الأرشيفعربي وعالمي

إيران أنهت زمن البلطجة “الإسرائيليّة” – رشاد ابوشاور

إيران منحت كل الأطراف فرصة ممتدة من الوقت لتدين العدوان، وخصوصاً أميركا ودول الغرب التابعة لها، والدول التي تهيمن عليها، لكن كلمة إدانة واحدة لم تصدر عن تلك الدول.

في برنامج “بالحبر الجديد”، استضافتني فضائية الميادين بتاريخ 2 نيسان/أبريل 2024. ومما سألتني، كان السؤال عمّا ستفعله إيران رداً على عدوان الكيان الصهيوني على مقر القنصلية الإيرانية في دمشق، كونه اعتداءً على سيادة إيران وأرضها الوطنية، وهذا مفهوم متعارف عليه قانوناً، فلا يجوز الاعتداء على سفارات وقنصليات ومواقع رسمية لدولة في أرض بلد آخر.
وإيران منحت كل الأطراف فرصة ممتدة من الوقت لتدين العدوان، وخصوصاً أميركا ودول الغرب التابعة لها، والدول التي تهيمن عليها، لكن كلمة إدانة واحدة لم تصدر عن تلك الدول.
وهذا يعني مباركتها العدوان، وأنها لامبالية بتهديد إيران ووعيدها، ولا تتوقع أن إيران ستفعل شيئاً، وخصوصاً أنه سبق أن استهدف الكيان الصهيوني سيادة إيران واغتال عدداً من علمائها وضباطها، وبعض وحداتها، الموجودة في الأراضي السورية بطلب رسمي من سوريا، التي استُهدفت وما زالت أميركياً، والتي تتعرض للقصف الصاروخي الاستفزازي، وخصوصاً لمواقع عسكرية إيرانية، من دون أن يتعرّض من يستهدفها لرد عقابي.
كان السؤال لي في برنامج “بالحبر الجدد”، عمّا أتوقعه من إيران، فكان جوابي: ستردّ. ويجب ان تردّ!
وكنت أتوقع أن تردّ إيران، فهذه هي المرّة الأولى التي تُستهدف أرض إيرانية سيادية، وإن كانت في الأرض السورية. وإيران صبرت كثيراً على عدوانية الكيان الصهيوني، وآن لها أن ترّد، وخصوصاً أن الحرب العدوانية الوحشية تتصاعد على قطاع غزة، والدم الفلسطيني يُسفك، ولا من مُعين في بلاد العرب، باستثناء اليمن الشجاع، والمقاومة الإسلامية اللبنانية (حزب الله)، والمقاومة العراقية. ولا ننسى الدور العربي السوري على مدى 13عاماً من القتال والمقاومة وتحمّل الحصار والثبات في الموقف.
وجاء الرّد الإيراني المبهر، وأدخل الفخر لقلوب الإيرانيين وشفى غليلهم، وأبهج عرب المقاومة، وفي مقدمتهم أهلنا في قطاع غزة والضفة الغربية الفلسطينية، ولمسنا فرحة أهلنا وهم يصعدون في الخليل على أسطح الأبنية ويهللون ويكبرون ويزغردون، وهم يصورون سقوط الصواريخ على مواقع في الكيان. وبهذا فضحوا أكاذيب إعلام الكيان، ثُمّ وهي تمّر من فوق قبة الصخرة المُشرّفة محيّية، وتعبُر الفضاء فوق مبنى الكنيست الصهيوني الفارغ، لأن من كانوا فيه تواروا عميقا.
وفي غزة، ارتاح أهلنا من المسيّرات الصهيونية والقصف الوحشي، وتنفسوا بعمق وفرح وشماتة بالكيان المتوحش المنفلت، والذي تذله الصواريخ والمسيّرات الإيرانية، التي قطعت أكثر من 1200 كم، واحتاجت إلى زمن لا يقلّ عن 7 ساعات لتصل إلى الكيان، الذي لم يقدر، مع ذلك، على التصدي للهجوم الإيراني الكاسح والمدروس جيداً، والمُعَدّ بهدوء، والذي لم يستهدف أي موقع مدني إطلاقاً.
وهذا فعل أخلاقي من القوّة القادرة، والذي رُكِّز على ضرب قاعدتي انطلاق العدوان على القنصلية الإيرانية، في الجولان السوري وفي النقب الفلسطيني. وكانت الضربة الصاروخية التي استهدفتهما ناجحة تماماً، واعترف الإعلام الصهيوني بما لحق بهما عبر الصور التي بثّها.
احتاج الكيان الصهيوني إلى الحماية والرعاية لتجنيبه الخسائر الكبيرة من الهجوم الإيراني، وإلى الدعم الكبير من الولايات المتحدة الأميركية، وبريطانيا، وفرنسا، وربّما من دول أُخرى. ومع ذلك، وصلت المسيّرات المعلن انطلاقها من إيران مباشرة والصواريخ. وهذا ما يحدث لأوّل مرّة، وهو يُعلن: بعد اليوم، لا صبر على عدوانية الكيان الصهيوني وغطرسته واستباحته الأرض الإيرانية والدم الإيراني. وليس صدفة أن يصرّح الناطق الرسمي الإيراني مُحذّراً بعد الضربة الكبيرة: بعد ثوانٍ سيكون ردنا أكبر في حال ردّ العدو الصهيوني…
الدبلوماسية الإيرانية حاجّت الغرب الوقح: رفضتم إدانة العدوان على قنصليتنا في سوريا، فلا يحق لكم إدانة عقابنا للمعتدين!
منطق جديد مدعوم بالقوّة من إيران، التي أبلغت أميركا: في حال دعمك أي رّد فكّل قواعدك في المنطقة ستكون مستباحة.
كلام لا يحتاج إلى التفسير، وهو مدعوم بقدرات تستطيع إنزال العقاب الموجع في أي عدو منحاز إلى العدوان. وإيران، عبر هذا، تحظى بتقدير واحترام من كل القوى التي تنحاز إلى الحق وترفض العدوان. لذا، يأتي الموقفان الروسي والصيني داعمَين لحّق إيران في الدفاع عن سيادتها. وهناك دول كثيرة في العالم لم تتردّد في إعلان انحيازها إلى حق إيران في الدفاع عن سيادتها.
أمّا في وطننا العربي، فملايين العرب شعروا بأن إيران أقرب إليهم كثيراً من دول يحكمها تابعون لأميركا، وقلقون على مصير الكيان الصهيوني، وهم لا يُخفون ذلك!
انتهى زمن البلطجة “الإسرائيليّة”. وبعد 7 تشرين الأوّل/أكتوبر 2023 و14 نيسان/أبريل 2024 تكشّف الكيان الصهيوني عن “دولة” موظفّة، تحتاج إلى الحماية والرعاية من أميركا وسائر دول الاستعمار القديم وإمبراطوريتيه الآفلتين: بريطانيا وفرنسا، اللتين عاثتا فساداً وخراباً في وطننا العربي الكبير، وتتمتعان بتراث مُخزٍ في العالم.

الميادين نت – الصفصاف – وقفة عز

١٧ نيسان ٢٠٢٤