الأخبارالأرشيفوقفة عز

الرفيق علي اسحق وذكريات من حصار بيروت 1982- نضال حمد

يحضرني الآن مشهد غير عادي، حصل في الفاكهاني، في مثل هذه الأيام من صيف بيروت الحصار سنة 1982. حيث كنت متوجها الى مكتب عمليات جبهة التحرير الفلسطينية، تاركاً خلفي في حي السبيل، مكتب الرفيق القائد الشهيد طلعت يعقوب، الأمين العام للجبهة.

التقيت فجأة وسط الدمار والدخان والقصف الشديد، بالرفيق أبو دنيا يسير وحده على الشارع الفارغ، حيث لا أحد، سوى بعض المقاتلين خلف المتاريس وفي مداخل العمارات والبنايات الفارغة أيضا من معظم سكانها.

كان هادئا كعادته، غير مبالي بما يجري، كأنه اعتاد على يوميات الحصار، وكأن السير تحت القذائف وتحت سماء تحتلها الطائرات الحربية الصهيونية صار شيئا عاديا.

هذا يدل على أنه كان شخصاُ شجاعاً لا يأبه بالحصار. والحقيقة تقال أن الرفيق علي اسحق الذي كان في تلك الحقبة من الزمن عضوا في المكتب السياسي للجبهة، هو بالفعل رجل شجاع، له موقفه وكلمته. سواء اختلفنا أو اتفقنا معه في بعض الأمور والطروحات والتوجهات.

ربما هو أيضاً تفاجئ بي لأننا في تلك اللحظة، كنا الشخصين الوحيدين على الشارع الخطير، الذي ربما يقصف في أي لحظة من البر والبحر والجو، لأنه كانت تتواجد عليه مجموعة من الأماكن والبيوت والمقار المغرية للصهاينة. فهناك كان يوجد منزل الرئيس الراحل ياسر عرفات، ومقر جبهة التحرير ومقر جبهة النضال ومنزل الشهيد القائد أبو العباس، ومقرات ومنازل أخرى.

بعد السلام والتحية ..

سألني ماذا تفعل هنا؟

قلت له أنا في مهمة تنظيمية.

قال أين الرفيق أبو يعقوب؟

قلت له: أعتقد أنه في غرفة العمليات المستحدثة في البربير قرب المتحف.

وسألته بدوري لماذا تجازف بالسير وحدك وتحت القصف يا رفيق؟

قال لا توجد مجازفة فالقصف حيثما تولي وجهك .. وأنت تعرف ذلك ..

انتهى الحديث السريع بيننا …

تابع هو سيره في الاتجاه المعاكس نحو حي السبيل وتابعت أنا مسيري نحو المدينة الرياضية.

بعد سنوات طويلة عدت والتقيت بأبي دنيا في لبنان وسوريا والأردن .. في الأردن التقيت به في منزله بعمان سنة 2015. وفي لبنان كان آخر لقاء جمعني به العام الفائت في منزل الرفيق القائد علي عزيز – أبو باسل – الناطق الرسمي لجبهة التحرير الفلسطينية، وبحضور القيادة المركزية للجبهة وعدد من كوادرها في ساحة لبنان. كنت يومها انا والرفيق والصديق المناضل عبد القادر السيد، نقوم بزيارات للرفاق والأصدقاء. بعد اللقاء المذكور دعانا الرفيق والصديق العزيز محمد ياسين، مسؤول الجبهة في ساحة لبنان الى منزله، حيث بالإمكان اعتبارها آخر جلسة جمعتني والرفيق أبو دنيا رحمه الله.

حرص علي اسحق على تأكيد موقف القيادة المركزية لجبهة التحرير الفلسطينية في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية. مما أزعج محمود عباس وفي احدى المرات وردا على موقف علي اسحق، قام أبو مازن بوقف تسديد ايجار سكن أبو دنيا مع أنه عضوا في اللجنة التنفيذية للمنظمة.

صحيح أن علي اسحق كان قليل الكلام لكنه كان شجاعا وصادقا وحازما وصاحب موقف حين يتكلم.

في مسرحية المجلس الوطني الأخير تخلص عباس من علي اسحق وغيره من أعضاء اللجنة التنفيذية وجاء بلجنة تناسب ذوقه الانهزامي الاستسلامي.

فهنيئا له ولجوقته بلجنة لا تمثل شعب فلسطين. وهنيئا لعلي اسحق بوسام شرف جديد ناله عن جدارة.

وكالة وفا الفلسطينية التي تعتبر وكالة للسلطة الفلسطينية نشرت اليوم حبرا عن وفاة علي اسحق، يدل على ارتهانها لعباس وسلطته وعدم مصداقيتها.

صيغة الخبر، فيها تجاهل تام لمنصب علي اسحق كأمين عام لجبهة التحرير الفلسطينية. انظروا الى ما جاء في خبر وفا:

( وفاة عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير السابق علي اسحاق
رام الله 3-7-2019 وفا- توفي، الليلة الماضية، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية السابق علي اسحاق.

وشغل المناضل اسحاق العديد من المواقع القيادية منذ انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة، وكان مؤسسا وقائدا في جبهة التحرير الفلسطينية، التي مثلها في العديد من المواقع والمحطات النضالية والساحات المختلفة، من أجل حرية واستقلال شعبنا ونيل حقوقه بالعودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.

وسيشيع جثمان الراحل اسحاق يوم غد الخميس في مدينة رام الله.).

علي اسحق شركسي فلسطيني، والده شهيد. كتب القصة القصيرة في بداياته وعمل في الاعلام المركزي لجبهة التحرير الفلسطينية، وكان رئيس تحرير مجلة الأفق، وتبوأ مناصب عديدة هامة في الثورة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية.

أرقد بسلام أيها الفلسطيني الشجاع .. لروحك السلام والخلود وعلينا الوفاء والمقاومة.

 

 

نبذة :

 

علي اسحق حتقة الأمين العام لجبهة التحرير الفلسطينية 

وافته المنية ليل 2 تموز 2019 في رام الله.

الشهيد القائد مواليد الريحانية قضاء صفد عام 1944 وهو سليل أسرة مناضلة حيث استشهد والده وهو يقاتل الاستعمار البريطاني على أرض فلسطين.

ساهم في بداية شبابه بالجهود التي بذلت لتحقيق الهوية الوطنية الفلسطينية من مخيم اليرموك جنوب دمشق .

شغل عدة مناصب وطنية وتنظيمه خلال مسيرته الكفاحية.

كان كاتبا وإعلاميا ومقاتلا وتولى مسؤولية الإعلام المركزي للجبهة ، ثم مسؤولا عسكريا وعضوا
للمجلس العسكري للثورة الفلسطينية حيث أبدى شجاعة استثنائية في الدفاع عن شعبه إبان الاجتياح الصهيوني للبنان 1982.

وكان عضوا في الأمانة العامة لاتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين .

انتخب عضوا في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في الدورة العشرين للمجلس الوطني عام 1991 واستمر حتى العام 2018 .

انتخب أمينا عاما للجبهة عام 2004.

 

 

 

نضال حمد

 

3-7-2016

 

 

Obraz może zawierać: 4 osoby, w tym Yousef Shatat i Tawfiq Abu Irshaid, ludzie siedzą i w budynku

 

 

 

Obraz może zawierać: 2 osoby, ludzie siedzą, paski i w budynku