الأرشيفعربي وعالمي

مترجم من صحافة الصهاينة: هل تسمح أمريكا للأوروبيين بقيادة العملية السياسية؟

بقلم: عكيفا الدار

غوش أرنست المتحدث باسم البيت الابيض أكد الأسبوع الماضي (12 مايو) انه وفي أعقاب “تحذيرات رئيس الحكومة في الأيام الأخيرة للانتخابات” فإن الولايات المتحدة ستغير نهجها لدفع حل الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين، وقصد أرنست طبعًا تحذير نتنياهو انه ما دام يشغل منصب رئيس الحكومة فلن تقوم دولة فلسطينية، الفرضية الأكثر قبولًا في كلام أرنست هي ان الرئيس سيبدل نهج اليد الناعمة التي عالج بها سياسة نتنياهو المماطلة، التي تؤخر الحل، وبتأييد اقتراح القرار الدافع الى حل الصراع، يبدو انه من بين الكثير من الأمور فإن النهج الجديد سيتضمن تجميد الفيتو الامريكي في الأمم المتحدة ومؤسساتها لحين سماح إسرائيل بإنقاذ مفاوضات حل الدولتين من حالة الجمود.

ورغم ان أرنست أكد ان “تغيير النهج لن يكون مرفقًا بالتصريحات” إلا ان صحف نهاية الأسبوع كانت تضج بالتصريحات عن جوهر ذلك التغيير، ولقد خرجت على لسان الرئيس أوباما الذي يحدد السياسة الخارجية للولايات المتحدة، النهج الجديد عرض في لقاءات مع صحيفة “الشرق الأوسط” التي توزع في لندن، ومع التلفزيون السعودي “العربية”، وكذلك في إعلان ملخص اللقاء مع قادة دول الخليج الذي انعقد في “كامب ديفيد”.

الرسالة المركزية التي تتضح من تصريحات أوباما هي قلة الحيلة، “لا أعتقد ان اتفاقًا شاملًا يبدو ممكنًا إذا ما نظرنا الى الحكومة الاسرائيلية الجديدة والتحديات التي يواجها الرئيس الفلسطيني” شخص الرئيس، “يبدو الحل بعيدًا في الوقت الحالي” قدر قائد العالم الحر، وأضاف “لا فرصة لإنجاز اتفاق في العام الحالي”، السنة المفقودة يقترح الرئيسان تخصص في بناء الثقة بين الأطراف بوسائل مثل تحسين الاقتصاد الفلسطيني وتعزيز العلاقة بين غزة والضفة الغربية وتأسيس للعلاقات التجارية مع اسرائيل ومع الاقتصاد العالمي، بمعنى العودة الى ادارة الصراع بدلا من حله.

فيليب غوردن الذي كان ولحين فترة قصيرة منسق البيت الأبيض في “الشرق الأوسط” كتب مقالًا نشر في الـ 7 من مايو على “الفايننشال تايمز” ان “المساحة التي لدى واشنطن لخلق التغيير ليست محدودة”، وحسب قوله رغم ان الولايات المتحدة لها مصلحة واضحة بالسلام في الشرق الأوسط تجاه نفسها وتجاه الاسرائيليين أيضًا والفلسطينيين “فليست هي من يمسك بأوراق اللعب، كما أظهرت الجهود الدبلوماسية الحثيث، ولكن الفاشلة التي قادها وزير الخارجية كيري العام المنصرم”، من يمسك فعلًا بأوراق اللعب؟ المسؤول السابق في البيت الأبيض يؤكد ان الرئيس لا يستبعد احتمال تسليم الأوراق لمجلس الأمن لكي يحدد الأخير معايير للاتفاق النهائي، ويقدر ان هذه العملية لن تحدث قبل نهاية يونيو؛ وهو التاريخ المحدد لتوقيع اتفاق النووي مع إيران.

