الأرشيفثقافة وفن

 الدكتور محمد الحوراني رئيس اتحاد الكتاب العرب ـ سوريا في لقاء أجرته مي أحمد شهابي

 الدكتور محمد الحوراني رئيس اتحاد الكتاب العرب ـ سورياأجرى اللقاء: مي أحمد شهابي


يحيلنا الأدب في مفهومه الكوني على ترجمة فنية لواقع الشعوب وعلى اختلاف مدارسه ومناهجه، لا يزال مدونة فنية متطورة تعالج الهواجس والقضايا الإنسانية وتناقش الأبعاد الثقافية للحضارات. فباتت الكلمة الصادقة والتي تنطلق من إيمان قومي عروبي، يدعم ويشارك بالمقاومة عبر الابداعات الأدبية والثقافية المختلفة سلاحاً عظيم الأهمية في مواجهة الاحتلال الصهيوني لفلسطين ومرتفعات الجولان وما تبقى من أراضي لبنانية محتلة. إضافة لمواجهة غطرسة وسياسات الغرب عموماً، والولايات المتحدة خصوصاً، فباتت كلها تكتسب أهمية استثنائية في المعركة التي نخوضها في فلسطين وسوريا والجنوب اللبناني الصامد، ومن أجل تكريس هذه المعرفة والثقافة الوطنية كان لنا هذا اللقاء مع الدكتور محمد الحوراني “رئيس اتحاد الكتاب العرب”.. 


س١ من موقعكم كرئيس لاتحاد الكتاب العرب، ماهي المهمات التي تضطلعون بها على الصعيد الفكري والثقافي وتشكل دعماً وإسناداً للنضال الوطني، وماهي الثقافة التي تسعون لتكريسها مجتمعياً؟.

لعل من أهم مايجب على اتحاد الكتاب القيام به، في هذه المرحلة الدقيقة والخطيرة من تاريخ بلدنا خصوصا والمنطقة عموما، الاهتمام بالأدباء والمثقفين الحقيقيين والتواصل معهم والاستفادة من تجاربهم وخبراتهم، ذلك أنه لايمكن البناء من خلال الهدم، ونسف كل ماهو قديم، فالثقافة هي فعل جمعي تراكمي يقوم على تعزيز المبادىء والقيم والنهوض بها للوصول إلى ثقافة تليق بتضحيات أمتنا وتاريخها، من جهة أخرى فإن الاهتمام بالشباب ورعاية المواهب الأدبية الشبابية هو من أهم مايجب على الاتحاد القيام به وتطويره، فالشباب مستقبل الأمة وعندما يكون هذا المستقبل بلا ثقافة حقيقية، نهضوية وطنية أصيلة، فإنه لن ينجح ولن يكون قادرا على مواجهة الصعاب والتحديات، كما أنه من واجب اتحاد الكتاب العرب أن يضع حدا لحالة التدهور في الوسط الثقافي، والتي أتت نتيجة تسيد المنابر من قبل أشخاص لاعلاقة لهم بالثقافة والفكر واللغة والابداع.

س٢: من منظور الثقافي والأدبي، هل سيحافظ الأدب على مكانته كمرآة نرى من خلالها خبايا المجتمعات وقضاياه؟

وهل سنشهد اضمحلالاً للنص الأدبي أو أنه سيحافظ على كينونته في ظل الدفق الثقافي ومتغيره في المشهد الثقافي العالمي؟. لايمكننا أن نضع النصوص الأدبية والإبداعية جميعها في سلة واحدة أو في خانة واحدة، فهناك نص أدبي مثقف يحمل الإبداع والفكر والتميز، وهناك نص إنشائي، تم تركيبه من غير أن يكون مرتكزا على قواعد وأسس ثقافية ومعرفية، وإنما قام صاحبه بتركيب كلماته المأخوذة من هنا وهناك دون قواسم مشتركة، ليظهر النص، قصة كان أم شعرا أم رواية أم مسرحا وغيره، وكانه جسد بأطراف غير متجانسة ورؤوس أقرب ماتكون إلى رؤوس الشياطين، هذا النوع من النصوص لايمكن لها أن تثبت أو أن تحجز مقعدا لها في عالم التحليق نحو الإبداع الحقيقي محليا كان أو عربيا أو عالميا، أما الصنف الأول فمن الممكن جدا أن يحقق حضورا متميزا وبهيا في عوالم الأدب والإبداع، وأن يكون دائم الثبات والرسوخ في ضمائر الشعوب المثقفة والمعنية بالإبداع والتميز المعرفي.


