وقفة عز

الصهاينة يصدقون السيد ونحن نصدقه – رئيس التحرير

 

في حوار العام الذي اجراه الاعلامي غسان بن جدو مدير فضائية الميادين مع السيد حسن نصرالله كان السيد واضحا اكثر من اي مرة سبق وتحدث فيها عن الوضع في المنطقة وعن الصراع مع العدو الصهيوني، خاصة ان قائمة اعداء المقاومة ازدادت فيما قائمة اصدقاء الاحتلال الصهيوني ايضا ارتفعت، هي بالتأكيد قائمة عار واستسلام وخيانة. الآن أصبحت دولا عربية عديدة وعلى رأسها مملكة آل سعود من المتحالفين علنا مع الكيان الصهيوني ولم يعد التحالف سريّاً كما جرت العادة منذ ما قبل سنة النكبة الفلسطينية 1948 وصولا الى ما قبل الغزو السعودي لليمن.

اثناء عدوان تموز – يوليو 2006 على لبنان والمواجهة المصيرية التي خاضتها المقاومة دفاعا عن لبنان وعن فلسطين والعروبة، كانت هناك تحركات كبيرة للجاليات اللبنانية والفلسطينية والعربية وحتى الاسلامية مع لجان التضامن والمناصرة المؤيدة للشعب الفلسطيني والمعادية للكيان الصهيوني، دعما للبنان وللمقاومة ورفضا للغزو وللعدوان الصهيونين على ارض وشعب ومقاومة لبنان. وشهدت البلاد تلك مثل النرويج خروجا عن المألوف حيث كتب احد أعظم روائيي و كتاب النرويج يوستن غاردر مقالة شهيرة ونارية ضد الكيان الصهيوني عنونها ( شعب الله المختار … لم أعد أعترف باسرائيل ) نشرت في كبرى الصحف اليومية النرويجية وكانت بمثابة قنبلة نووية اعلامية في النرويج واوروبا وفي الكيان الصهيوني.

مقتطف طويل من المقالة الطويلة التي نشرت في 6-8-2006 :

( إنهم يحتفلون بالانتصارات. نحن نعتقد أن اسرائيل لا تتفجّع على أربعين طفلاً لبنانياً مقتولاً أكثر من ندبها لثلاثة ألاف من السنين على أربعين سنة في الصحراء. نحن ندوّن أن كثيراً من الإسرائيليين يحتفلون بهكذا انتصارات مثلما احتفلوا مرة بالمعاناة التي أرسلها الرب، كعقاب مناسب، للشعب المصري. ( في هذه الحكاية بدا السيد رب اسرائيل كساديّ لا يكتفي ). نحن نتساءل فيما إذا كان أكثر الاسرائيليين يرون أن حياة اسرائيلية واحدة أثمن من أربعين حياة فلسطينية أو لبنانية.

ولأننا رأينا صوراً لفتيات اسرائيليات صغيرات وهن يكتبن تحيات حقد على القنابل التي ستطلق على السكان المدنيين في لبنان وفلسطين، فإن هاذَنّ الاسرائيليات الصغيرات لسن عذبات، ما دُمْن يتبخترن من البهجة على الموت والعذاب في الجهة الأخرى من الجبهة.

انتقام ثأر الدم.

نحن لا نعترف بخطاب دولة اسرائيل. نحن لا نعترف بلولب الانتقام الدموي على طريقة ” العين بالعين والسن بالسن “. نحن لا نعترف بمبدأ: عشر عيون أو ألف عين عربية من أجل عين اسرائيلية واحدة. نحن لا نعترف بالعقاب الجماعي أو بعلاج التنحيف للناس كسلاح سياسي. ألفان من السنين ولّت منذ أن انتقد متنبّىء يهودي هذه العقيدة المتحجّرة ” العين بالعين والسن بالسن “. قال: ” مثلما هي رغبتكم في أن يعمل الآخرون لأجلكم، اعملوا أنتم أيضاً لأجلهم “.

