الأرشيفوقفة عز

الأستاذ إبراهيم محمود إبراهيم يوسف بليبل

اعداد نضال حمد وموقع الصفصاف

من طيطبا المحتلة الى مخيم عين الحلوة

منذ وعيت على الدنيا في مخيم عين الحلوة كان الأستاذ ابراهيم بليبل “أبو ماجد” بحطته البيضاء وعقاله الأسود حاضراً في المشهد اليومي، مشهد ذهابنا وإيابنا من والى مدارس قبية والفالوجة والناقورة وحطين. فقد عمل مدرساً في مدرسة الناقورة وأظن أنها كانت مدرسة للإناث، مدرسة البنات مقبرة شهداء هبة نيسان 1969. علم أستاذنا الجليل في مخيم عين الحلوة من سنة 1962 وحتى تقاعده عن التعليم في الانروا في سنة 1983. بعد الغزو الصهيوني للبنان واحتلال مخيم عين الحلوة. في الغزو المذكور فُقِد أو استشهد نجله البكر صديقي ورفيقي ماجد بليبل. ربما تم اعدام ماجد على الفور أو استشهد بعد اختطافه وتعذيبه من قبل عصابات بشير الجميل وعملاء الاحتلال شرق صيدا. نفس القصة حصلت مع فلسطينيين آخرين منهم الأستاذ المناضل الشهيد علي أبو خرج. كان من قادة الجبهة الديمقراطية في منطقة صيدا. وكان أيضاً من المعلمين الفلسطينيين وقام بتدريس الرياضة في مدرسة حطين التكميلية للبنين في مخيم عين الحلوة.

مع الشهيد ماجل بليبل استشهد في حزيران 1982 صيدا

كنت قبل الغزو الصهيوني للبنان ترددت على منزل الصديق ماجد بليبل وهناك تعرفت عن قرب وأكثر على الأستاذ ابراهيم بليبل رحمه الله. كانت هناك مجموعة من الشباب كانوا أكبر مني سناً لكن جمعتنب بهم صداقة وتلك المرحلة من الحياة. من أولائك الشباب أذكر المرحوم فريد محمد طالب حمد ابن عمتي والشهيد عبد الرؤوف رفاعي من طيطبا والأخ عبد الناصر السيد من بلدة سعسع وهو شقيق صديقي وأخي ورفيقي عبد القادر السيد.. والأخ علي خليل ابن عمتي من الصفصاف وآخرين.

الأستاذ ابراهيم بليبل من مواليد بلدة طيطبا قضاء صفد في الجليل الأعلى فهناك كانت ولادته لعائلة فلسطينية احتفلت بقدومه الى الحياة يوم 25 كانون الثاني 1920م. مما يعني أنه عند وصوله لاجئاً الى لبنان كان يبلغ من العمر 28 عاماً كما كان معلماً واستاذاً من أيام فلسطين.

أما بلدته طيطبا فهي جارة لبلدتنا الصفصاف ولبلدات جيراننا مثل الرأس الأحمر وقديثا والجش وميرون وعين الزيتون والدلاثا في الجليل الأعلى. لقد قام الصهاينة بتحويل أراضي طيطبا الى منتزه سياحي وحديقة طبيعية حيث يزورهما اليهود المستوطنون للاحتفالات والشواء واللهو والخ.

بعد النكبة سنة 1948 والنزوح الى لبنان وتأسيس مخيم عين الحلوة بداية سنوات الخمسينيات من القرن الفائت تجاورت عائلات البلدات الجليلية بالذات، فأهالي تلك البلدات كانوا جيراناً في الجليل على مر السنين وأصبحوا جيراناً في مخيم عين الحلوة بلبنان.

في طيطبا كانت البداية فهناك ولِدَ وهناك بدأ تعلم فك الحرف والدراسة في مدرسة طيطبا، التي أقيمت سنة 1925 بحسب ما قرأت في كتاب (طيطبا عروس جبل كنعان منذ كان القِدَم) اللأستاذ محمد نمر سعدي. بالمناسبة أشكر الأستاذ محمود نمر سعدي الذي أرسل لي نسخة من هذا الكتاب القيّم. بحسب أقارب ومعارف الأستاذ أبو ماجد فقد التحق بالمدرسة وهو يبلغ من العمر 8 سنوات.

