الأرشيفعربي وعالمي

الحكومة الصهيونية بأبعادها العنصرية ومخاطرها – أكرم عبيد

 

على المنطقة بشكل عام وعلى القضية الفلسطينية بشكل خاص

 ( لا صهيونية دون استيطان ولا دولة يهودية دون طرد الفلسطينيين ومصادرة أرضهم وتسييجها )              

        عن صحيفة يدعوت احرنوت الصادرة بتاريخ 14/7/1972

في اللحظة الأخيرة من الموعد المحدد استطاع نتنياهو تشكيل اخطر حكومة في تاريخ الكيان الصهيوني اقتصرت تشكيلتها على عتاة اليمين الصهيوني المتطرف من الأحزاب القومية والدينية الأشد عنصرية مع العلم أن هذه التشكيلة اختلفت مع الانطباعات التي تبلورت في أعقاب الإعلان عن نتائج الانتخابات عندما سجل معسكر اليمين تقدماً بلغ 67 مقعداً بالإضافة إلى نجاح نتنياهو في زيادة مقاعد «الليكود» إلى 30 عضواً.

وقد أكدت بعض المصادر الخبيرة في شؤون العدو الصهيوني أن هذه التشكيلة تمت بلورتها من خلال الصفقات بين نتنياهو وبعض الأحزاب الصهيونية اليمينية المتطرفة وخاصة بعدما رفض رئيس “إسرائيل بيتنا ” أفيغدور ليبرمان ” مما اضطر نتنياهو إلى التنازل أمام رئيس «البيت اليهودي»، نفتالي بينيت الذي لم يكن من دون تأييده قادراً على تشكيل حكومته التي لم تكن بمستوى الطموح خصوصا أنها جاءت على عجل حتى لا يخسر نتنياهو فرصة تشكيل الحكومة مع اقتراب انتهاء المدة الثانية المحددة من جانب ما يسمى رئيس الدولة .

وبالرغم من هذا التقدم سيبقى رئيس الحكومة الصهيونية الجديدة نتنياهو عرضة للابتزاز من قبل الأحزاب المشاركة في هذا الائتلاف الحكومي الهش والقابل للتفكك والانهيار في أي لحظة إذا لم يستجيب لطلباتهم الابتزازية لأن كل عضو كنيست من أعضاء هذا الائتلاف الحكومي قادراً على إحداث أزمة ائتلافية عبر التهديد بالتصويت لصالح المعارضة لحجب الثقة عن الحكومة أو لصالح قانون حل الكنيست نفسه بما يؤدي إلى انتخابات مبكرة وهذا يتعارض مع مصالح نتنياهو الذي يراهن على قدر كبير من استقرار الحكومة على الصعيد المنظور انطلاقا من الانسجام بين أطرافها الذين يلتقون في الخطوط العامة سواء في السياسة الخارجية أو الداخلية.

وذكرت بعض وسائل الإعلام الصهيونية أن الرئيس الأميركي باراك اوباما رحب بتشكيل الحكومة الصهيونية الجديدة برئاسة نتنياهو مع العلم أن هذه الحكومة قد لا تكون مريحة سواء للولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي كونها تتسم بالتشدد السياسي إزاء المسار التفاوضي الفلسطيني .

لذلك ليس غريباُ ولا مستغرباً على حكومة مجرمي الحرب الصهاينة اليمينية بقيادة النتنياهو المنسجمة مع أهدافها العنصرية أن تعلن جملة مواقف  أكثر عنصرية وشوفينية في تاريخ الكيان المصطنع والتي تمثلت في رفض مبدأ عملية السلام العادل والشامل مع العرب بشكل عام ومع الطرف الفلسطيني المفاوض بشكل خاص  وعدم الاعتراف بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس والتأكيد  على ما يسمى ( حق إسرائيل في الوجود ) ويهودية الدولة القومية بسكانها اليهود بالإضافة لضمان استمرار العمل في الاستيطان على قاعدة التهام المزيد من الأراضي الفلسطينية المحتلة لبناء أو توسيع المستوطنات في محاولة رخيصة لاستنهاض شعبية اليمين العنصري الصهيوني .

