وقفة عز

الى علي بدر (2) .. حين يغيب البدر

نضال حمد :

قضيت في بولندا سنوات من عمري … جلها كان برفقة الصديق والرفيق الراحل الدكتور علي خالد بدر، ابن مخيم عين الحلوة. كانت تجمعنا الآلام والأحلام، الاخلاق والمبادئ، الآمال والحقائق، الانتماء والفداء، الطموح وقوة الارادة، العمل والمثابرة، الثورة والجبهة، الوطن والقضية، المخيم وحاراته وأزقته، ورسومات فنانه الشهيد الخالد ناجي العلي أهم شخصية عرفها مخيمنا عين الحلوة.

كان علي بدر المبتسم بلا توقف والبشوش في كل الأوقات، لا يترك مناسبة الا ويقدم فيها موقفه ورؤيته ورأيه وفيما بعد نكاته ونهفاته.

من منكم ايها الاصحاب لا يتذكر ذلك؟

من لا يعرف علي بدر لا يعرف كاتوفيتسه وبولندا.

ومن منكم لا يتذكر غرفته الشبيهة بقاعدة متقدمة للفدائيين؟ ..

علي الذي كان بامكانه ان يكلمك بالانجليزية والبولندية والدنماركية والاسبانية والالمانية والايطالية بالاضافة للغته العربية. كان يعشق الشعر والرواية والأدب والثقافة بشكل عام. ومع ذلك اختار ان يدرس الطب. لما لا فحكيم فلسطين جورج حبش وكثير من قادة شعبنا كانوا حكماء واطباء وبنفس الوقت ثوريون يحيون مع اهلهم وشعبهم في المخيمات.

عندما عاد علي بدر من غربته او منفاه الاختياري في الدنمارك حيث عاش تجربة صعبة تعتبر من اصعب التجارب التي مرت عليه .. عندما عاد الى المخيم، كان يقول لي عبر الهاتف او المراسلة اننا يجب ان نعمل شيئا ما لأجل المخيم وللاجيال الجديدة. ان نفتح نوادي ثقافية واجتماعية لتوعية الاجيال الشابة. وكان يطلب مساعدتي وعوني لا اقصد المادي بل الثقافي وتفعيل علاقاتي لتحقيق المشاريع الكثيرة التي بدأها او حاول مع آخرين في المخيم القيام بها. لكن اوضاع مخيم عين الحلوة السيئة من كل النواحي، والاستفراد والهيمنة على المخيم وناسه من قبل قوى محلية، كانت تقف عائقا بوجه احلام علي وتطلعاته. ورغم ذلك لم يستسلم وبقي يحاول تحقيق ولو القليل منها حتى آخر ايام حياته التي توقفت قبل ايام قليلة.

سيبقى علي بدر في ذاكرة كل من عرفه، الانسان الطيب، المتواضع، النشيط والوطني الذي لا يتعب ولا يستكين. الذي لا يعرف السمسرة والنفاق والتملق لقادة المصادفة الذين يقودون غالبية الفصائل والتنظيمات ويسيطرون على المخيم للاسف. لذا عاش زاهدا متواضعا مثل كل اهل المخيم الزاهدين المتواضعين. عكس الذين بنوا بيوتهم وقصورهم على جماجم وعظام الشهداء.

علي بدر رحل ولكن سيذكره الناس بالخير عكس تجار الدم والتضحيات والقيّم والذمم والمبادئ، الذين سرقوا التضحيات والتاريخ، وزوروا تجاربنا الفدائية …
هؤلاء ان ماتوا صدقوني لن يتذكرهم احد في مخيمنا.

هنيئا لك يا علي محبة الناس وترحمهم عليك وذكرك بالخير حيا وبعد الرحيل.

*الصورة لعلي بدر وبعض الرفاق والاصدقاء من حفل اليوم الوطني لجبهة التحرير الفسلطينية في النادي اليوناني في مدينة فروتسلاف البولندية في 27-4-1985 .

تصوير نضال حمد.

نضال حمد – اوسلو – 13-7-2016

اترك تعليقاً