الأرشيفوقفة عز

الشاعر الأستاذ المرحوم أنور صالح الموعد – إعداد نضال حمد وموقع الصفصاف

شاعر الجيل الفلسطيني الراحل أنور صالح الموعد في سطور

ولد الشاعر أنور صالح الموعد في بلدة صفورية قضاء الناصرة بفلسطين المحتلة سنة 1938. أي عشر سنوات قبل النكبة واحتلال فلسطين التاريخية من قبل عصابات الارهاب الاستعمارية الصهيونية.

كما الكثيرين من أبناء جيله التحق بالمدرسة وتعلم في مدرسة صفورية فك الحرف والقراءة والكتابة، فهناك برزت ملامح اهتماماته الثقافية والأدبية ومحبته للشعر العربي، هذا كما جاء في سيرته الذاتية في أول دواوينه الشعرية بعنوان “صرخة نازح” الصادر سنة 1960 في لبنان. يقال أنه نظم الشعر وهو في الثالثة عشرة من عمره .

بعد اللجوء الى لبنان أكمل تعليمه المتوسط في مدارس الانروا بمخيم عين الحلوة، ثم أنهى دراسته الثانوية في مدرسة المقاصد سنة ١٩٥٩. فيما بعد أنهى دراسته الجامعية في جامعة بيروت العربية سنة ١٩٧١ وحصل على درجة الليسانس في الأدب العربي.

في ذكرى مرور 12 عاماً على نكبة فلسطين أصدر ديوانه الشعري الأول والذي كانت جل قصائده عن فردوسه المفقود، فلسطين العربية، وطن الشعب العربي الفلسطيني. في أعقاب صدور الديوان (صرخة نازح) سنة ١٩٦٠ أطلق عليه لقب “شاعر الجيل الفلسطيني”.

كان مديرا في المدرسة الوطنية المجانية في بلدة الغازية قرب مدينة صيدا، حيث تقيم مجموعة من العائلات الفلسطينية ومنها بعض عائلات صفورية. ثم قام  بالتدريس في مدرسة المقاصد الاسلامية في صيدا. كما كان مديرا لمدرسة “النضال” في تعمير مخيم عين الحلوة من عام ١٩٦٩ حتى عام ١٩٧٢.

سافر الى ليبيا حيث شغل مركز منسق اللغة العربية في مدينة بنغازي الليبية سنة ١٩٧٢ وبقي في ليبيا حتى العام ١٩٩٦. وجدير بالذكر أن أستاذنا الشاعر كان عضواً في إتحاد المعلمين الفلسطينيين وكذلك  في اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين. يجب الإشارة الى أنه لم ينتمِ رسميا لأي تنظيم فلسطيني معين، فقد كانت فلسطين هي البوصلة والهدف. أما الفصائل فكانت ويجب أن تبقى وسيلة لعملية التحرير والعودة لا أكثر لأن فلسطين أهم من الجميع وفوق الجميع.

والده الشيخ صالح الموعد وعمه الأستاذ موعد الموعد مدير مدرسة الظاهرية في الأنروا. كما أن الشيخ عمر الموعد الرجل الغني عن التعريف يكون ابن عم والده. فعائلة الموعد عائلة كبيرة ومنتشرة في صيدا وعين الحلوة ومخيمي طرابلس وفي مخيمات سوريا وبالذات في مخيم اليرموك قرب دمشق. بمناسبة الحديث عن ذلك أذكر أنه جمعتني علاقة صداقة مع كثيرين من أبناء العائلة في الشام، منهم المرحومان أبو هشام عارف الموعد ونجله هشام أبو العارف وكذلك نجله محمد أبو فراس في السويد، ولا أنسى أيضا الأخ مأمون موعد في السويد أيضاً. فيما كانت ولازالت العلاقة التي جمعتني وتجمعني مع أخي المستشار القانوني والباحث السياسي رشيد موعد أهم قضاة سوريا قوية ومتينة للغاية. هؤلاء كلهم أخوال وأقارب المرحوم الشاعر الأستاذ أنور صالح الموعد. أما أعز أصدقائه وزملاء الدراسة في الجامعة فنذكر منهم أبو الشبل، (الأستاذ علي أبو خرج).