وهذا ما يثبت أن هذه التشكيلة الحكومية الصهيونية الجديدة بقيادة نتنياهو الذي يتعمد استخدام أسلوب المناورة المكشوفة بعد إطلاق العنان لتصريحاته النارية التي تتعارض مع المشروع الأمريكي لحل الدولتين و توصيل رسائل مهمة لعدة دول وفي مقدمتها  لإدارة الأمريكية والإتحاد الأوروبي والأنظمة العربية المعتلة ولقوى الصمود والممانعة العربية والمقاومة أكد من خلالها أن أي مشروع للسلام في الشرق الأوسط يجب أن يراعي المصالح الصهيونية الإستراتجية وفي مقدمتها الأمن القومي الصهيوني أولاُ وبالرغم من هذه التصريحات فإن هذه التشكيلة الحكومية ما زالت تفتقد للحد الأدنى من الشعبية الصهيونية والثقة الدولية بالرغم من حصولها على ثقة الكنيست بأغلبية قليلة وربما تسقط خلال مدة قصيرة لعدة أسباب من أهمها :

سياسة التشدد والعنصرية التي تتميز بها هذه الحكومة التي ستتسبب بفرض عزلة دولية عليها ستنعكس تداعياتها السلبية على الاقتصاد الصهيوني الذي سيواجه مأزق حقيقي وخاصة بعد تعاظم الخلافات مع الإدارة الأمريكية .

ومن جانب أخر ستعمق هذه الحكومة الصهيونية المأزق الأمني للكيان الصهيوني بعد توقيع الاتفاق النهائي بين السداسية الدولية والجمهورية الإسلامية الإيرانية وخاصة لما يمثله الملف النووي الإيراني من هواجس حقيقية للتجمع الصهيوني المصطنع في فلسطين المحتلة بالإضافة لترسانة حزب الصاروخية شمال فلسطين المحتلة وما يحققه إلى جانب الجيش العربي السوري من انتصارات على العصابات الوهابية التكفيرية من القاعدة وأخواتها الدواعش وخاصة بعد حسم معركة القلمون على جاني الحدود السورية اللبنانية وحصار العصابات في جسر الشغور كمقدمة لحسم المعركة في ادلب ومن جانب أخر المشاكل الأمنية المفتوحة من قطاع غزة إلى الضفة الغربية المحتلة وخاصة في القدس المحتلة مرورا بالإشكالات الأمنية على امتداد الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948.

أما السبب الأهم والذي قد يشكل صفعة قوية لحكومة نتنياهو الجديدة وهو مطالبتها من قبل بعض حلفاء للكيان الصهيوني الدخول في مفاوضات فعلية للاتفاق على إطار زمني لإعلان الدولة الفلسطينية .

 وفي الحقيقة إن جملة هذه الملفات الصعبة التي ستواجه حكومة نتنياهو الجديدة ربما تدفعها إلى الفشل والانهيار السريع وفي حال لم تنهار سيدفع التجمع الصهيوني داخل الكيان الثمن غالياً بسبب نزعتها العنصرية اليمينية المتطرفة ومغامرتها الجنونية التي ستنعكس بدورها على البلدان المجاورة للأراضي الفلسطينية المحتلة وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني من قطاع غزة المحاصر إلى الضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس مروراً بمواطني الأراضي المحتلة عام   1948الذين سيتعرضون لهجمة عدائية عنصرية شرسة من قبل هذه الحكومة العنصرية اليمينية المتطرفة وقطعانها الاستيطانية .

وبالرغم من هذا التقدم الذي أنجزه نتنياهو في تشكيل الحكومة اليمينية الضيقة فإنه يتطلع لتوسيع القاعدة الحكومة النيابية للتخلص من سياسة الابتزاز التي سيتعرض لها .

