الأرشيفوقفة عز

الى اللاجئين والمُهاجرين لا تصدقوا المُهربين – نضال حمد

بعد أن أصبح موضوع اللاجئين العالقين في الغابات على حدود روسيا البيضاء مع بولندا وليتفا وليتوانيا وبالذات مع بولندا، حيث توفي بعضهم نتيجة البرد أو الغرق والجوع أو لأسباب أخرى، كما نقل عشرات منهم الى المستشفيات لتلقي العلاج. ثم تمت بعد ذلك اعادتهم الى الغابة في روسيا البيضاء، فيما أعداد قليلة جداً منهم تم قبول دراسة طلبات لجوءها في بولندا. أما الآلاف فلازالوا عالقين على الحدود في جو بارد وجليدي وفي ظروف لا إنسانية وبين حرسي الحدود وجيشي روسيا البيضاء وبولندا.

يوم أمس هاجم زعراناً بولنديين يبدو أنهم من العنصريين أو اليمين الشعوبي الانعزالي المتشدد ثلاثة لاجئين عراقي وعراقية وسوري، تمكنوا من الوصول الى أراضي بولندا في بلدة هانيوشكا عند الحدود. قامت مجموعة الزعران والشبيحة البولنديين بالاعتداء عليهم وسرقتهم. هذا بحسب منظمات حقوق انسان بولندية، قالت انه تم نقل اللاجئين للعلاج وفتحت الشرطة البولندية تحقيقاً بالموضوع.

بحسب وسائل اعلام بولندية عديدة فإن هناك توجهات لفتح طريق جديدة لتسلل اللاجئين الى الاتحاد الأوروبي وذلك عبر حدود روسيا البيضاء مع أوكرانيا ومن هناك الى دول الاتحاد الاوروبي. معلوم بأن تلك الحدود طويلة وتمتد على مساحة أكثر من ألف كلم فيما مع بولندا تقدر ب ٥٠٠ كلم.

جدير بالذكر ان السلطات البولندية اعتقلت عشرات اللاجئين وعشرات التجار من العصابات ومنهم بولنديين وعرب ومواطنون من الاتحاد الأوروبي واوكرانيا وروسيا البيضاء ورومانيا. واضافت سلطات بولندا انها منذ بداية الأزمة أحبطت أكثر من ثلاثين ألف محاولة تسلل عبر الحدود مع روسيا البيضاء، هذا بالرغم من وضع السياج العازل ومن وجود الحراسات والتعزيزات والمراقبة الدائمة بلا توقف.

يعتقد المحللون في بولندا وأوكرانيا أن مافيات تهريب اللاجئين والتجارة بالبشر سوف تحاول القيام بذلك واكتشاف ممرات أخرى للتهريب، مستغلة الصراع العنيف الدائر بين بولندا والاتحاد الاوروبي من جهة وروسيا البيضاء وحليفتها روسيا بوتين من جهة أخرى.

لكن في النهاية يبقى اللاجئون العرب والمسلمين والمسيحيين العرب المشرقيين والأفارقة والآسيويين هم ضحية الصراع المذكور بين روسيا البيضاء مدعومة من روسيا الاتحادية، وبين بولندا والاتحاد الاوروبي والناتو، وهو صراع متعدد الأسباب والوجوه. يبقى اللاجئون ضحية عصابات التهريب العالمية، التي يتزعمها مواطنون عرباً وأوروبيين.

ربما منذ بداية أزمة اللاجئين حرص كتاب وصحفيون بولنديين على زج الرئيس السوري بشار الأسد وسوريا في أزمة اللاجئين متهمين النظام السوري بالتنسيق مع روسيا وبوتين ومع روسيا البيضاء ولوكاشنكو لإحداث هذه الأزمة. هؤلاء وبعضهم معروف بعدائه الشديد لروسيا وتعاطفه مع قيادات ميدانية جهادية في منظمتي داعش والنصرة ومع المعارضة السورية، زعموا بأن الرئيس الأسد يريد تفريغ سوريا من السوريين وإرسالهم الى الاتحاد الأوروبي عبر حدود روسيا البيضاء. المواطن العادي البولندي عندما يقرأ مثل هذه التحليلات يعتقد أنها دقيقة وصادقة، مع أنه من الواضح لمن لديهم قليل من الاطلاع والمعرفة والوعي السياسي أنها تحليلات عدوانية وتحريضية ومخابراتية، أعدت ونشرت لكي تخدم توجهات حكومات وأنظمة وسياسات معينة، كما أنها كتابات مدفوعة الأجر على طريقة كتاب وصحفيي فضائيات السعودية وقطر والامارات.

ختاماً يجب على اللاجئين والمهاجرين معرفة حقيقية أن دول أوروبا الشرقية التابعة للاتحاد الأوروبي مليئة للأسف بالحركات والقوى والأحزاب اليمينية المتشددة المعادية للمهاجرين وللاجئين. للأسف لقد استطاع هؤلاء ومعهم اعلام الانظمة الحاكمة ومعظمها رجعية ويمينية حليفة للصهيونية وذيل للولايات المتحدة الأمريكية، اثارة المخاوف والهلع من اللاجئين والمهاجرين في صفوف شعوب تلك الدول. يحصل هذا بالرغم من وجود كثير من الناس والمتطوعين والمجموعات والمنظمات والمؤسسات الانسانية في بولندا التي تساعد اللاجئين وتدافع عنهم وعن قضيتهم الانسانية.

يجب أن يعي المواطن الغربي والأوروبي أن الغرب الاستعماري وحلف الناتو العدواني، و”اسرائيل” الصهيونية والولايات المتحدة الأمريكية كانوا ولازالوا سبباً رئيسياً للقلاقل والصراعات والانقسامات والحروب التي زرعوها أو شنوها على بلدان اللاجئين المذكورين، مثل العراق وافغانستان وسوريا واليمن وليبيا ولبنان وفي فلسطين المحتلة عبر زرع  “اسرائيل” وصهاينة ويهود اوروبا والاحتلال الصهيوني في قلب الشرق العربي منذ أكثر من ٧٣ عاماً.

أيها اللاجئون اعملوا بما تعلمناه من أهلنا وكبارنا “لا يلدغ المؤمن من جحرٍ مرتين” وأنتم لا يجب أن تنخدعوا بالاستماع الى المهربين وتصديق حيلهم مثل السفر الى روسيا البيضاء مرة أخرى. هنا في أوروبا لا توجد جنة كما تعتقدون فالجنة تبقى هناك في الشرق تحت أقدام الأمهات.

نضال حمد

١٢-١١-٢٠٢١