عند قيامي بالبحث عن أي شيء عن المرحوم الأستاذ ابراهيم بليبل وجدت في الانترنت مقابلة معه كان أجراها موقع “هوية” الفلسطيني وأعاد نشرها موقع صيداوي. جاء فيها أنه تعلم في مدرسة طيطبا من سنة 1929 إلى 1935 المرحلة الإبتدائيّة، ثم أكمل تعليمه التكميلي في صفد وذلك ما بين عام 1935 و1940. أما هو فقد أكد أن مديره في مدرسة طيطبا كان الأستاذ حسام من بلدة رشرش، ومديره في مدرسة بمدينة صفد كان الأستاذ علي كعوش. اعتقد أنا كاتب هذه السطور أن الاستاذ كعوش من بلدة ميرون.

في نفس المقابلة قال الأستاذ ابراهيم بليبل: “في العام 1939 أصدر المندوب السامي البريطاني قانوناً أقرّ فيه أنّ كل فردٍ يبلغ من العمر 12 سنة يفصل عن المتوسط، لكنّ الحكومة البريطانيّة في ذلك الوقت رفضت هذا الشيء جملةً وتفصيلاً. حيث كان يوجد في كل صفٍ حوالي الـ 45 طالباً أكثرهم من الصفصاف وعلما وطيطبا”.

في بلدة البصة الفلسطينية المحادية لبلدة الزيب وللحدود الفلسطينية اللبنانية عند رأس الناقورة وهي بلدة فلسطينية كان فيها مسجد وكنيسة. هناك في تلك البلدة أنهى الحاج إبراهيم تعليمه المتوسط والثانوي. فيما بعد عمل منذ سنة 1944م كاتباً في سكة الحديد..

ثم جاءت نكبة شعب فلسطين في سنة 1948م، فخرج الحاج إبراهيم بليبل من فلسطين مع أهله وشعبه، حيث استقروا في بلدة يارون داخل الأراضي اللبنانية. استأجروا هناك بيتاً عند آل جعفر وبقوا في يارون قرابة الـ 5 أشهرٍ. بعدها رحل مع أهله لبلدة الشهابيّة الجنوبية اللبنانية واستأجروا هناك اصطبل للغنم، فقد استطاعوا الخروج من طيطبا مع طرشهم. وضعوا طرشهم الذي اصطحبوه معهم من فلسطين في الاسطبل بالشهابية وبقوا فيها عدة شهور. ثم غادروا الى بلدة عتليت وبقيوا فيها لمدة 4 شهور. فيما بعد أصبح الاستاذ ابراهيم معلماً في مدرسة قانا الابتدائية. بقي يعلم هناك من 1949 حتى 1952. وتزوج في قانا سنة 1951 ثم غادؤها مع عائلته الى مخيم عين الحلوة حيث استقر في حي طيطبا بالمخيم.

كان حاله كحال كثير من المعلمين الفلسطينيين فقد التحق بالانروا وتم تعيينه مدرساً في مدرسة بمخيم الجليل قرب بعلبك شرق لبنان، بقي مدرساً فيها لمدة ثلاث سنوات. حتى تم نقله من هناك الى مخيم برج الشمالي حيث سكن هناك من سنة 1955 لغاية عام 1960. بعد ذلك عاد الى مخيمنا عين الحلوة وعمل مدرساً في مدرسة الناقورة وكان في تلك الفترة أكمل تعليمه ودراسته في جمهورية مصر العربية حيث نحج في امتحان دار المعلمين، كما يقول هو و56 معلماً آخرين. بعد مصر ودار المعلين عاد الى لبنان وللعمل في مدرسة الناقورة حيث تمّ ترقيته. وبقي يعلم من سنة 1962 إلى العام 1983 حيث تقاعد من مدارس وكالة الغوث الأنروا. بعد ذلك توفي الحاج الأستاذ أبو ماجد وهو كان لازال متمسكاً ومحتفظاً بأوراقه الثبوتية من طيطبا ومن فلسطين المحتلة، على أمل العودة.

رحمه الله ورحم نجله الشهيد ماجد.

اعداد نضال حمد وموقع الصفصاف

13-12-2021