الأرشيفوقفة عز

 الشهيد ممدوح قلعة الشقيف – نضال حمد

ممدوح قلعة الشقيف

الى الشهيدين أبو عذاب وممدوح ياسين وكل شهداء ملحمة قلعة الشقيف 1982.

مع بداية الغزو الصهيوني كان رفاقنا من مجموعة تابعة لجبهة التحرير الفلسطينية يرابضون منذ سنوات في موقع عسكري يقع على سفح قلعة الشقيف. في الموقع المذكور كانت ترابض مجموعة من الرفاق بقيادة الشهيد فيما بعد الرفيق ممدوح ياسين، بطل أبطال تلك المجموعة الفدائية. أذكر الآن من الفدائيين الذين كانوا برفقة ممدوح الرفيق الشهيد فيما بعد أبو عذاب، استشهدا معا ضمن المجموعة الفدائية المشتركة التي سطرت ملحمة قلعة الشقيف وحصارها الشهير مع بداية الغزو الصهيوني للبنان في حزيران- يونيو 1982. حيث تركز الهجوم الصهيوني في بداية الأمر على قلعة الشقيف والمواقع الفدائية المحيطة بها. فتعرضت تلك المناطق لآلاف القذائف والصواريخ ولغارات جوية لم تتوقف لا ليلا ولا نهارا واستمرت على مدار اأسبوعين هما عمر صمود الفدائيين البواسل في قلعة الشقيف.

في داخل القلعة كانت توجد مجموعات تابعة لحركة فتح وبالذات للكتيبة الطلابية نخبة وصفوة الحركة في ذلك الوقت من الزمن الفلسطيني. في ذلك الوقت أيضا كان يقود تلك الوحدات الشهيد فيما بعد علي أبو طوق (موجود أيضاً في الصورة المرفقة مع المقالة).

التقينا بالأخ علي يوم السادس من حزيران في كفر تبنيت وهو اليوم الأول لبدء المعركة، حيث كنا في طريقنا لتفقد وزيارة الفدائيين ومواقع الجبهة والثورة في القلعة. فقد أصر الرفيق الأمين العام طلعت يعقوب، منذ انطلقنا من الفاكهاني في بيروت تحت القصف، على التوجه الى قلعة الشقيف والنبطية ومن ثم صور وصيدا وعين الحلوة. كانت الطرقات والمنطقة كلها من بيروت حتى كفر تبنيت في ذلك الوقت تتعرض لقصف عنيف جدا، حيث اندلعت الحرائق في مناطق مختلفة، وحيث عم الدمار والخراب على الشوارع وفي الطرقات.

في تلك اللحظات بالذات كانت المفاجئة كبيرة للأخ علي أبو طوق حين رأى في السيارة الرفيق القائد الشهيد فيما بعد، طلعت يعقوب أمين عام جبهة التحرير الفلسطينية، الذي سلم عليه وأخذ يتحدث معه ويسأله عن الوضع في القلعة وجوارها. أخبرنا الشهيد أبو طوق أن العدو يحاول التقدم نحو القلعة وأن القصف هناك شديد جداً والمواجهات ضارية. وأنه لا يمكننا الذهاب الى هناك بأي شكل من الأشكال. ثم قال موجهاً كلامه للرفيق أبو يعقوب ” أرجوكم عودوا فوراً الى بيروت، بقاؤكم هنا فيه خطر على حيواتكم).

بالمناسبة لقد كان الشهيد القائد طلعت يعقوب فدائيا صعب المراس ومقاتلا شجاعاً وإنساناً مخلصاً لشعبه ولقضيته ولرفاقه المقاتلين. لم نستطع كلنا إقناعه بالعدول عن التوجه الى النبطية والقلعة. هذا يدل على أنه كان قائداً فدائياً مضحياً مثله مثل رفاقه الفدائيين والمقاتلين في قلب المعركة. لقد تكررت معه ومعنا مثل تلك القصص طيلة أيام المعارك والمواجهات والقصف اثناء حصار بيروت صيف سنة 1982.

