الجاليات والشتات

التطبيع يكرس الاحتلال ويحرف وجهة الصراع

جادالله صفا – البرازيل

بالوقت التي تشهد حملات المقاطعة قوانين وقرارات من الكيان الصهيوني والدول الحليفة له باوروبا امريكا وكندا والبرازيل لتجريم اي دعوة لمقاطعة الكيان اكاديميا وثقافيا وتجاريا وعسكريا وكافة اشكال التعاون  مع هذا الكيان ما دام لا يقر ويعترف بحقوق الشعب الفلسطيني ويواصل جرائمه اليومية ضد شعبنا الفلسطيني بالداخل الفلسطيني والضفة والقطاع والشتات، يشهد بالمقابل حملات تطبيع تدعو الى امكانية التعايش مع هذا الكيان ومجتمعه الاستيطاني، يغلب بمجمل دعوات التطبيع العامل الفردي على التنطيمي والمؤسساتي، كما حصل بصرخة من الاعماق التي عرضتها امل وهدان.

صرخة من الاعماق، بعد مراجعتها وقرأتها بدقة يكتشف القاريء بخطورة بعض الجمل والكلمات التي تحتويها الصرخة التي تم اصاغتها بطريقة يصعب على الانسان العادي والغير متمعن ومتمكن بالوعي السياسي والمـتأني بقرأتها بطريقة جيدة من اكتشاف ما تحتويه هذه الوثيقة من كلمات وجمل خطيرة جدا، عندما تتحدث عن كل سكان فلسطين، من هم سكان فلسطين؟ هل سكان فلسطين هم الذين يسكنوها اليوم؟ ام سكان فلسطين قبل عام 1948؟ ام سكان فلسطين الاصليين عربها (مسلمون ومسيحيون) والاقلية الضئيلة من اليهود قبل وعد بلفور او او او؟ هل يهود روسيا او بولونيا او الارجنتين هم يعتبروا من سكان فلسطين؟ لنقرأ ما هو مكتوب بصرخة من الاعماق “بما ان كيان المستوطنين اصبح يسيطر على كل فلسطين الانتدابية ارضا وسكانا ويقيم عليها نظام فصل وتمييز إثني ويستعبد قوة عمل ساكني المعازل فيها منذ عام 1967م . ونظرا لكون طبيعة الكيان المتسقة مع وظيفته قد وضعت كل فلسطين ارضا وسكانا ومحيطا اقليميا في دوامة متواصلة من الحروب المدمرة  والمجازر الدموية لابقائها في حالة التبعية الخارجية المطلقة، وحيث تعارضت هذه الطبيعة مع جميع الحلول المؤدية لعودة الحقوق المشروعة الى اصحابها، وفي مقدمتها عودة اللاجئين الى ديارهم، حيث تتنافر مع شروط العيش المشترك الآمن لجميع سكان فلسطين، وإقامة الاسس سلام عادل وشامل يؤمن لشعوب منطقتنا تعاونا مشتركا بديلا عن الكراهية والاقتتال وينزع عن فلسطين صفة بؤرة التوتر الدولي” من صاغ هذه الفقرة؟ هل صاغتها امل وهدان وحدها؟ هذه الفقرة وراءها فريق كبير، واعتقد انه تم زج امل لتكون هي كبش الفداء، هذه فقرة من عددا من الفقرات التي تشكل بجملها خطرا كبيرا على مجمل القضية الفلسطينية والثوابت والحقوق الفلسطينية التاريخية.

لقد عبرت الفصائل الفلسطينية موقفا رافضا للوثيقة منذ 10/03/2016 وسجلت موقفها وطالبت ” سحب الورقة المقدمة من آمال وهدان… بأعتبارها تتضمن مواقف خلافية ومثيرة للجدل … حيث أن الورقة تدعو للتعايش مع المستوطنين في فلسطين المحتلة. مما يعتبر خروجا على الثوابت الوطنية الفلسطينية…وورقة “الصرخة”  مثيرة للجدل ومشبوهة. هذا موقف الفصائل الفلسطينية.