الأستاذ إبراهيم محمد سعيد عبد المعطي والأستاذ جمال سعيد الحاج.

من المعروف عن الشاعر الراحل أنه شارك في التلفزيون والإذاعة والصحافة بقصائد عصماء وله عدة دواوين شعرية عديدة في مختلف المواضيع التي تخدم أمته. عمل واشتغل في ليبيا بالتدريس في مجال تخصصه في الأدب العربي، وكان منسّقاً للغة العربية وآدابها كما كان رئيساً للجنة الشعر، ونال عدة تقديرات في مجاله بإمتياز ، من ١٩٧٢ الى ١٩٩٦. كما اشتغل في اليمن السعيد في مجال التدريس وشارك في مهرجانات شعرية عديدة. كما وعمل في المجال الوطني لخدمة شعبه وأمته. توفي أستاذنا الشاعر، شاعر الجيل في بلدة الغازية في لبنان سنة ٢٠٠٣ رحمه الله.

تقول إبنته حياة أن والدها المعلم والشاعر أنور صالح الموعد كان ينظم في كل عام قصيدة للمعلم وكانت له قصائد محببة وقريبة الى قلبه.  حياة كتبت في بروفيلها بفيسبوك: “أيها الوالد الحبيب… من الصعب أن يمر علينا عيد المعلم الذي كنا نحتفل به معك يا أرقى وأطيب المعلمين، وأنت لست بيننا، فبفقدك أيها الحبيب فقدت الحياة رونقها. رحمك الله أيها الوالد المعلم وجمعنا بك في جنان الخلد”.

محمد موعد نصار

علق عند حياة قائلاً: “كان الوالد رحمه الله يشارك في كل عام بشهر آذار في الاحتفالات التي تقيمها وزارة التربية والتعليم في ليبيا بقصيدة، يلقيها على الحضور وتفوز بالمرتبة الأولى. رحمه الله وأسكنه فسيح جناته”.

فيما قالت هيام صالح: ” الله يرحمك يا عمي، مارست هذه المهنة النبيلة بإخلاصٍ وتفانٍ فكانت أاشعارك صادقة ومعبّرة…”.

أما الأخت أم حسن أبو خرج فقالت معلقة: “رحمه الله عليك يا أبومحمد، الشاعر والمربي وأحد وجوه المجتمع الفلسطيني بليبيا. كان محباً للجميع ومخلصاً بعمله والابتسامة لا تفارق وجهه.”.

قصيدة “شهيد القدس”

نظم الشاعر تلك القصيدة عام ٢٠٠٢ وألقاها خلال لقاء تلفزيوني وكأنها بحسب أحد المعلقين من آل أبي خرج تحاكي واقعنا الحالي. فيما الدكتور صلاح أبو خرج كتب: ” رحم الله الشاعر الأستاذ أنور الموعد. نذكره في هذه الأيام كأنه بيننا يحيي انتفاضة الأقصى، يؤبن الشهداء، يحض على الثورة وعلى المقاومة”.

هذه القصيدة ألقاها الشاعر بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف وقد نظمها عام 1959

