الأخبارالأرشيف

لـ ” فـتـح ” الرحـمة ولـكـم مـن بـعـدها طـول الـبـقـاء ..!!- عـادل أبو هـاشـم

 

ماذا يجري داخل حركة التحرير الوطني الفلسطيني ” فــتـح ” . .  ؟!

وهل حقا تم اختطاف  هذه الحركة التاريخية المناضلة التي قدمت آلاف الشهداء وعشرات آلاف الجرحى والأسرى والمعتقلين على مدار أربعة عقود ونيف على يد مجموعة  تآمرت عليها من الداخل ، واستغلت ” فــتـح ” للحصول على المكاسب والغنائم ، مما أدى إلى ضياع الحـركة ( التي أصبحت غابة الجميع فيها ينهش بعضه البعض ) بين أنياب المنتفعين والمتسلقين ، حتى أضحت مشروع استثماري لدى بعض المارقين . . ؟ ! ! .

قد يقال الكثير من الأكاذيب قبل أن يعرف الشعب الفلسطيني  حقيقة ما يحدث في حركة ” فــتـح ”  ، وحقيقة الذين يستميتون لطمس ما حافظت عليه الحركة طوال أكثر من أربعة عقود ــ رغم المؤمرات والا نشقاقات ـــ من أن  ” فــتـح ” رقم لا يقبل القسمة .!!

وكيف جعل هؤلاء من حركة ” فــتـح ” رقماً قابلا للقسمة والطرح والضرب بكل ما يخطر في البال ، و طيرًا جريحاً يرفرف ودمه ينزف في سماء الوطن ، ويبحث عن غصن يقف عليه ، والجميع من أبناء الحركة يطلقون النار لقتل هذا الطير الفلسطيني قبل أن يجد الشجرة التي يجعل منها قاعدة للإصلاح .َ !

لا يختلف اثنان على وجود أزمة حقيقية تعصف بـحركة ” فــتـح ” ،  وخاصة بعد المهزلة التي حاكتها بعض القيادات المتنفذة في الحـركة ، و كان من نتائجها فصل و طرد العديد من قادة و كوادر و عناصر الحـركة ونواب في المجلس التشريعي في حملة مستهجنة و غير مسبوقة ضد الذين سمعوا أو شاهدوا أو  التقوا ــ أو حتى فكروا ــ  في يوم من الأيام بدحلان من قطع رواتبهم  تحت ذربعة ” مناهضتهم للسياسة العامة لدولة فلسطين ” ،   و اتهامهم بتهمة ” التجـنح ”  في أسلوب  غريب عن عادات و تقاليد شعبنا و ثورته في محاربة الناس بقطع أرزاقهم ،  و غريب جدا عن أخلاقيات حـركة ” فــتـح ”  ــ على الأقل في عهد ياسر عرفات ــ خاصة عندما يكون الحديث عن مناضلين امضوا حياتهم في السجون ، ومدافعين عن الأرض و العرض و المقدسات  ، و منهم من هو أخ لشهيد أو شهيدين  ، و منهم من يعول عشرة أبناء .!

وليت الأمر قد توقف عند هذا الحد بل تعداه إلى اقتحام الأجهزة الأمنية للمخيمات الفلسطينية ، و الأشتباكات بين قوات الأمن و عناصر الحركة في مخيمات بلاطة و الأمعري و جنين  و نابلس  ، و قتل أبناء الشعب بالرصاص و الهروات واللكمات و الأحذية بدم بارد في تصعيد خطير في التعامل بين الفلسطينيين وخرقاً لمبدأ حرمة الدم الفلسطـيني  .!

وهوما يثبت ما أكدناه مرات عديدة  في السابق من  أن حـركة ” فــتـح ”  ليست موحدة ، فلا يمكن الحديث عن ” فــتـح ” واحدة هذه الأيام ، بل عن ” فـتـوحات ” كثيرة لا رابط أو انسجام بينها في أغلب الأحيان ، أي أن الحركة تحولت بفعل بعض قيادييها و الفوضى التنظيمية الداخلية إلى مجموعات متناثرة ، وانقسمت إلى أشتات تنظيمية مختلفة  تعمل كل منها بوحي منفرد ، وبمعزل عن الآخرين  .!

كل ذلك يحدث في الوقت الذي تم فيه تغييب المصلحة الحركية العليا التي كان من المفترض أن تكون فوق كل المصالح الخاصة والمشاريع الضيقة لبعض مستثمري الحركة الذين استغلوا ” فــتـح ” للحصول على المكاسب والغنائم وذلك من خلال غياب عدم المساءلة والمحاسبة في صفوف الحركة ،  مما أدى إلى تفشي المصلحة الشخصية وانهيار الأداء والسلوك التنظيمي لدى أبنائها ، وضياع الحركة  بين أنياب المنتفعين والمتسلقين الذين قايضوا الحركة بثرائهم ، و الذين جعلوا من منها بقرة حلوب ، و فضلوا المتاجرة بدماء شعبهم وقضية أمتهم ووطنهم . .! !

هناك من يؤكد إن ” فــتـح ” تم اختطافها من قبل طرف فاعل بداخلها ضد الأطراف الأخرى ذات التاريخ النضالي المديد ، وان قيادة الحركة ممثلة باللجنة المركزية قد فقدت  بوصلتها ، حيث يواصل الكثير منهم  رحلة البحث عن الذات وعن المصالح الخاصة والابتعاد عن الجماهير ، و التعلق ببطاقات كبار الشخصيات التي تسمح لهم بالسهر والمجون والتسوق في بارات وأسواق تل أبيب ، والتنقل في جميع أنحاء العالم وشعبهم محتجز في المطارات والمعابر . .! !