أن يتعرض عادل سمارة للملاحقة القضائية لانه رفض الوثيقة وقام بتعرية من يروج لها ليس غريبا هذا الاسلوب بأن يلجأ له المطبعين باستمرار، لا يجوز ان نستغرب هذا التصرف، فالمطبعين لهم اسلوبهم القمعي، فمحاولة الاعتداء الفاشلة التي حاول احد المطبعين بالبرازيل القيام بها ضدي اثناء المنتدى الاجتماعي العالمي الهجرة واللجوء ايضا هي من المحاولات التي تصب بنفس الاتجاه ولها نفس الاهداف، فواضح جدا ان محاولة مهاجمة الافراد وملاحقتهم ومحاولات الاعتداء ومحاسبتهم باساليب عدة ومتنوعة من قبل ناس تدعي بالوطنية، ما كان هذا ليحصل لولا سياسة الاستسلام والانهزام التي تمارسها سلطة الحكم الذاتي والتي توفر غطاءا سياسيا وامنيا لهذه المجموعات سواء داخل او خارج فلسطين.

أن الكشف عن بنود والنصوص الخطيرة التي تتضمنها “صرخة من الاعماق” فإن  كاتبها ومتبنيها يعتبر ذلك تهديدا له ولمستقبله لانها كشفت عن اهدافها التي تضمنتها ، وهذا شيء طبيعي بمرحلة  التحرر الوطني الفلسطيني، ايضا هذه الحالة لا تنطبق على هذا الجانب، فشيء طبيعي اذا اتهمت فاسدا بالفساد ان يقوم بالتهديد والملاحقات القضائية، لذلك هذا يفرض على كافة الحريصين على الوطن والقضية والداعين الى مواجهة نهج الاستسلام والخيانة الاستمرار بفضح وتعرية كل هذه المواقف والقائمين عليها رغم كل الظروف التي تمر بها قضيتنا الفلسطينية ومقاومتها،

التطبيع يخدم الكيان الصهيوني وأطماع الحركة الصهيونية لإستكمال مشروعها بالمنطقة العربية ولتصفية اي حس وطني مقاوم للصهيونية وكيانها ومشروعها، كما يضر بالقضية الفلسطينية والمشروع الوطني والقومي العربي، فكيف يتم الدعوة الى التطبيع والتعايش مع الكيان الصهيوني ومستوطنيه ما دام هذا الكيان يواصل مصادرة الاراضي وهدم البيوت ويتنكر للحقوق السياسية والوطنية ولوجود الشعب الفلسطيني على هذه الارض؟ فمن هنا الورقة المقدمة من امل وهدان لا تدعو الى التخلص من الاحتلال ومستوطنيه وإنما التعايش معهما، وتدعو الى الانسحاب من المفاوضات، بدلا من التخلص من الاتفاقيات الموقعه بين السلطة والكيان الصهيوني، هذا التوجه الذي تحمله الصرخة لا يمكن ان يمر على احد اذا تمعن جيدا لدقة صياغة جملها وكلماتها، واعتقد من هنا جاءت عملية الرفض لها ولمضامينها، وهكذا فهم الطرف المتهم بالتطبيع ان رفض الوثيقة وتعرية مضمانيها يفهم من ذلك ان هناك تهديد بالقتل والحرق، ولا يعني بذلك القتل والحرق هي جريمة جسدية، وانما بمفهوم اخر، ولهذا رأى القائمين على الوثيقة الزج من جديد بامل وهدان لتمارس دورها لتكون الاداة التي يحاربون ويواجهون بها المناضلين الرافضين لسياسة التطبيع، بالمقابل لما يجري يفرض على كافة الاطراف والنشطاء المناهضين للتطبيع الى تطوير ادائهم دورهم وايجاد اطر تنظيمية متماسكة من اجل مواجهة هذه السياسة المدمرة التي تهدف بمضمونها الى تصفية الحقوق الفلسطينية وملاحقة المناضلين من ابناء شعبنا، وإلا فسياسية التطبيع ستتمكن من بناء قاعدة لها بهذه المرحلة امام الواقع المؤلم لحالتنا الفلسطينية.

جادالله صفا – البرازيل

17/07/2016

اترك تعليقاً