رباه إن الكون ليل أسود………والناس مثل ذئاب غاب قد بدوا

و الشر يلعب بالنفوس جميعها……والظلم يرتع والعدالة تفقد

لا امن فالفوضى تلف وجودنا…….لا دين يحيا لا كرامة توجد

فالأب يرتع في الفساد منعما”……والأبن أيضاً في البرية يفسد

و الأم تظلم دون ذنب واضح…والبنت في ارض المهيمن توأد

ومجالس للفسق تعقد دائماً ……….والناس للهبل المعظم تعبد

رباه عجل بالدواء لنفعنا…………..فبدونه موت بغيض مربد

رباه أنقذنا وطهر أرضنا………….وابعث لنورك فيه إنا نرشد

وأجاب رب الكون دعوة صفوة…..لما دعوه لينقذوا او يهتدوا

ولذاك أرسل للوجود نبيه………….فإذا النبي ضياؤه المتوقد

فلقد أتي للكون ينجد شعبه……فإذا السماء تصيح جاء المنجد

جاء البشير المرتجي والمصطفى….جاء النبي الهاشمي محمد

جاء الوجود وكان ليلاً دامسا ……..بوجوده بدأ الظلام يبدد

نشر العدالة والنزاهة والوفا….وبه جميع الناس صاروا واقتدوا

زرع الصلاح وكان خير سلاحه …عدلا وعطفا ثم خلقا يحمد

باللين قاد جحافلا جرارة……..من دونه لم يقتدوا او يهتدوا

كان المثال لكل خلق إلهه ……….والله في هذا الكلام يؤكد

والله أرسله لهدي عباده …….نحو الصراط المستقيم ليسعدوا

ودعاهم كي يؤمنوا بإلهنا………..من أنه الفرد العلي الأوحد

وبأن أحمد في الوجود نبيه……….فعليهم أن يشهدوا ويشهدوا

والواجبات دعاهم لأدائها………..وهم لذلك بالأداء تعهدوا

لحقوقهم نالوا لأن وجوده………..معناه أن العدل صار يوطد

فبفترة معلومة وقصيرة………….بدأ النبي بذا الوجود يجدد

والخير عم وغاب شر راتع……..والعدل جاء وراح ظلم أسود

أنبينا كم قد عملت لخيرنا……….والخير فيك موطد ومؤكد

أنت الذي حررتنا وبعثتنا………فبكم طهارة أمتي تتجسد

أنت الذي حققت عدلا سائغا………للعالمين وأنت أنت الفرقد

أنت الذي لم الشتات بشعبنا……والشهم أنت وأنت أنت السيد

فاليوم نذكر مولدا لك حافلا…….المجد فيه وفيه أنت الامجد

هو مولد النور الذي ضاء الدنا…واليوم فيه يجيء ذاك المولد

هو مولد لنبي اشرف أمة………….مقدامة في كل ريح تصمد

لا لم تمت يا أحمدا في أمتي……….لا لم تمت فبكل عام تولد

فالكل لاسمك يا بني يردد………….والكل في ذكر الأمين يزغرد

يا ربنا يا من بعثت محمدا………..بالحق للعرب الكرام فوحدوا

يا ربنا وحد كبار رجالنا………وأخمد لمن جاؤوا لنورك يخمدوا

وارسل الينا من لدنك برحمة ……..يا ربنا يا من لشكرك نسجد

وارجع الينا يا رؤوف ديارنا….واجمع لمن في كل صقع شردوا

واهلك يهود العالمين جميعهم……فهم إذا حلوا بأرض أفسدوا

يا رب وأهلِك كل من هو ظالم…….وأهلِك لمن في حق شعبي يجحد

يا رب وارشدنا لخير امورنا …………إنا بنورك يا مهيمن نرشد

يا رب واغفر للذنوب ذنوبنا……واحصد لمن في جمع شعبي يحصد

يا رب لا تغلق لبابك دوننا………….ها قد أتينا نحو بابك نقصد

دين النبي المصطفى هو ديننا……ونبينا هو في الحقيقة أحمد

دستورنا بحياتنا قرآننا……………….ولخالق الاكوان انا نعبد

فامشو على سبل الرشاد جميعكم…….. .لا ترقدو يا إخواتي لا ترقدو

صلو على خير الخلائق كلهم…..ولجمعكم يا مسلمون فوحدو

….أوعد الغرب

أوعد الغرب يا شر الوعود …… ويا شر الوثائق والعهود

أبلفور اللعين أيا لئيما …… ويا وغدا يسير إلى النقود