نحن لا نعترف بدولة تتأسس على مبادىء ضد الانسانية، وعلى يباب دين وطني عتيق، دين حرب. أو مثلما أوضح ألبرت شفايتزر: ” الانسـانية لا تعني أبداً أن يضحي إنسـانٌ من أجل قضية “.

رحمة وغفران. نحن لا نعترف بمملكة داوود القديمة كنموذج لخريطة الشرق الأوسط في القرن الواحد والعشرين. هذا المتنبّىء اليهودي أكّد قبل ألفي سنة أنّ مملكة الربّ ليست تشييداً حربياً متجدّداً لمملكة داوود، وإنما مملكة الرب فينا وبيننا. مملكة الرب رحمة وغفران.

ألفان من السنين ولت منذ أن وضع هذا المتنبّىء اليهودي سلاحه، وأنسن كليّاً بلاغة الحرب القديمة. وسلفاً في زمنه؛ اشتغل أوائل الإرهابيين الصهاينة. ).

طبعا بعد هذه المقالة تعرض الروائي النرويجي الكبير صاحب رواية (عالم صوفي) الشهيرة لحملة صهيونية معادية لم يرضخ لها وبقي على موقفه وان التزم فيما بعد الصمت.

في تلك الفترة من الزمن الصعب توجهت على راس وفد من الجالية الفسلطينية في النرويج وبصفتي رئيسها للقاء مع مدير عام وزارة الخارجية النرويجية رايمون يوهانسين، الذي كان عائدا للتو من زيارة للشرق الاوسط شملت فلسطين المحتلة ودولا عربية عديدة. وخلال الحديث في اللقاء في مكتب الوزير بالخارجية النرويجية في اوسلو قلت للوزير وهو صديق للشعب الفلسطيني وكان بدوره تعرض ايضا لحملة صهيونية عنيفة على اثر مواقفه في مؤتمر دوربين العالمي بجنوب افريقية حين قال من حق الشعب الفلسطيني استخدام الكفاح المسلح لانه حق تؤكده الأمم المتحدة. يومها اي في سنة 2000 او 2001 كان رايمون ايضا يشغل منصب نائب وزير الخارجية النرويجية او ما يسمى هنا مدير عام وزارة الخارجية.

 قلت للوزير ان موقف النرويج ومواقف الدول الاوروبية مواقف جبانة وكأن هذه الدول تعمل كموظف عند الادارة الامريكية. واضفت بأنهم لم يقدموا او يفعلوا شيئا لاجل لبنان ولوقف العدوان الصهيوني.

 قال لي وللوفد المرافق مؤكدا ان الكلام ليس للنشر الاعلامي انه في زياراته لبعض الدول العربيىة وخلال لقاءات عديدة جمعته بقيادات عربية اجمعت غالبيتها على انها تريد ل(اسرائيل) ان تواصل العدوان على لبنان.

 طبعا مثل هذا الكلام لم يسمعه عند الرئيس السوري بشار الاسد وفي دمشق، لكن اعتقد انه سمعه من النظامين المصري (حسني مبارك) والنظام السعودي وحلفائهم.

كلام مدير عام وزارة الخارجية النرويجية سنة 2006 يجعلنا نفهم تماما سياسة النظام الرسمي العربي بقيادة آل سعود، هذه السياسة التي تكللت باعتبار حزب الله منظمة ارهابية وباعلان العلاقات والتحالف مع الكيان الصهيوني بلا خجل. ويؤكد لنا صحة ما كان الحزب وقيادة المقاومة وسيدها يقولونه دوما عن وجود تواطؤ لبناني وعربي مع العدوان الصهيوني وضد المقاومة.

لأن السيد وبعد مرور عشر سنوات تقريبا على عدوان تموز وانتصار المقاومة يعي ذلك تماما نراه في حوار العام على الميادين انتقل من التهديد بالرد والضرب في عمق الكيان الصهيوني الى تحديد بنك اهداف للمواقع الاستراتيجية ايضا، مؤكدا في نفس الوقت ان المقاومة تملك المعلومات والتفاصيل وامكانيات الضرب المدمر، داعيا الصهاينة لنقل مفاعلاتهم ومواقعهم من المدن وبعيدا عن المدنيين. فالسيد ليس كما حاخامات الارهاب والقتل والعنصريين الصهاينة، السيد انسان وصاحب اخلاق وقائد مقاومة تفرق بين العسكر والمدنيين حتى في كيان مثل الكيان الصهيوني حيث من الصعب ايجاد مدنيين لانهم كلهم يخدمون في الجيش وكلهم مسلحين ومحتلين.