العملية في الأمم المتحدة تجري الآن على قدم وساق في القنوات الدبلوماسية بين وزارة الخارجية في باريس ومقر الأمم المتحدة في نيويورك، في الأسبوع الماضي تلقى وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس حقنة تشجيع من قبل مجموعة من المسؤولين الأوروبيين السابقين مثل ميغل موراتينوس الذي كان أيضًا مبعوث الأمم المتحدة الى الشرق الأوسط، وكذلك المنسق السياسي للاتحاد الأوروبي والأمين العام لحلف الناتو السابق خافيير سولانا، ورئيس الحكومة الهولندية السابق ادريس فان اخت، ورئيس الحكومة الايرلندية السابق جون بروتون؛ وجميعهم يشجعون هذه الطريقة.

ومثل أوباما والمتحدثون باسمه؛ يعتقد هؤلاء أيضًا ان انتخاب نتنياهو من جديد وتشكيل الائتلاف الجديد يستدعي إحداث تغيير سياسي تجاه الصراع الاسرائيلي الفلسطيني، هذا التغيير – حسب رأيهم – يبدأ بوثوب أوروبا من المقعد الخلفي الى موقف دبلوماسي متقدم وتصميم سياسة مجدية وواضحة للاتحاد الأوروبي، في الرسالة التي بعثوها لفدريكا موغريني المشرفة على العلاقات الخارجية للاتحاد الأوروبي وعلى كل وزراء خارجية الاتحاد؛ يقترح فيها هؤلاء المسؤولين الأوروبيين ان يصعد الاتحاد تدخله في العملية السياسية ويقدم حلًا على أساس مبادرة السلام العربية، ويدعون الى تسخير دعم دول أوروبا لانضمام الفلسطينيين إلى مواثيق ومؤسسات الأمم المتحدة، وفي المقابل يوصي هؤلاء بتوسيع تمييز منتجات المستوطنات وإيجاد سبل أخرى لإلزام إسرائيل “بمراجعة حساباتها لكونها تواصل الاحتلال”.

أبدى أعضاء المجموعة شكًا بأن تقود الولايات المتحدة المفاوضات بين الفلسطينيين وإسرائيل، ولكن مصدرًا أوروبيًا مسؤولًا قال للمونيتور ان خطوات وزير الخارجية الفرنسي فابيوس منسقة مع الحكومة في واشنطن، ووفق نفس هذا المصدر المسؤول فقد اتفقوا ان يقدم قرار قبول فلسطين في الأمم المتحدة وتحديد جدول زمني لإتمام المفاوضات حول الوضع النهائي، سيقدم الى مجلس الأمن في سبتمبر.

إذا كان نتنياهو يعول على الفيتو الأمريكي بشأن القرار الذي سيقبل بفلسطين كعضوة في الأمم المتحدة، وتصبح إسرائيل بذلك دولة محتلة لدولة أخرى عضو في الأمم المتحدة؛ على نتنياهو أن يقرأ باهتمام نهاية العبارة الواردة في لقاء أوباما مع تلفزيون العربية “قلت للإسرائيليين انه ليس بمقدورهم ان يظلوا دولة ديمقراطية ويهودية، إذا واصلوا عدم حل المشكلة، وقلت للفلسطينيين أيضًا ان ليس بمقدورهم ان ينتظروا دولتهم ما لم يعترفوا بإسرائيل لأنها لن تنصرف الى أي مكان”.

يصعب التصديق ان الرئيس الأمريكي، الذي يخصص مئات الساعات للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، غاب عن باله ان اتفاقية أوسلو قامت على الاعتراف الفلسطيني بإسرائيل، فالمنطق يقضي بأن أوباما قرأ النسخة التي توجه بها الفلسطينيون للأمم المتحدة، والتي يطلبون فيها الاعتراف بالدولة الفلسطينية التي تحيا بأمن وسلام الى جانب دولة إسرائيل، طلب الاعتراف بإسرائيل (يختلف عن دولة الشعب اليهودي كما يطلب نتنياهو) هو عقبة وهمية سيقفز عنها الفلسطينيون والدول العربية بسهولة؛ وهكذا يستطيع أوباما ان يبرر رفضه لفرض الفيتو على المقترح الفرنسي ويسمح بتدويل الصراع وحله حلًا يضمن قيام دولة يهودية ديمقراطية على حدود الـ 67 يعترف بها الفلسطينيون، ومعهم العالم العربي برمته.

أطلس للدراسات / ترجمة خاصة

المونيتور العبري

اترك تعليقاً