س٣ تسعى القوى الصهيونية والغربية العميلة على تجزئة الحقوق العربية وحرف الأنظار عن القضايا المركزية وخاصة القضية الفلسطينية. برأيكم كاتحاد كتاب عربي، كيف يمكن التصدي لهذه السياسات؟..لعل أخطر مايواجه القضية الفلسطينية، والتي هي قضيتنا المركزية، هي محاولة صرف أطفالنا وشبابنا عن الاهتمام بها، وجعلهم يقبلون التطبيع مع العدو الصهيوني بأشكاله كافة، السياسي، والثقافي، والأدبي، والرياضي، والإعلامي، والفني، وغيره، وذلك تمهيدا لخلق جيل بلا ثقافة وبلاهوية، جيل لاتعنيه فلسطين، وإنما يعنى بالهجرة إلى الدول الأوربية والغربية، التي من شأنها أن تحقق له نوعا من الرفاهية والعيش الرغيد الذي لايجده في معظم الدول العربية، من هنا تأتي أهمية دور اتحاد الكتاب العرب والمؤسسات الثقافية بالاهتمام بالاطفال والشباب وتعزيز ثقافة الانتماء والمقاومة عندهم، من خلال المشاركات الأدبية والمسابقات الثقافية وغيرها، فضلا عن التنسيق مع اتحادات الكتاب في الدول العربية لتعزيز هذه الثقافة، ذلك أن المخططات الصهيونية لاتستهدف دولة دون الأخرى وإنما تستهدف الجميع، ولكن هذا لايتم دفعة واحدة، وإنما هناك أولويات لتحقيق هذا الاختراق وتكريس التطبيع والهيمنة. من هنا تأتي أهمية المدرسة الحديثة والتي هي مصنع الرجال، حسب روحي الخالدي، لأن ثورة السلاح والمقاومة هي أهون الثورات، كما أن الثورة الكبرى هي بناء الإنسان الجديد القادر على الدفاع عن الوطن.س٤ يجري الحديث عن مشاريع مختلفة تمس مصير المنطقة العربية عنوانها شرق أوسط جديد.

برأيكم هل هناك مستقبل لمثل هذه الطروحات في الوقت الذي يجري فيه تهافت من بعض العرب على التطبيع مع العدو الصهيوني وهل سيتمكن محور المقاومة من مواجهتها وهزيمتها؟

بداية لابد من التأكيد على أن الأمة العربية تمتلك من الإمكانيات والطاقات البشرية والاقتصادية والثقافية، مايكفي، ليس فقط لردع الكيان الصهيوني وإجباره على الاعتراف بالحقوق الفلسطينية والعربية، وإنما تدميره وإنهاء وجوده إلى الأبد. صحيح أن المخططات الصهيونية والغربية كبيرة وكثيرة وخطيرة، ولكنها تنفذ غالبا بأموالنا، ومن خلال اختراق اقتصادنا وثقافتنا وتدمير حضارتنا، وبالتالي فعندما توجد النية الصادقة والرغبة الحقيقية في التصدي لهذه المخططات فإنها ستفشل وتنتهي، ولعل الحروب الفاشلة التي شنها الصهاينة علينا خلال ربع قرن تقريبا، كانت اكبر دليل على قدرتنا على إفشال مشاريعه العدوانية التوسعية، كما أن عملية سيف القدس قبل أكثر من عام، أثبتت فشل العدو الصهيوني في سعيه لكي وعي الشعب الفلسطيني خصوصا والعربي عموما، لا بل إنها أثبتت حضور القضية الفلسطينية برسوخ وثبات في ضمير أبناء الأمة.