غير مصنف

الراحل سمير شوكت اللامي، من ذاكرة المخيم والنضال – نضال حمد

قبل أيام قليلة رحل عن عالمنا الأخ سمير شوكت اللامي – أبو حسان – وهو المناضل العراقي بقلب فلسطيني. الشاب العربي الذي جاء في سبيعنيات القرن الفائت من العراق الى مخيمات الفلسطينيين في لبنان للنضال معهم في لبنان وعلى خطوط القتال. وصل الى قواعد ثورتهم ومقاومتهم محملاً بقناعته وايمانه بأن القضية الفلسطينية هي قضية كل العرب من المحيط الى الخليج ومن الخليج الى المحيط. وبأن الصراع مع العدو الصهيوني هو صراع الأمة كلها، دفاعاً عن بقائها من عدمه. وبأن ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة. وبأن فلسطين هي كل فلسطين وإن لم تعد قريباً سيستمر الكفاح جيلاً بعد جيل.

عاش الرفيق سمير في قواعد الفدائيين وفي مخيمات الفلسطينيين، مخيماته، مع ناسهم ،ناسه، مع شعبهم، شعبه، قومهم، قومه وأهلهم، أهله، فكان واحداً منهم، أحبوه وأحبهم واحترموه واحترمهم وقدروه وقدرهم، فناسبوه وناسبهم. في سنة 1980 تزوج سمير من ابنة عمتي، نوال محمد علي خليل، الفتاة الفلسطينية الصفصافية، التي رافقته في سفر العودة الى العراق بعد غزو لبنان سنة 1982 ولازالت هناك حتى يومنا هذا.

في مرحلة النضال في المخيمات الفلسطينية صار سمير اللامي واحداً منهم وعاش مثلهم حياة البسطاء والفقراء، الأغنياء بقلبوهم الطيبة وايمانهم الكبير وعروبتهم الأصيلة. فأصبحت تعرفه كل الحارة الفوقا في مخيم عين الحلوة أكبر مخيمات الفلسطينيين في لبنان. ثم صارت تعرفه كل حارات المنطقة الفوقا، حارة الصفصاف وعرب زبيد وطيطبة ثم كل مخيم عين الحلوة. كان قريبا الى القلب وذمثاً ومرحاً وسرعان ما يتقرب من الآخرين ويتقربون منه فيصبحون مع الأيام أصدقاء وأصحاب وأحباب.

في ذلك الوقت من الزمن الفلسطيني بالتوقيت اللبناني كانت المخيمات الفلسطينية ثم المدن اللبنانية مثل الحصون والقلاع والموانئ والمرافئ التي تستقبل كل شرفاء وثوار وأحرار العالم. من آولائك المناضلين العرب والأممين كان الرفيق والصديق العربي العراقي سمير شوكت لازم اللامي، المولود في مدينة الثورة في بغداد. التحق سمير الفدائي العربي بالثورة الفلسطينية عبر تنظيم جبهة التحرير العربية سنة 1977. ومن المعروف أن الفصائل الفلسطينية بالذات اليسارية كانت تضم مجموعات كبيرة من العراقيين، بعثيين ويساريين وشيوعيين. وهناك قوافل من الشهداء العراقيين سقطت على درب تحرير فلسطين. سبق لي أن كتبت مقالة قبل سنوات بعنوان “شهداء عراقيون في الثورة الفلسطينية”. ذكرت فيها بعض الأمثلة عن تضحيات الشهداء والمناضلين العراقيين لأجل فلسطين.

شارك الرفيق الراحل سمير اللامي بالتصدي لاجتياح آذار – مارس عام 1978 الصهيوني لجنوب لبنان عقب عملية الشهيدة دلال المغربي ورفاقها في يافا بفلسطين المحتلة. كما قام بعدة عمليات ومهمات استطلاعية وقتالية فدائية داخل فلسطين المحتلة. شارك أيضاً في معارك حرب الجسور سنة 1981. يوم اجتاح الصهاينة لبنان في غزو حزيران – يونيو صيف سنة 1982 تصدى للاجتياح الصهيوني. صمد في موقعه هو ورفاقه حتى نفذت ذخيرتهم. حاصرتهم القوات الصهيونية وأسرتهم في منطقة “ضيعة العرب” في جنوب لبنان. تم نقله الى معتقل أنصار وبقي هناك حتى تمت عملية تبادل الأسرى بين الفلسطينيين والصهاينة. تم الافراج عنه في عملية التبادل فأختار التوجه الى الجزائر، هناك التقى بزوجته وأولاده بعد فراق وألم، ومن ثم انتقلوا للعيش في بغداد بعد فترة من الوقت  قضوها في بلد المليون ونصف المليون شهيد في الجزائر.

بعد غزو الجيش العراقي للكويت قاتل ضد جيش العدوان الأمريكي وحلفائه عام 1991. كما قاتل ضد الاحتلال الأمريكي في العراق عام ٢٠٠٣ إبان غزو العراق. وسبق ونال عدة أوسمة على شجاعته. فقد كان نعم المقاتل والاخلاق والانضباط.

توفي الأخ سمير الذي كان جزءاً من ذاكرتنا المخيمية والفدائية والرفاقية والنضالية قبل أيام في بغداد تاركاً خلفه أولاده وزوجته. بفقدانه نفقد صديقاً، رفيقاً وانساناً مناضلاً، عراقياً، عربياً بدم فلسطيني.

ملاحظة للجيل الجديد ولصغار السن:

بالنسبة لتنظيم جبهة التحرير العربية هو غير تنظيم جبهة التحرير الفلسطينية بقيادة الشهيد الراحل الأمين العام طلعت يعقوب. أقول هذا الكلام لتعريف صغار السن والجيل الجديد بالفصيل المذكور والفصائل الأخرى.

” ج.ت.ع” تنظيم فلسطيني تاريخي، اعتنق فكر البعث وكان جناحاً فلسطينياً لحزب البعث العراقي، مثلما كان ولازال تنظيم الصاعقة جناحاً لحزب البعث السوري. نفذت جبهة التحرير العربية الكثير من العمليات الفدائية الناجحة ضد العدو الصهيوني ومستعمراته في شمال فلسطين المحتلة.

كان الأمين العام لجبهة التحرير العربية الشهيد عبد الرحيم أحمد. فيما بعد حصار بيروت والانسحاب منها سنة 1982 ونكبات سلام الشجعان في اوسلو، انشقت جبهة التحرير العربية كما غيرها من الفصائل وأصبحت فصيلين الأول جبهة التحرير العربية والثاني الجبهة العربية الفلسطينية، كلاهما تابع لسياسات فتح وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية. مما يعني أن الخلاف بين الطرفين هو خلاف تنظيمي ولم يكن سياسياً.

نضال حمد

2-4-2021

سمير شوكت اللامي – نضال حمد