الأرشيفثقافة وفن

خاطرة قصصية: ترهات فضائية حياتية كابوسية: – مهند النابلسي

خاطرة قصصية: ترهات فضائية حياتية كابوسية: من وحي واقعنا العربي البائس عموما: التماهي مع بطل “بيردمان” والتحليق بعيدا!

1 

*حلمت بهجوم عنيف يشنه وحش ناتىء الأسنان وكبير الأنياب على جنود فارين، تخيلوا وحشا يتجول في فضاء ضيق وأنتم محصورين تتصببون عرقا…والله حتى لن ينقذكم، بل سيترككم لمصيركم، حيث تتمنون مسدسا ليزريا لتتخلصوا من حثالة الكون، ولم يكفكم الرعب الماحق، بل انهالت على رؤوسكم كمية ضخمة من الحشرات اللاسعة الغريبة (تشبه طيور هيتشكوك)، تئن بعناد وكأنها تؤدي رسالة!

**صاح مهرج فجأة: اخلع يا صاح قبعة تفكيرك واتركها في منزلك…ثم تسلى بالأحداث المحبوكة عبر كتلة مهولة من الحركة اللاعشوائية، حيث ستتحول يوم ما الى نصف رجل ونصف آلة، فاستعد لهذه اللحظات: فأنت ليس شجاعا كما تدعي لكي تناط بك مسؤولية انقاذ البشرية!

***لا تقلق …انه مجرد فيلم براق بأجواء منمقة، فهي رحلة بصرية مرهقة عبر تفاصيل ثرية، ففي النهاية سيغلب الاسلوب الديناميكي التلقائي على التفلسف!

****ما زلت ابحث عن فيروس قاتل في عالم اصبح مجنونا، وعندما اكتشفه سيعقل العالم واصبح انا المجنون…

*****اتركني استمتع باجازتي، فقد ارهقت للنهاية، ودعني استمتع بالخيال الساحر وبالروح الكوميدية البريئة, ودعك من التهريج.

*****وصلتني رسالة على بريدي الألكتروني من كائنات فضائية لبقة تعتذر فيها عن زيارتنا لأنها فقدت الاهتمام بعالمنا المقرف، لكنها بالمقابل تدعونا للزيارة…فهل سنستجيب ونزورها؟!

******تخليت اليوم عن مزاعمي الأخلاقية وانغمست في عقلانية معتمة وسعيت لجموح طويل: مللت من التنويم المغناطيسي وقررت ان استرخي وانام طويلا وقد حلمت بشتاء نووي طويل، ثم آتاني ملاك النوم عاجلا وطلب مني ان أحمي نباتات الأرض  بواسطة “صوبة زجاجية عملاقة” وأن اوافق صاغرا على تمرير صفقة القرن المشبوهة…سئمت من نصائحه، وتعرفت على عالم نفسي طالبا مني مرافقته في رحلة الخلاص الأخيرة متحدثا بالعبرية والعربية الركيكة، فرفضت باصرار…فحذرني من مغبة هجوم حشرات كبيرة مشوهة مدموغة “بنجمة داوود وأشكال براميل نفط ودولارات”، واستيقظت أتصبب عرقا، انه القرن الثاني والعشرين، فلعنت الغفلة والشرود وقرأت المعوذتين، وانغمست في تيه “موتور” أشعلت فيه عود بخور…

*******صاحت صديقتي الجميلة الجريئة: أنت شخص هامشي لا يحق لك التعبير، فاصمت واترك الكتابة للمحترفين الواصلين المتنفذين، فتذكرت فورا بعض المصلين، اللذين يتخيلون انك تصلي الجمعة لهم، فيرمقونك بنظرات متفحصة فضولية كريهة وكأنهم يقولون: “الله” محجوز لنا…اذن لأترك الصلاة ايضا لمدمني المساجد المتأسلمين …وعلى نفس السياق فلما لا اترك التفكير للمفكرين والفلسفة للفلاسفة والكتابة للشعراء والروائيين وعاشقي الجوائز الكثر، ولما كذلك لا اترك الطعام للنهمين السمان آكلي المناسف والكنافة والسمنة البلدية “الفاسدين المتنفذين” ولأصحاب الكروش شاربي الكوكا والعصائر ومدمني البيرا والخمور بانواعها …