السيد كشف عن وجود اكثر من مفاعل نووي صهيوني في فلسطين المحتلة .. ولم يقتصر الكلام لسماحة السيد على بنك الاهداف بل قال بوضوح ايضا ان خروقات الطيران الصهيوني للاجواء اللبنانية يجب وضع حد لها وانه في حال عجزت الدولة اللبنانية عن القيام بذلك لأن الأمر لا يخص السيادة فقط بل الأمن القومي، فان المقاومة جاهزة لتحمل المسؤولية. هذا يعني ان الحزب يمتلك الاسلحة اللازمة لردع سلاح الجو الصهيوني ولو نسبيا. وسبق للحزب ان حيّد سلاحي البحرية والمدرعات في المواجهات السابقة. واثبت قدرته على القيام بذلك من خلال تدمير البارجة ساعر ومن خلال مقبرة دبابات الميركفاه في وادي الحجير قرب مارون الراس في عدوان تموز 2006 .

كما ذكر السيد بأن لدى المقاومة امكانية لارسال مقاتلين جدد الى ساحات المعارك في الميدان السوري. وبأن القوات التي تعمل على حماية لبنان ومواجهة الصهاينة تعمل بشكل منتظم وبدون تأثر بنقل قوات كبيرة من المقاومة الى سوريا. وبأن المقاومة قادرة على خوض المعارك في اكثر من جبهة ومكان.

وضع حزب الله على قائمة الارهاب للجامعة العربية والدول الخليجية لن يؤثر كثيرا على الحزب والمقاومة لانها تحظى بدهم ومساندة الجماهير العربية من المحيط الى الخليج. ولانها مفخرة كل مقاوم عربي حر لا ينجر وراء الدعاية السعودية التكفيرية. وليعلم العربان وهم يعلمون انه حتى الاتحاد الاوروبي حليف الكيان الصهيوني والادارة الامريكية رفض وضع الحزب على قائمة الارهاب الاوروبية.

وحدهم الصهاينة سوف يقلقون كثيرا من تصريحات السيد حسن نصرالله الاخيرة لانه رفع السقف عاليا وكلام السيد لا ياتي من فراغ ولا هو للدعاية، فواثق الخطوة يمشي ملكا. والصهاينة يعرفون انه لا سادة شرق المتوسط إذ انه يوجد سيد واحد فقط هو السيد حسن نصرالله.

 لذا نجد تعليقاتهم على مقابلته مع الميادين تشير الى قلقهم الكبير .. فمحلل الشؤون العربية في القناة الثانية (الإسرائيلية) ايهود يعري قال: ( “إن نصرالله في هذا الوقت لا يرتقي درجة في مستوى التهديدات تجاه إسرائيل، إنما قام بقفزة كاملة”، وأضاف “في هذه اللحظات بالذات قال نصرالله إنه في إسرائيل لا يوجد فقط خزانات أمونيا قرب حيفا في المصانع البتروكيماوية التي تستخدم الأمونيا، بل يوجد في إسرائيل عدة مفاعلات نووية ولدينا مخازن أسلحة نووية، ومنشآت تخزن نفايات نووية ومخازن رؤوس حربية نووية وما إلى ذلك”. وتابع يعري قائلا إن “هذا يعني أنه لا يتحدث عن خزانات الأمونيا بل عن محاولة لضرب مواد نووية موجودة أو غير موجودة في إسرائيل، وقال إن لبنان سيدفع ثمناً للحرب لكن إسرائيل ستدفع ثمناً أكبر. )

الصهاينة يصدقون السيد حسن ونحن نصدقه لانه صاحب الوعد الصادق.

نضال حمد – مدير موقع الصفصاف الاخباري الثقافي العربي النرويجي في اوسلو *

اترك تعليقاً