الأرشيفوقفة عز

الحاج أبو خالد يونس عاد الى فلسطين ليلقى ربه هناك ويدفن في دير حنا – نضال حمد

الحاج أبو خالد يونس تمنى أن يموت في فلسطين ومات ودفن فيها

كان المرحوم الصادق والأمين أبو خالد يونس من ختايرية ووجهاء بلدة الصفصاف ومخيم عين الحلوة. وهو المولود في بلدة الصفصاف قبل النكبة بعشرات السنين. لا تسألوننني عن تاريخ ولادته فلا أنا أعرف ولا حتى عائلته، لأنه ولد في زمن الحكم العثماني في فلسطين العربية، وفي ذلك الوقت لم تكن في بلادنا سجلات للولادة، وكان متعارفاً بين أهالينا ويقولون فلان ولد سنة الثلجة أو سنة الهزة أو سنة كذا كذا…

في ظل الهيمنة العثمانية على شرق المتوسط  والعالم العربي بأكمله كان العثمانوين يقودون الشباب والرجال الفلسطينيين والعرب للقتال على جبهات المعارك في أوروبا وفي البلقان بالذات. فعندما أصبح عمنا المرحوم أبو خالد يونس شاباً أخذته الدولة العثمانية ليكون محارباً في صفوفها ضد دول المحور آنذاك.

اثناء خدمته على جبهات الحرب أصيب في ركبته وأصبح عاجزاً عن الاستمرار في القتال. بعد فترة وعندما تحسنت حالته الصحية استطاع أن يهرب من الحرب ويعود إلى فلسطين وإلى الصفصاف بالذات، تماماً فعلت غالبية شباب فلسطين الذين اقتيدوا عنوة وبالقوة الى ساحات وميادين الحرب والمعارك. عاد أبو خالد يونس مشياً على الأقدام، قاطعاً كل تلك المسافة الطويلة من تركيا إلى الصفصاف في فلسطين سيراً على قدميه، هذا بالرغم من إصابته في الركبة. بتلك الطريقة نجا من جحيم الحرب وكتبت له النجاة والحياة ليشهد بعد سنوات نكبة شعبه وتشرده واحتلال وطنه وبلدته من قبل أعداء الحياة.

بحسب الروايات العديدة التي سمعتها والتي أجمعت على أن المرحوم كان يتمنى الموت في فلسطين وأن يدفن هناك. فقد تحققت أمنيته حيث توفي في بلدة دير حنا ودفن فيها خلال قيامه للمرة الأولى بزيارة ابنته التي كانت لازالت حية وتعيش مع زوجها (من آل خلايلي) وأولادها في بلدة دير حنا غير بعيد عن الصفصاف. بالمناسبة لازالت أيضاً تعيش في الدير عمتي عطرة أحمد حمد – أم فؤاد حسين- وقصتها مثل قصة إبنة ابو خالد يونس أي إبنة بلدتها الصفصاف، حيث بقيت هناك بعد النكبة مع زوجها وأطفالها ولازالت حتى يومنا هذا. فقد توفي والدها (جدي أبو محمود حمد – النعيم-) ووالدتها (جدتي غزالة عزام من بلدة الجش) في لبنان ولم ترهما منذ النكبة. قريباً سوف يكون هناك مقالة شافية ووافية عن عمتي شافاها الله وعافاها.

الحاج أبو خالد يونس تمنى أن يموت في فلسطين ومات ودفن فيها

دفن الحاج أبو خالد يونس في بلدة دير حنا قضاء عكا في الجليل الأعلى الفلسطيني المحتل. عندما فاجأه الموت كان يقيم الصلاة في بيت أصدقاء له في قرية بيت جن المجاورة لبلدة الصفصاف بحسب ما قاله مؤخراً في ندوة بذكرى سقوط الصفصاف، الأستاذ الشاعر صلاح حمد – أبو أشرف.