يسير لأخذها في حين يسعى …… لطعن العرب بالسيف الشديد

فوعدك يا لعين به ظلمنا …… فعاث الخصم في أرض الجدود

وعدت الغاصبين بأن يعيشوا …… بأرض القدس بالعيش الرغيد

وعدت المجرمين ولم تبالي …… بشعب صامد مثل الحديد

وعدت الخصم في ارضي ولكن …… سنرجع رغم صولات العبيد

سنرجع للبلاد بكل عزم …… ونفتك بالصهاينة اليهود

ايبقى شعبنا هذا ببؤس …… ويملك خصمنا ارض الاسود ؟

بهذا الوعد جل الشعب امسى …… شريدا نائيا خلف الحدود

فهذا الوعد للاعراب شر …… وللاغراب من خير الوعود

واني قد طعنت بوسط قلبي …… ولكن هل اغير من صمودي ؟

ساصمد كالجبال ولن ابالي …… وارجع للبلاد بلا قيودي

ساقدم للبلاد بلا تواني …… وانقذ للديار بلا ركود

جنود الشعب في عزم عظيم …… جنود الشعب في بذل اكيد

فسيروا نحو ارضي يا شبابا …… وعودي امتي للمجد عودي

فإن عشنا نعيش بأرض شعبي …… وإن متنا ففي دار الخلود

الشاعر انور صالح الموعد

هنا قصيدة ثالثة بعنوان:

متضايق

في كل يوم بالرجوعِ أفكرُ……….. متألمٌ متضايقٌ متحيرُ

لا الحالُ يطردُ حالتي من واقعي……… وشبابُنا في كل يومٍ نخسرُ

وعروبتي فيها السُبات مخيمٌ…….. والظلمُ من فوق البلاد مسيطرُ

حامي الأعادي اليوم أمريكا….. وما عدلت بحكم انها تتجبرُ

هي تدعي بالعدل في أخلاقها….. لكنها كل الحقوق تكسرُ

في دعمها اسرائيل ظلمٌ واضحٌ…… و الظلم هذا في الورى يتكررُ

إن القوي هو المهيمن في الدُنا….. و الحق طبق نظامها يتغيرُ

سمحتْ بجعل القدس عاصمةً لهم……. وبنو الصهاينة الأعادي قرروا

في منطقي إما الحياةُ كريمةٌ……. إما الممات وفي الكرامة نقبرُ

في منطقي إما الرجوع الى الحمى…….إما الكفاح وعقلنا يتحررُ

إما الصمود ووحدةٌ عربيةٌ…… وإرادةٌ ثورية لا تقهرُ

أو أننا نرضى الخضوع لخصمنا…… والعار فيه و ذلةٌ وتأخرُ

او أننا شهداء في أوطاننا……و بذا الكرامة والوفا والمفخر

القصيدة الرابعة بعنوان:

يا غيث

يا أيها الغيث الغزير الممطر ……. دعني بحزني إن حزني يكبر

دعني فعيشي لا يطاق لأنني ……. بالبؤس أحيا بالشقاوة أشعر

دعني فهمي زائد متدفق ……. والشعب شعبي بالشقا متحسر

وطني فلسطين بوضع مؤلم ……. وبكل يوم البيوت تدمر

شعبي يعيش بنكبة قد طولت ……. من نصف قرن بالتشرد يصبر

قاسى التغرب والفراق عن الحمى ……. والكل من قدسي الشريف يهجر

في كل يوم هجمة ومدافع ……. من طائرات للمنايا تنشر

كل البلايا من يهود أضرمت ……. كالنار في أصقاعنا تتفجر

والشعب هذا الشعب في درب الفدا …….  يمضي وقيد الغاصبين يكسر

في قدسنا يحيا الصراع بقوة ……. إن إنتفاضتنا لخصمي تنذر

والشعب لا يرضى الرضوخ لأنه ……. يرنو لتحرير البلاد ويفخر

إيمانه بالله دوما خالد ……. لكن خصمي مجرم مستهتر

سيذوق شر هزيمة بين الورى ……. ومن البلاد بدون ريب يدحر

ويعود شعبي سيداً في قدسه ……. حراً كريماً في الحياة محرر

والله حق الشعب سوف يرده ……. والشعب شعبي في الحياة سينصر

رحم الله الشاعر الأستاذ أنور صالح الموعد الذي لم يسعفني الحظ ولا الوقت بالتعرف عليه في حياته فتشرفت بالتعرف عليه نهاية العام الماضي وفي هذه السنة وبعد مماته.

أعداد نضال حمد وموقع الصفصاف

12-3-2022