الأرشيفالجاليات والشتات

حوار مطول أجراه نضال حمد مع الروائي العراقي عبد الرحمن مجيد الربيعي:

الربيعي: العراق يدافع عنه كل العراقيين والعرب الشرفاء بالسلاح أو بالكتابة

في تونس العاصمة، على بعد أمتار من شاطىء قرطاج وبالقرب من تاريخ طويل من التراث العربي الأصيل، في بلاد أبو القاسم الشابي وغيره من أدباء وشعراء تونس الخضراء التقنيا بالمبدع العربي، الروائي العراقي الكبير الصديق عبد الرحمان مجيد الربيعي.
لم يكن هناك وقت زمني طويل بين اللقاءين اللذين جمعاني بأخي وصديقي الروائي عبد الرحمن مجيد الربيعي، كنت التقيت به العام الفائت في تونس وعندما ودعته كان العراق لا زال محاصرا، أما الآن وفي هذا اللقاء الثاني على أرض تونس فقد التقينا والعراق لم يعد محاصرا بل أصبح محتلا بشكل مباشر، فيه الأمريكان والصهاينة وكل حلفائهم من أعداء العروبة والعرب.
كان الربيعي في لقائنا الأول يكتب عن بلده بألم ويتحدث عن الحصار الجائر والظالم الذي فرضته الأمم المتحدة بعدما تبنت الأخيرة موقف أمريكا، فالأمم المتحدة بدلا من الوقوف مع المظلومين وقفت مع الظالمين، ومع عدالة الكابوي الأمريكي، هذا الوحش الزاحف ليحتاج بلاد العرب والشرق، هذه القلاع التي ظلت عصية على ثقافة التصهين بشكلها الغربي الأمريكي.
كان الربيعي وما زال يكتب الهم العراقي بقلمه العراقي الأصيل فأمثاله من المؤمنين بعروبة العراق وحريته ما زالوا يدافعون عن بلدهم ويردون ويصدون أفّاقي الكتابة المتأمركة والأخرى المتصهينة.
ها هو صديقي يجلس مقابلي، يتربع على عرش ابداعاته الطويلة، من رواية «الوشم» مرورا ب»خطوط الطول… خطوط العرض» و»السومري» و»سر الماء» و»رؤى وظلال» وغيرها من الأعمال الكبيرة وصولا حتى ذكرياته التي جمعها في كتاب «من ذاكرة تلك الأيام».
فكرت طويلا، كيف أبدأ الحوار مع الربيعي، فالعراق تحت الاحتلال والمقاومة فيه آخذة بالتصاعد، وحسابات الذين أتوا بأمريكا لم تضبط، بعد الكتاب تأمركوا وبعضهم الآخر تصهين وقليل منهم بقي ثابتا متمسكا بالموقف الوطني والقومي الأصيل.
كان الربيعي مفعما بالثقة والأمل، كله عزم وصبر وإيمان بأن العراق سيكون أرض السواد التي ستدفن برملها وترابها جيوش الاحتلال الأمريكي، لذا نراه واثقا من أن بلده العراق سيعود حرا مستقلا وسعيدا، بشعبه العريق الذي لا يفرط ببلاد المنصور والرشيد والسياب والجواهري والبياتي، بلاد العرب.

