الأرشيفوقفة عز

أسعد كعوش موال لجلال كعوش وأغنية يا عمي بو محمود -الحلقة الخامسة-

إعداد نضال حمد وموقع الصفصاف

في معرض حديثه عن صديقه أسعد كعوش -أبو العبد- قال الصديق والرفيق، الفنان الرسام والأستاذ المتقاعد أبو نزار شناعة من منفاه الألماني في برلين: “أسعد كعوش كان صديقاً وزميلاً في دار المعلمين (في سبلين) ثم زميلاً في التعليم في مدارس الانروا في مخيم عين الحلوة. بعد فترة من غزو لبنان 1982، وتحديداً في سنة 1985 أسست المركز الثقافي الفلسطيني في مخيم عين الحلوة. اتفقت أنا وأبو العبد على تشكيل فرقة فنون فلسطينية وبدأ أبو العبد بتدريب الفرقة، حتى أنها أحيت ذكرى ثورة الفاتح الليبية – الفاتح من أيلول سنة 1986 في ساحة البركسات، قرب المستشفى الحكومي، حيث كانت أول حفلة بعد الغزو سنة 1982، فحضرها معظم شباب وصبايا مخيم عين الحلوة. ولكن للأسف لم تستمر التجربة لخلافات وقعت بيني وبين -الجبهة- والحكاية تطول.”.
لم يكن هناك بين المعلمين والأساتذة في ذلك الوقت مواهب في الموسيقى أو الغناء. فقد كان وربما بقي أسعد كعوش منفرداً في هذا الشأن… لكن كان بينهم من يدعم ويشجع زميلهم أبو العبد على مواصلة المشوار الفني. في الوقت نفسه كان هناك آخرين من كبار السن والمهتمين بالفن والموسيقى والثقافة، يوجهونه في اتجاهات فنية قديمة من التراث الشعبي الفلسطيني المعروف في ذلك الزمان عندما كانوا في فلسطين.
سأل موقع الصفصاف -وقفة عز- الأستاذ أسعد كعوش إن كان له أغنية خاصة عن الشهيد جلال كعوش. فكان جوابه بأنه “لا توجد أغنية خاصة بالشهيد القائد الفذ جلال كعوش”. لكنه أنشد وغنى له بعض المواويل الفلسطينية. لم يغنِ له أغنية خاصة لأنه في ذلك الوقت من ستينيات القرن الفائت كان ممنوع على الفلسطيني، حتى ذكر كلمة فلسطين في أي مناسبة. الشهيد جلال كعوش استشهد سنة ١٩٦٦ تحت التعذيب حيث كانت الشعبة الثانية تبسط سيطرتها على جميع المخيمات. لكن أبي العبد كعوش قام فيما بعد بتأليف أغنية -موال- في تلك المناسبة هنا بعض أبياتها وعنوانها -وصيّة أب-::
“يا إبني في إلك عندي وصية
بلادك منك بتطلب هدية
ولكل رفاقك الأبطال ودي
من الشعب المقاتل هالتحية
وقلن كيف سِبنا الأرض كلا
وسَكَنا بالأراضي اللبنانية
وصرنا نعيش بخيام المذلة
الإعاشة تكون عحساب القضية
وقلن كيف كان الفلسطيني
دقيقة يخاف يتعوق عشية
لإنو كان في عِنا عصابة
بعشر ليرات يرتكبوا الخطية
وشعبة ثانية تسرح وتمرح
كإنا عايشة بالجاهلية”
تلك الوصيّة هي وصيّة الشهيد جلال كعوش، وهذه الأغنية تطول وتطول بحسب الأستاذ أبو العبد كعوش.
يجب أن لا يغيب عن بالنا أن الاستاذ أسعد كان يكتب غالبية كلمات أغانيه بنفسه إلا بعضها، فمعظم الأغاني التي غناها وحفظناها منذ طفولتنا، كانت من تأليفه وتلحينه، فيما هناك عدد من الأغنيات كتبها له الشاعر الكبير يوسف عودة، الملقب بشاعر المخيمات. وهو شاعر من مخيم المية ومية، انسان مثقف وضليع بلغة الضاد.
في فترة ما شارك مع الأستاذ أاسعد كعوش في حفلاته شاب من ميرون كان يملك صوتاً جميلاً. هذا الشاب هو نديم سعيد كعوش، كما أسلفنا ف يحلقة سابقة، كان يملك صوتاً جميلاً ولكنه بحسب أستاذنا أبو العبد، كان خجولاً فلم يستغل موهبته في الغناء إلا في مناسبات خاصة. وأضاف أبو العبد بأن نديم إحترف العزف على الطبلة وكان يرافقه في الستينيات والسبعينيات في كثير من الحفلات. بعد ذلك حالت ظروف عمله في الخليج بينه وبين العزف على الإيقاع.
أما مناسبة كتابة وتلحين وغناء قصيدة “يا عمي يا أبو محمود” تعود إلى شهر رمضان عام ١٩٧٨ كان يومها أستاذنا أسعد جالساً على شرفة منزله ينتظر آذان المغرب، وقبل الآذان بخمسة دقائق أغارت طائرتان “إسرائيليتان” على مواقع للفدائيين في تلة جبل الحليب بمخيم عين الحلوة وعلى تلة بمخيم المية ومية. كان جار الأستاذ أبو العبد إسمه “أبو محمود” وكان يبلغ من العمر في ذلك الوقت أكثر من ٧٠ سنة، تناول الختيار أبو محمود بندقيته وتموضع قرب صخرة قريبة من منزل الأستاذ أسعد وكان يلبس الكوفية والعقال وأخذ يطلق النار باتجاه طائرات العدو، متحدياً صواريخ تلك الطائرات، التي لم تخفه، وبقي يطلق النار وهو يقف على الصخرة حتى آخر رصاصة في رشاشه، متحدياً تلك الطائرات بقلبٍ شجاعٍ وهمةٍ قويةٍ… يقول الأستاذ أبو العيد أن جاره الختيار أبو محمود كان يطلق الرصاص رفقة صرخاته الله اكبر… الله اكبر. ذلك المشهد ترك أثراً كبيراً عند الأستاذ أسعد كعوش، فتناول قلماً ورقة وكتب كلماته الجميلة في اثناء تحليق الطائرات وعلى صدى طلقات وهتافات العم أبو محمود، التي بقيت وربما مازالت تحلق في أجواء المخيم… كتب موجهاً كلامه للعم أبو محمود::
يا عمي يا بو محمود
خليك صاحي إوعى تنام
أشعلها نار وبارود
ولا ترضى بالاستسلام
الى آخر الاغنية…

إعداد نضال حمد وموقع الصفصاف
يتبع الحلقة السادسة
23-1-2022