من هنا وهناك

أبعاد وتداعيات عملية اختفاء المستوطنين الصهاينة الثلاثة- بقلم : أكرم عبيد

أبعاد  وتداعيات عملية اختفاء المستوطنين الصهاينة الثلاثة- بقلم : أكرم عبيد

عشرة أيام من اختفاء المستوطنين الصهاينة الثلاثة وحالة من الجدل تسود التجمع الصهيوني وسلطة الاحتلال في حالة الإرباك بسبب كشف لغز هذه العملية التي وجهت صفعة كبيرة لحكومة النتنياهو قد تعيد خلط الأوراق على الصعيد الصهيوني بشكل عام  .

كما ألقت هذه العملية بظلالها على الوضع الفلسطيني بشكل عام وعلى وضع الأسرى بشكل خاص لما لها من أهمية قد تنعكس تداعياتها الايجابية قبل السلبية على هذا  الوضع إذا ما ثبت أنها عملية اسر حقيقية  من قبل احد الأجنحة العسكرية الفدائية الفلسطينية المقاومة التي تكتمت على الحدث حتى الآن وليس عملية صهيونية استخباراتية مدبرة لاستهداف التفاهم الفلسطيني الفلسطيني  الذي توافق على ردم هوة الانقسام أولا وتشكيل الحكومة الفلسطينية التي تعرضت لهجمة إعلامية شرسة من قبل سلطات الاحتلال الصهيوني لإفشالها بتهمة الإرهاب المزعوم وهذا الاحتمال ضعيف لأسباب ذاتية صهيونية تتعلق بتوجيهه التهمة المباشرة بفشل المنظومة الأمنية والعسكرية وعجزها في حماية غلاة المتطرفين الصهاينة وهذا قد يسقط الحكومة الصهيونية بقيادة نتنياهو ويحرجها أمام قطعان المستوطنين وفي مقدمتهم اليمين الصهيوني المتطرف وهذا الخيار ليس لمصلحتهم إلا إذا تم تنفيذه من خلال بعض العملاء المأجورين من الفلسطينيين لتوجيهه التهمة للسلطة الفلسطينية التي تجرأت مؤخرا وقررت ردم هوة الانقسام والمصالحة مع حماس كمقدمة لاستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية لان سلطات الاحتلال الصهيوني كانت ومازالت المستفيد الوحيد من الانقسام الفلسطيني الفلسطيني .

أما إذا كانت العملية من تخطيط وتنفيذ إحدى المجموعات الفدائية الفلسطينية المقاومة وهذا الخيار المرجح سيعتبر بصراحة عملية جريئة وموصوفة بكل المقاييس لعدة أسباب من أهمها :

إن قضية الأسرى تعتبر من أولويات الأجنحة العسكرية الفلسطينية الفدائية بشكل عام وخاصة بعد فشل المفاوضات العبثية مع سلطات الاحتلال التي رفضت بشكل مطلق الالتزام بتعهداتها وإطلاق الدفعة الرابعة من الأسرى .

ثانيا : رفض سلطات الاحتلال الصهيوني الاستجابة لمطالب الأسرى الإداريين المضربين عن الطعام منذ الخامس والعشرين من نيسان الماضي مما يعرض حياة العشرات منهم للخطر وربما الموت وخاصة بعد محاولة إدارة السجون إطعام البعض منهم بشكل قسري .

ثالثاً : إصدار الكنيست الصهيوني قرار واضح وصريح أول حزيران الحالي حرم بموجبه على الحكومة الصهيونية مبادلة أسرى فلسطينيين ممن تلطخت أيدهم بدماء الصهاينة بأسرى من جنود الاحتلال الصهيوني لقطع الطريق على حكومة الاحتلال بعدم التفكير حتى بإطلاق الدفعة الرابعة من الأسرى المعتقلين قبل توقيع اتفاق أوسلو سيء الذكر .

بالإضافة لسياسة المداهمات الليلية لغرف السجون وتعذيب الأسرى وعزل الكثيرون منهم وحرمان البعض من زيارة ذويهم الذين يعانون الأمرين أثناء زيارة أسراهم في مختلف السجون الصهيونية .

وهذه أسباب كافية لتصبح قضية الأسرى محل إجماع وطني فلسطيني ومن أولويات المجموعات الفدائية التي تتنافس على اسر جنود صهاينة لفرض عملية التبادل بالقوة .

 وفي الحقيقة لم تدخر هذه المجموعات المقاومة أي جهد من اجل تنفيذ مثل هذه العمليات البطولية التي قد تضع حدا لسياسة العربدة الصهيونية التي تمارسها سلطات الاحتلال التي نجحت في إفشال حوالي أربع وأربعين عملية فدائية العام الماضي .

