجزرتها -1- نضال حمد

يوم 28 تشرين الأول تحل الذكرى الرابعة والسبعون لمجزرة الصفصاف وسقوط البلدة بأيدي الغزاة الإرهابيين. بهذه المناسبة سأنشر وأعيد نشر بعض الموضوعات عن أهل البلدة. غالبية الموضوعات كان الفيسبوك شطبها وحجبها. سوف أقوم في بعض الحالات مثل هنا في هذه المقالة بالتلاعب بالاسماء والكلمات كي لا يقوموا بشطب المقالة.

المرحومة فاطمة سويد

بداية أحب أن أقول أن اسمها فاطمة سويد وربما هي من منطقة السويداء في سوريا، حث كانت هناك علاقات جيدة بين أهل الصفصاف وأهل السويداء وربما بعضهم تعود جذورهم الى السويداء. أم سعيد المرأة الصابرة عاشت زاهدة وصابرة وصامدة طيلة سنوات اللجوء والتشرد في المخيم .. عملت وجدت وكدت كيّ تعيل إبنها سعيد (الثلجة) لا أعرف من أين جاء هذا اللقب… ثم بعدما قُتِل إبنها سعيد في غابة السلاح أيام الفصائل الفلسطينية قامت بتربية ورعاية أطفاله .. فيما بعد مضت بقلب أبيض وسيرة بيضاء… مضت إلى سِتنا فاطمة الزهراء وسِتنا مريم العذراء.

حسنه الزنوب وفاطمة الثلجة

فاطمة الصفصافية إبنة السويداء

قضت حياتها في مخيم عين الحلوة بعدما لجأت مع المرحوم زوجها إلى لبنان في أعقاب احتلال العصابات اليهودية المسلحة لفلسطين. ترك الغزاة آثاراً جارحةً وآلاماً صعبة في نفسها وفي أنفس كل أهالي الصفصاف. فقد ارتكبوا مذبحة، فقتلوا الأبرياء وأعدموا الجرحى ونهبوا المحاصيل والبيوت، كما وقاموا بالاعتداء على أهل الصفصاف جسدياً ونفسياً وعلى آخرين وأخريات يوم احتلوا بلدة الصفصاف في 28-10-1948.

بقيت منذ النكبة سنة 1948 في المخيم حيث توفي زوجها الذي كان يعيل العائلة الصغيرة والفقيرة. فأجبرها القدرعلى العمل لإعالة وتربية طفلها الوحيد (سعيد الثلجة). ربته وكبر في ظروف قاهرة وصعبة بالمخيم، صار شاباً.

سعيد الشاب الطويل، البشوش، أتذكره كأنه أمامي الآن، شاب طويل القامة، نحيف الجسد، بشوش وسعيد.. إلتحق بالفدائيين الفلسطينيين، ثم قتل غدراً، فسقط شهيداً قبل أن تصل قدماه تراب فلسطين. كان إسمه “سعيد” وهي كلمة باللغة العربية مشتقة من السعادة. ومع هذا فلا هو ولا أمه ولا أطفاله عاشوا سعداء بل عاشوا فقراء، بؤساء، لكن بكرامة وحياء.

بعد استشهاد إبنها “سعيد”عاشت حزينة وصابرة وصامدة في بيتٍ صغيرٍ في المخيم. في حارة الصفصاف حيث أقارب وأهل بلدة زوجها.

كنت في طفولتي وصباي أراها كل يوم وأنا ذاهب الى المدرسة وعائد منها الى البيت. كانت توقفنا “نحن الأطفال” وتقول لنا: “عليكم أن تتعلموا وتنجحوا وتكبروا وتقوموا بتحرير فلسطين “.

صورتها مع القطة الجميلة لازالت منذ طفولتي في المخيم عالقة في ذهني وحاضرة أمام عيني، لأنها صورة لعدد لا بأس به من ختايرة وعجائز مخيمنا ومخيماتنا الفلسطينية في لبنان.

يا فاطمة!.. يا أم سعيد الشهيد!

سوف نعيد رفاتك أنت وزوجك وإبنك سعيد وكل الفلسطينيين الذين استشهدوا وقتلوا وماتوا في الشتات وفي المخيمات خارج فلسطين، سنعيدها كلها الى فلسطين كلها يا أم سعيد لتدفن مع الأباء والأجداد في الصفصاف، هناك تحت تراب الجليل الفلسطيني.

نضال حمد – 13-10-2022