وقفة عز

الفرعون يلغي مباراة كروية لمنتخب مصر مع إيران

الفرعون يلغي مباراة كروية لمنتخب مصر مع إيران

نضال حمد

  Monday 21-07 -2008

واضح أن السلطة السياسية في مصر تدير دفة القيادة في اتحاد كرة القدم المصري أو أنها تهيمن على القرار فيه عبر ممثلين لها داخل الاتحاد. وخير دليل على ذلك قيام الاتحاد المذكور بإلغاء مباراة ودية دولية كانت مقررة في 20 آب – أغسطس القادم بين المنتخبين المصري والإيراني. مما أثار أيضاً حالة من الجدل في أوساط الرياضيين المصريين. فالقرار لا علاقة له بالرياضة لا من قريب ولا من بعيد. إنه قرار سياسي سلطوي بامتياز. إذ لعبت فيه المواقف السياسية دوراً رئيسياً. مما سيؤثر بالتأكيد على اللعبة الرياضية وعلى الرياضيين أنفسهم. إذا ما اعتبرنا أن الرياضة تقرب بين الشعوب وتصحح ما خربته السياسية والسلطات، فإن القرار المصري خاطئ ومسيس ومجحف بحق اللاعبين المصريين والرياضة المصرية بشكل عام. خاصة أن المنتخب المُقاطَع منتخب لدولة إسلامية صاحبة مواقف قوية وواضحة من الاحتلال الصهيوني. وتدعم بشكل كبير القضية الفلسطينية والمقاومة اللبنانية.

يقول المصريون إن قرار الاتحاد أتخذ على أثر الأزمة السياسية التي سببها الفيلم الإيراني ” إعدام الفرعون”. ومقصود بذلك الرئيس المصري السابق أنور السادات الذي قتل على أيدي جماعة مصرية إسلامية عقاباً له على توقيعه اتفاقية كمب ديفيد مع الصهاينة. وعلى إخراجه مصر من الصراع معهم، وادارته الظهر للقضية الفلسطينية وللأمة العربية. وتسليمه رأس مصر للأنياب الصهيونية الأمريكية الفتاكة. كذلك قمعه للشعب المصري اثناء حكمه الذي ارتبط بعد حرب أكتوبر المجيدة ارتباطاً دراماتيكيا ومباشرا مع الإدارة الأمريكية. لقد توج السادات انتصار جيشه التكتيكي في حرب أكتوبر ثم فترة حكمه بعد ذلك بالزيارة الشهيرة للقدس المحتلة وتوقيعه اتفاقية سلام مذلة مع الاحتلال الصهيوني. وبالذات مع مجرم وجزار دير ياسين مناحيم بيغن. كما نقل السادات مصر من الموقع العربي المقاوم الى الموقع المستسلم والمرتهن للمساعدات الأمريكية. وأحدث انقلابه فجوة ضخمة في الوحدة العربية وفي موقف العرب من الصراع مع المشروع الصهيوني.

احتج المصريون على الفيلم الإيراني الذي اعتبروه ممجداً لقتلة السادات وأدانته القاهرة رسمياً. نفهم هذا الكلام وردة الفعل الرسمية لكيان سياسي وسلطة هما امتداد لسياسة السادات. لكننا لا نفهم تبريرات الخبير الكروي طه إسماعيل الذي وصف القرار السلطوي بالصائب وأعتبره يأتي في مصلحة الرياضة والعلاقات الرياضية بين رياضيي البلدين. وأعتبر أن توتر العلاقات بين الطرفين لا يشجع على قيام المباراة لأن لاعبي مصر غاضبون لإهانة رئيس بلدهم في الفيلم الإيراني.

لا ندري من أين حصل إسماعيل على هذه الاستنتاجات التي توجها بقوله ” ومن الممكن أن يحدث ما لا تحمد عقباه إذا تقابل الفريقان في ظل هذا التوتر، ومخاوفنا لا تقتصر على اللاعبين فقط ، بل والجماهير أيضاً”.

لم يكتف الخبير الكروي الذي ظهر بمثابة خبير سياسي بهذا القدر من الكلام عبر فضائية الجزيرة بل هاجم بشدة “الموقف الإيراني المتشدد اتجاه مصر، والمحاولات المتكررة لإثارة حفيظة المصريين”… وقال كذلك أن الفيلم ” تجاوز الخطوط الحمراء في تناوله لحياة زعيم لا زال المصريون   يحصدون ثمار حكمته والسلام الذي صنعه“…

إن الجملة الأخيرة من كلام إسماعيل تؤكد لنا أن الخبير الكروي المذكور جزء من النظام الحاكم وجزء من العقلية السلطوية المؤمنة بالسلام الفاشل، وبالحقبة الساداتية السوداء. وبما تبعها من سنوات لم تأتِ على مصر بما ينفعها ويعيدها قائدة لأمة العرب. كما كانت في زمن الزعيم القومي الكبير الراحل جمال عبد الناصر. وأن الرجل ينطق بما يريده النظام لا من أجل مصلحة رياضية للجميع.

تحضرني اليوم واقعة رياضية وقعت قبل أربع سنوات حيث أن الإيراني آراش مـيرسمـاعيلـي وهو بطل في الجودو وبلغ يومها من العمر ثلاثة وعشرون ربيعاً فقط لا غير. أوقعته القرعة في اليوم الأول لأولمبياد أثينا مع لاعب (إسرائيلي). فرفض مواجهة (الإسرائيلي) لأن الصهاينة يحتلون فلسطين، ويقتلون أهلها ويقمعون شعبها ويعتقلون الاسرى ويمارسون الاجرام في بلد عربي واسلامي. وأعلن اللاعب الإيراني انسحابه من المنافسة قبل أن يبدأ. وأكد أنه يفعل ذلك تضامناً مع الشعب الفلسطيني وضد كيان الإرهاب الذي تقيم معه السلطات المصرية علاقات دبلوماسية كاملة وسلاماً كاملاً. سمح للصهاينة بأن يسرحوا ويمرحوا في بلد عبد الناصر. فهناك في شوارع القاهرة يسرح ويمرح الدبلوماسيون الصهاينة بشكل يومي. بالمناسبة فأن مبنى السفارة الصهيونية يعتبر أحصن مبنى في القاهرة. مما جعل السفيرة الأمريكية تغار منهم وتطلب من حكومتها شراء هذا العقار لنقل السفارة الأمريكية إليه.

على كل فأن السيد سيف الدين منصور من جريدة الفجر المصرية وصف قرار الاتحاد المصري بالسياسي واللا رياضي. وأنتقد ربط المشاركات الرياضية بالمزاج السياسي للحكومات. وأعتبر القرار خاطئاً على المستويين السياسي والرياضي. وأعتبر كذلك أن الغاء المباراة ضيّع فرصة للتقارب بين الجانبين، خاصة أن ايران دولة إسلامية وليست دولة عدوة. وذكر كذلك بأن الامارات العربية المتحدة بالرغم من مشاكلها مع ايران حول الجزر الثلاث إلا أنها لم تقم في يوم من الأيام بمنع منتخبها من اللعب مع ايران.

الفرعون يلغي مباراة كروية لمنتخب مصر مع إيران

نضال حمد

  Monday 21-07 -2008