في ذلك الوقت الذي كانت تحسب ساعاته بالدماء والتضحيات كان القائد المباشر لفتح في القلعة، الأخ الشهيد فيما بعد أبو الفدا، الذي يظهر في الصورة الخاصة، التي التقطت لأبي عمار مع عدد من المقاتلين في القلعة. المقاتلون الذين دافعوا عنها واستشهدوا كلهم بعد تكبيد العدو خسائر بليغة جعلت مناحيم بيغن يعود من زيارته الى القلعة بعد سقوطها كئيباً وحزينا، ليبقي كذلك حتى وفاته غير مأسوف عليه.

في الصورة أيضا  يظهر الشهيد ممدوح ياسين ورفيق آخر من مجموعة جبهة التحرير الفلسطينية لازال على قيد الحياة. هي صورة تاريخية بكل معنى الكلمة. لأنها التقطت سنة 1981 قبل الغزو الصهيوني للبنان بشهور. للأسف يظهر فيها أيضا الحاج اسماعيل الذي فر من أرض المعركة، مدعياً أنه تلقى برقية من القائد العام ياسر عرفات تأمره بالانسحاب. لكنه لم ينشر تلك البرقية في أي وقت منذ فراره. بنفس الوقت لم يقم ياسر عرفات ولا قيادة فتح بتكذيب أقوال وادعاءات الحاج اسماعيل. ربما يكون هذا هو الدليل على صحتها. فأحتضانه من قبل قيادة فتح وياسر عرفات بالذات ليس أمراً عادياً. في هذه الأوقات الأوسلوية فلسطينيا يحمل الحاج اسماعيل جبر أعلى رتبة عسكرية فلسطينية، وهو الآن عضو في اللجنة المركزية لفتح. بينما لا أحد يتحدث عن العقداء عطية عوض وبلال الأوسط وعبدالله صيام، أبطال المعارك تلك، الذين صمدوا وأوقعوا الخسائر الكبيرة بالصهاينة الغزاة.

في تبادل الأسرى وجثامين الشهداء الذي أجراه حزب الله قبل سنوات تم تحرير جثامين شهداء كثيرين ربما كان من بينهم بعض شهداء القلعة. لست متأكداً من ذلك. لكن الذي أنا متأكد منه أن رفات ثلاثة مقاتلين من جبهة التحرير الفلسطينية مع بطاقاتهم العسكرية عثر عليها اثناء الحفر في قلعة الشقيف ثبل سنوات. كان من ضمنهم الشهيد ممدوح ياسين قائد المجموعة الفدائية الجبهوية. وربما يكون الثاني هو الرفيق الشهيد أبو عذاب والثالث لا أذكر من هو.

في زمن البهدلة والخزي والعار والخيانة والعمالة والتطبيع والتنسيق الأمني.. وفي زمن إنهيار قيّم ومنظومات وأخلاق ومبادئ وثوابت الفصائل الفلسطينية تباعاً..

حيث من الفصائل هناك من نسيوا سنوات الشموخ والتحقوا بالقيادات المسوخ. ومنهم من يتاجر بأسماء وتضحيات وتاريخ تنظيمات سقط فيها شهداء عظام.

في مثل هذه الأوقات يا رفيقنا ممدوح أود أن أطمأنك الى أن رفاقك الأوفياء، رفاق طلعت يعقوب وأبو كفاح فهد وكل الشهداء، لازالوا على العهد والوعد ولم يبدلوا تبديلاً. فنم أنت ورفاقك قريير الأعين لأننا سنواصل العمل من أجل مستقبل أفضل لشعبنا، ومن أجل العودة والتحرير… سنعمل من أجل تنظيف البيت الفلسطيني من وسخ المرحلة .. ومن أجل عودة الهيبة للفدائي وللثورة.

المجد والخلود للشهيد ممدوح ياسين ولكل شهداء ملحمة قلعة الشقيف

المجد والخلد لكل شهداء شعبنا وثورتنا وأمتنا وقضيتنا.

نضال حمد

24-2-2021