وانطلاقا ً من هذه القاعدة أكد مصدر سياسي ليكودي صهيوني لصحيفة  ” هآرتس ” إن نتنياهو لم ينجح في تشكيل حكومة بل حصل على مهلة إضافية لتشكيل حكومة أخرى   وتوسيع الائتلاف الحكومي من خلال اتصالات سرية كانت تجرى طوال الوقت بين المؤيدين لحكومة وحدة من «الليكود» و«المعسكر الصهيوني»، لكن الأخير وضع عدة شروط للانضمام إلى الحكومة، بدءاً من تجديد المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، مروراً بإخراج «البيت اليهودي» من الائتلاف، وصولاً إلى بناء منظومة منظمة ومتفق عليها لقيادة مشتركة للحكومة بين نتنياهو وهرتسوغ، فضلاً عن الدعوة إلى تناوب جزئي على منصب رئاسة الحكومة بالرغم من تعهد  رئيس ” المعسكر الصهيوني ” إسحاق هرتسوغ بعدم مساعدة نتنياهو على الخروج من أي مأزق وقال ” لن أكون دولاباً خامساً في حكومته”. وأكد هرتسوغ أن حزبه سيبقى في صفوف المعارضة ليعمل منها ضد حكومة نتنياهو الجديدة بهدف إسقاطها.
ومن جهتها أكدت تسيبي ليفني أن حزبها سيناضل من أجل مبادئه من صفوف المعارضة ولن ينضم إلى الحكومة الجديدة.

وفي الحقيقة لم يستسلم نتنياهو لهذه العقبات بل يتطلع لاستحضار سيناريو لطرق أبواب ” يش عتيد ” برئاسة يائير لابيد الذي يملك 11 عضو كنيست الذي سيطالب بثلاث حقائب وعلى رأسها وزارة الخارجية. لكن الأخير قد لا يوافق على المشاركة في مثل هذه الحكومة باعتبار أن ذلك سيشكل انتحاراً سياسياً وشعبياً له.


من جهة أخرى تستعد إدارة الائتلاف الحكومي لطرح مشروع قانون على الكنيست يوم الاثنين المقبل ينص على تعديل قانون أساس الحكومة بهدف زيادة عدد الوزراء من 18 إلى 22 وزيراً، وزيادة عدد نواب الوزراء من أربعة إلى 6 وهو ما قد يشير إلى نية نتنياهو توسيع الائتلاف الحكومي لاحقاً.

لذلك فقد ترافق تشكيل نتنياهو لأخطر حكومة عنصرية يمينية متطرفة للاحتلال الصهيوني مع الذكرى السابعة والستين للنكبة في الخامس عشر من عام 1948وهنا لا بد من التنبيه من المخاطر الجدية التي تتهدد المنطقة بشكل عام والقضية الفلسطينية والحقوق الوطنية والتاريخية للشعب الفلسطيني بشكل خاص والعودة للأصول في الحوار الوطني الحقيقي بعيدا عن التدخلات الخارجية المعادية لشعبنا لردم هوة الانقسام ورفع الحصار الظالم عن قطاع غزة المقاوم وإعادة ما دمره مجرمي الحرب الصهاينة والعودة للوحدة الوطنية الحقيقية في خندق المقاومة والصمود والممانعة لمواجهة الاحتلال الصهيوني واستعادة م ت ف لخطها الوطني المقاوم وإعادة بناء المرجعية الوطنية على قاعدة انتخاب أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني في الداخل والخارج وإعادة صياغة البرنامج الوطني الفلسطيني على أسس وطنية مقاومة وبمشاركة جميع الفصائل والقوى والفعاليات الوطنية لضمان استمرار مقاومة الاحتلال حتى دحر المشروع الصهيوني واستعادة كامل حقوقنا الوطنية والقومية العربية المغتصبة وفي مقدمتها حق العودة لكل اللاجئين والنازحين وتقرير المصير وبناء الدولة الفلسطينية على كامل التراب الوطني وعاصمتها القدس .

اترك تعليقاً