********صرخت بأعلى صوتي: لا يملك أحدا الحق في منعي من النظر والشرود وصولا لتخوم النقد والبحلقة، فصرخ أحدهم بحدة: حتى الطرب ممنوع عليك، انه فقط لمحترفي الحضور في الأعراس والمناسبات والحفلات ومهرجانات الغناء والرقص الصاخبة، حيث لا احد يسمع احدا، والكل يرقص ويغني…

*********احب أخيرا ان اصبح صديقا لطفلي الجميل ذي السنتين، فأنا أجده أكثر المخلوقات جاذبية على وجه الأرض، واريد ان اتماهى معه، انه معلمي وملهمي…

**********في الخلاصة فاني سأمتنع نهائيا عن الأشياء التالية: الكتابة بأشكالها العديدة  وكما الحديث في السياسة والنقد والكتابة في الفيسبوك والتويتر والواتسآب وغيره من وسائل التواصل الاجتماعي ناهيك عن الخلوي…ثم الرقص والطرب والشكوى والاستغابة مع أني لا احب الرقص أصلا، وسأكتفي بالمشي والهمس والشرود والبحلقة وبالقليل من الطعام والشراب، وسأحاول ان أكون احيانا “ثرثارا حسودا ولئيما خبيثا ماكرا” وان احرك رأسي يمينا وشمالا بالتوازي كالهنود الكذابين، ثم سأهجر قراءة المقالات والكتب والرويات وكذلك حضور أفلام السينما والمسرحيات، وسوف أتخيل نفسي منسيا ومختفيا في كوكب صحراوي مهجور مع القليل من الماء والغذاء، ثم سأركض لاهثا وأنا “أعرج” هاربا من عواصف كثبان رملية جارفة وحارقة هائلة وحشرات لعينة قارصة …لقد سئمت من كل شيء حقا: الحياة والتكرار والبشر والحجر والسياسة والأشياء والممتلكات والثرثرة والحديث والكتابة والمواقع والانترنت والندوات بأشكالها…سأصمت اخيرا وأتذكر فقراء وأطفال اليمن المرضى وكافة المسحوقين ومناظر قطع رؤوس “ضحايا الداعشيين” وقصص الاستيطان “الصهيوني” اللئيم وشهداء فلسطين المقاومين والتطبيع “الصحراوي” الغريب مع الرقص “التهريجي” المصاحب لاستقبال قادة بني صهيون الملاعين وكذلك عربدات “النتن وترامب” وتبجح الأدعياء المنظرين على الفضائيات وقمع الحراكيين والصحفيين المعارضين وقصص الأطفال المنجرفين والفاسدين المزمنين والمسؤولين المهملين وهكذا فقد طالت القائمة… ولكني سأشمت بالأوغاد المرعوبين الهاربين من صواريخ الأبطال المقاومين…ثم رجاء لا تنشروا شيئا فهذه مجرد ترهات “لا تصلح أبدا للنشر وليست للتباهي والاستعراض”، ولكنه تذكر اخيرا مشهد البطل الكهل في فيلم “بيردمان” (2014) وهو يفتح نافذة غرفته في المشفى، ثم يحلق طائرا بعد ان تأكد من نجاح مسرحيته الأخيرة واطلاقه النار على انفه، فخطرت بباله نفس الفكرة هنا وتأمل مجرى حياته بسرعة، وصعد الى سطح منزله حيث نقل خزانة كتبه اليه مؤخرا وانهى مخطوطة كتابه الرابع، فجلس بهدؤ مستنشقا الهواء الخريفي البارد، وتأمل الطيور الصغيرة وهي تحلق بحرية جيئة وذهابا، فحاول التماهي معها ووقف متأهبا باتجاه الريح وحرك ذراعيه بقوة، ثم حلق بعيدا واختفى في الافق…

مهند النابلسي/كاتب قصصي وناقد سينمائي

تطبيقات اندرويد تسبب الادمان

Image result for ‫من وحي واقعنا العربي البائس عموما!‬‎

المسـخ .. جولة كابوسية أخرى في عقل "كافكـا" 5