جدير بالذكر أن الحاج أبو خالد كان في زيارة لابنته في دير حنا يوم وافته المنية. ابنته بقيت بعد النكبة في دير حنا مع زوجها من آل الخلايلة وتوفيت في السنوات اللاحقة. وكان أنسباؤه عملوا له تصريح للزيارة واستطاع السفر للقاء ابنته للمرة الأولى منذ سنة 1948.

 هذا ما قاله لي الأخ حميد يونس خلال مكالمة هاتفية تحدثنا فيها عن الحاج أبي خالد يونس. فالمرحوم كان إنسانا على قدر من الأخلاق والأمانة والشرف بكل معنى الكلمة. هذا وكانت كلمته مسموعة من الكبير قبل الصغير بين جميع آل يونس.

وأضاف الأخ حميد أنه ” كانت للعم أبو خالد صفات حميدة يفتخر ويعتز بها. لم يرتكب الحرام ولا الأعمال غير المرغوب بها. كان يمون على جميع نساء العائلة ورجالاتها ولا يستطيع أي واحد أن يصده أو أن يتكلم معه. فالجميع كان يكن له الاحترام والتقدير. وعلى ما أذكر فإن والدي وأخوالي وخالاتي كان يكون لهم إبن عمتهم، ولكن تقديراً واحتراماً له كانوا ينادونه بالعم أبو خالد”.

لأن حديث الأخ حميد عن كبيرهم أبي خالد كان جميلاً وممتعاً ومفيداً، لم أقم بمقاطعته كثيراً فقد كان مسترسلاً في تزويدي بالمعلومات التي طلبتها. ولأن الرسالة الأمانة فقد ذكر بأمانة كل ما يعرفه ويتذكره. ذكر لي أيضاً قصة عن المرحوم أبي خالد قبل أن يقوم بالسفر الى فلسطين للقاء ابنته. قام بجولة على الأقارب لوداعهم وكان يطلب منهم الدعاء لله أن تكون منيّته ووفاته في فلسطين.

ولأن المرحوم كان وجهاً معروفاً من الصفصاف قبل وبعد النكبة فقد إحتفى به كل من يعرفه من دير حنا أو من القرى المجاورة لبلدتنا الصفصاف حين وصل الى البلاد زائراً برفقة زوجته أم خالد وهي من بلدة الجش وكانت إمراة جميلة جداً بحسب محدثي.

تم الترحيب به بشكل خاص في قرية الجش من قبل أنسبائه هناك. فخلال تواجده في دير حنا دعوه لزيارة الجش وهي جارة الصفصاف. فذهب إليهم وقبل الغداء قال لهم سوف أقوم لأصلي صلاة الظهر أو العصر… وبينما هو ساجد لله فاضت روحه إلى بارئها. أما الحجة زوجته أم خالد فقد انتبهت لطول المدة التي يصلي بها زوجها فقامت لتفقده، ودخلت عليه فوجدته ساجدا لله بدون حركة. عندها نادت عليه واقتربت منه وحركته لكن لا حركة بدرت منه. لا أعرف بالضبط مكان وفاته أهو في الجش أو في بيت جن وأترك الجواب الصحيح لأحفاده “الخلايلية” حيث دفن.

المرحوم أبو خالد رجل الصفات الحميدة كان انساناً ملتزماً وصادقاً وقليل أمثاله مممن يمتلكون الصفات الحميدة والصدق والاستقامة. فرحمه الله هو وزوجته وابنته وكل عائلته.

في الختام سواء توفي في الجش أو في بيت جن فقد نال ما طلبه وتمناه وهو أن يلقى ربه وتكون خاتمة حياته على أرض فلسطين. لقد أعوه الله بجنازة وقبر في فلسطين، حيث دفن فيها رغم أنف الاحتلال الذي يمنع دفن الفلسطينيين الزائرين لأقاربهم في بلادنا المحتلة فلسطين.

نضال حمد – موقع الصفصاف – وقفة عز

5-11-2022