 لقد شعر الكادر الفتحاوي ــ و خاصة بد المؤتمر العام للحركة السادس في شهر أغسطس 2009 م  ــ  أن ” فــتـح ” قد اختزلت في رجل واحد ، وأن عدم وجود خطاب سياسي واحد للحركة في ظل غياب قيادة تتعامل مع المشاكل اليومية  قد زاد من حالة الإرباك والخلل داخل ” فــتـح ” الأمر الذي أدى إلى ما وصلت إليه الآن . . ! ! .

هنا يتساءل كل فتحاوي :

أين قيادة الحركة التي انتخبت في مؤتمر فتح السادس   لكي تلجم الذين يحاولون شطب المحطات المضيئة في تاريخها ، و ينحرونها من الوريد إلى الوريد . .؟!!

أم أن هذه القيادة  قد أصابها العجز ، وتعبر عن هذا العجز بالحرد و الصمت و التذمر و الاعتكاف في المنازل . . ؟ ! ! .

أين قيادات فتح السياسية و العسكرية ؟! أين قيادات الساحات والأقاليم والاتحادات الشعبية ؟!  هل هي غائبة ؟ !أم انها اندثرت وفقا لخطة مبكرة نفذت خطوةً خطوة ؟! .

أين كوادر فتح الشرفاء ليقفوا في وجه  الذين جعلوا من ” فــتـح ” تكية لهم و لأبنائهم و أحفادهم  ، ومن الذين يتطاولون على دماء شهدائها وجرحاها ، ويلطخون تاريخها ونضاله ، ويمسحون دورها ، ويقضون علي مستقبلها ، ويشوهون تاريخ الحركة النضالي  ..؟!!

هل هذه ” فــتـح ” التي كان لها شرف تفجير الثورة الفلسطينية العملاقة ضد الاحتلال الصهيوني ،  و قادت أطول مسيرة ثورة في التاريخ المعاصر .؟!

هل هذه ” فــتـح ” ” التي ملكت ناصية التعبير عن أماني وطموحات الجماهير الفلسطينية والعربية والقوى المناهضة للصهيونية لأكثر من أربعة عقود ،  و خرج المشروع الوطني الفلسطيني المناوئ للمشروع الاستعماري الصهيوني من رحم الحركة .؟!

   أم أن ” فــتـح ” قد  اختزلت في يد أمينها العام و ارتضت أن يقودها من قبلوا الدنية ، وقدموا مصالحهم على مصالح شعبهم و أمتهم و عقيدتهم ، و عملوا بموجب توجيهات الأعداء و نصائحهم .؟!

إن من الظلم أن تتحول ” فــتـح ” إلى قبائل وعشائر وعائلات وزواريب ، و إلى مجموعة من الناعقين الذين يملؤون الفضائيات صباحاً ومساء لا يلوون على شيء إلا إثارة الفتنة و التحريض و الكذب و قلب الحقائق ، و أن تصل الأمور في هذه الحركة المناضلة إلى هذا الدرك بفضل الذين يدوسون وجه الوطن بالبسطار الأمريكي ..!!

وحتى لا تضيع هوية” فــتـح ” النضالية سدىً ، و نصل لمرحلة الترحم عليها   يجب على كل فتحاوي أصيل فضح وتعرية كل البؤر والمستنقعات التي يعـشعـش فيها كل من ارتكب جريمة خيانة الحركة والوطن بممارساته ، إذ ليس من الدقة ولا الصدق أن نستمر في التركيز على العدو الإسرائيلي في تحميله ما أصاب الحركة بالرغم من دوره الأساسي في الكوارث والمصائب التي حلت بشعبنا، دون أن نلتفت إلى داخل الحركة لنطهرها من الفئران والطحالب الفاسدة والعفن، والتائهون والضائعون بين العجز والانحراف، والسرطان الذي ينمو وتزداد أورامه في أحشائها، والوجوه العفنة التي مسخت قضيتـنا العادلة، والعقلية المريضة التي لا تحرم الإثم والانحراف وإنما تحلله وتفلسفه وتنظر له، وتضع له القواعد والمرتكزات من خلال مصلحتها الذاتية التي ترتبط بالضرورة بمصلحة العدو فتصبح وإياه شيئـًا واحدًا.!

قد يقول البعض أن وجود مثل هؤلاء الناس أمر طبيعي داخل كل حركة ثورية تعرضت للعديد من الانحسارات والانشقاقات، ونحن لا ننفي ذلك في المطلق، وقد يكون في ذلك بعض الحقيقة، ولكن التاريخ قد علمنا أيضـًا أنه ليس هناك حركة ثورية تركت كلابها وجواسيسها وعملاءها ومزوري تاريخها، والمتآمرين على نضالها الثوري، يمرحون ويسرحون، ويرتكبون الإثم ويحكمون، ويتصدرون المسؤولية في مواقع الإدارة والتوجيه وجميع مرافق الحياة العامة التي تقرر مصير الأجيال المقبلة، مثلما تفعل حـركة ” فــتـح ” دون محاسبة أو عقاب، حيث يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون، وحيث يستوي أصحاب الرسالات والقيم والقضايا الوطنية، بالتجار والمزاودين والعملاء والجواسيس ، والدجالين الذين يعبثون باستقلال الأوطان ، وشرف الأوطان ، وكرامة الأوطان..!!

.

اترك تعليقاً