  لذلك فقد تعاملت سلطات الاحتلال مع الحدث بشكل هستيري وباشرت بحملة من المداهمات والاعتقالات في مدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية للبحث عن المستوطنين بعد إغلاقها وصعدت من عدوانها على قطاع غزة المحاصر خشية نقلهم هناك ووصولهم لبر الأمان لإجبار سلطات الاحتلال على التفاوض على إطلاق سراح الأسرى دون قيد أو شرط بشكل عام وتبيض سجون الاحتلال بالقوة دون استثناء احد من الأسرى عرباً أو فلسطينيين من القدس أو الأراضي المحتلة عام 1948 .

وفي كل الأحوال وفي سياق الإجراءات العدوانية تعاملت سلطات الاحتلال الصهيوني مع مدينة الخليل بعنف لم تشهده منذ تنفيذ عملية مركز الزقاق التي لقنت سلطات الاحتلال الصهيوني درساً قاسيا ومرعباً في أصول مقاومة الاحتلال واسر جنوده ما زال شاهدا حيا على فشل الأجهزة الاستخباراتية الصهيونية التي تعتبره النموذج الذي يدرس في مدارسها العسكرية والأمنية وهذه العملية اليوم تمت في مستعمرة غوش عتصيون بالقرب من مدينة الخليل المقدسة  .

وفي الحقيقة مرت عشرة أيام هزت أركان الكيان الصهيوني على اختفاء المستوطنين الثلاثة وما زالت سلطات الاحتلال عاجزة بالرغم من استخدام كل إمكانياتها العسكرية والأمنية وإمكانيات شركها في الغرب وعملائهم الصغار من الأنظمة المتصهينة للوصل إلى معلومة قد تقودها إلى الجهة الأسرة لكنها فشلت بعد تكتم الأجنحة العسكرية الفلسطينية على هذه العملية ولم يصدر سوى بيان لما يسمى ” تنظيم داعش ” الذي لم يكن له أي وجود على الأرض الفلسطينية بالأساس وهذا مستبعد مما عقد الوضع أمام سلطات الاحتلال الصهيوني التي تعمدت الاستقواء بشركائها من الأنظمة الاستعمارية الغربية بقيادة بالإدارة الأمريكية للتدخل كون احد المستوطنين الثلاثة يحمل الجنسية الأمريكية ولم يتأخر وزير الخارجية الأمريكية كيري الذي طالب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في اتصال هاتفي عاجل التدخل للمساعدة للإفراج عن المستوطنين الثلاثة بموجب الاتفاق الأمني بين السلطة الفلسطينية وسلطات الاحتلال الصهيوني التي حمل رئيس وزرائها نتنياهو رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس المسؤولية وطالبه بالتعاون من اجل إنقاذ المستوطنين الثلاثة لكن بعض وزراء حكومة الاحتلال تمادى في غيه وطغيانه ليطالب نتنياهو باعتقال رئيس السلطة الفلسطينية ومبادلته بمجموعة القتلة من المستوطنين .

نعم لقد قامت القيامة في العالم من اجل ثلاثة قتلة من المستوطنين المختفين حتى هذه اللحظة لكن أكثر من خمسة آلاف أسير عربي فلسطيني في سجون الاحتلال الصهيوني مضى على البعض منهم أكثر من خمسة وعشرين عاما في السجن منهم الأسرى الإداريين دون محاكمات والمضربين عن الطعام للمطالبة بحقوقهم الإنسانية العادلة لم يشعر بهم احد من أصحاب حقوق الإنسان والحيوان في الغرب مع العلم إن العشرات من الأسرى المضربين منذ ما يزيد عن الشهرين أصبحت حياتهم في خطر ولم يتدخل احد بهذه القضية الإنسانية .

ولم تكتفي سلطات الاحتلال بهذه الجرائم بل تعمدت اعتقال الأسرى ممن أطلق سراحهم في صفقة شاليط التي تمت برعاية الحكومة المصرية وضمانتها ولم يحرك أحداً ساكناً .

وفي هذا السياق لا بد أن تتحمل السلطة الفلسطينية المسؤولية الأخلاقية والوطنية لحماية حيات الأسرى الإداريين المضربين عن الطعام بعدما أصبحت عضوا في بعض المؤسسات الدولية بعد التوقيع على اتفاقيات جنيف الثالثة والرابعة الخاصة بحقوق بالأسرى لذلك فهي مطالبة اليوم أكثر من غيرها بوضع قضية الأسرى على نار ساخنة أمام الأمم المتحدة لتدويل قضيتهم وإحقاق حقوقهم المشروعة وفي مقدمتها اعتبارهم أسرى حرب وليس أرقاماً تتحكم بها سلطات الاحتلال الصهيوني التي ترتكب بحق أسرانا جرائم حرب يجب أن تقدم لمحكمة الجنايات الدولية ومحاسبتها على هذه الجرائم البشعة .

  

akramobeid@yahoo.com

اترك تعليقاً