  • ما هو دور المثقف الوطني العراقي بعد احتلال العراق؟

  • المثقف العراقي اليوم في وضع ربما كان أحرج وأصعب وضع يتعرض له هذا المثقف في تاريخ الصراع، وبدءا ربما من بروز اسم هذا العراق العظيم في التاريخ إلى يومنا هذا. العراق اليوم محتل ولعل من أكبر المآسي أن هذا الاحتلال قد تم بمباركة من بعض أبنائه ممن تحولوا إلى عملاء وشجعوا المحتلين على دخول العراق وزينوا لهم الأمر وبأن كل شيء سيكون على ما يرام وبأن العراقيين سيرحبون بهم، صحيح أن النظام الذي كان قائما في العراق من أكثر الأنظمة دموية في العالم، ولكن هذا أيضا لا يبيح ولا يعطي المسوغ أو المبرر لأهل الوطن بأن يطلبوا من القوات الآتية من خلف البحار أن تستعمل أشد الأسلحة وأكثرها فظاعة وبشاعة لتدمر بلدهم من أجل أن يستلموا الحكم ويجلسوا على كراسي الحكم ويا لبؤس هذا الحكم الذين هم ينشدونه أو هذا الحكم الذين يظنون أنهم وصلوا اليه، يعني أنهم بالنتيجة مجرد خدام عند بريمر، يلبون ما يريد ولا يستطيعون أن يملوا عليه أي شيء.
  • هناك فئة عراقية من السياسيين والمثقفين تعرف بالمتأمركين والمتصهينين العراقيين، هل لهذه الفئة التي ارتهنت تماما مع الاحتلال تأثير كبير في الشارع وعلى الإنسان العراقي؟
    أنا أعيش خارج العراق منذ خمس عشرة سنة وربما يكون للبعض منهم تأثير، بما يعني ربما يكون للبعض خاصة الذين هم يتواجدون الآن داخل العراق شيء من التأثير. أما أسباب تأثيرهم خارجة عن كونها وفقا لمعايير وطنية أو لمعايير ديمقراطية أو معايير تقدمية إنما لأنهم ربما اعتمدوا أو استندوا على مسوغات طائفية أو غيرها. هذه اللعبة على فكرة لعبها الأمريكان بشيء من المهارة رغم غبائهم وحماقتهم، ولأن حماقتهم كبيرة فانهم سيجدون من يقول لهم : إن ما عملوه هو حماقة كبيرة عندما يزداد عدد قتلاهم وضحاياهم ويعرفون أن العراق لم يكن في يوم من الأيام لقمة سائغة. انهم لعبوا عدة أوراق، لعبوا ورقة الأكراد، لعبوا ورقة الطائفية، ولعبوا أوراقا أخرى، هذه الأوراق كلها لعبت والعراق قسم عمليا وأنا كتبت مقالة مبكرة، حتى طريقة دخول بعض فئات من نسميهم العراقيين المتواجدين في الخارج والذين دخلوا مع الأمريكان، كل مجموعة دخلت من جهة ووفقا لسيناريو طائفي وعرقي، الشيعة دخلوا من الجنوب والسنة دخلوا من الحدود التركية والموصل والأكراد من مناطقهم، كان هناك تقسيم مسبق سيناريو نفذ ولكن هذا السيناريو لم ينفذ بالشكل الذي يريده الأمريكان.
  • قبل غزو العراق واحتلاله من قبل أمريكا، كتب أحد الكتاب العراقيين في المهجر مقالا بعنوان «هل العراق عربي؟» ما هو تعليقك كعربي وعراقي على ذلك؟

  • وهل هذا الكاتب عراقي؟ أشك بأنه عراقي، بأي لغة كتب وبأي لغة يتحدث مع الناس الآخرين وما اسمه؟

  • العراق عربي ورغم أنف بوش ورامسفيلد وتوني بلير وشارون وكل جوقة القتلة والمجرمين.
  • ما هو تعليقك كمثقف وطني عراقي على نداء المثقفين العراقيين الموجه لمجلس الحكم الانتقالي بقيادة بريمر؟ هذا النداء الذين طالبوا فيه بأن يبقى الأمريكان في العراق ويقيموا قواعد عسكرية لهم فيه؟

أعضاء مجلس الحكم الانتقالي ينتقلوا الآن بين البلدان العربية ويزينون لهم صورة العراق اليوم حتى يكسبوا ود العرب ورضاهم وأسأل هنا : ما هو العراق اذا أرادوا أن يخرجوه من بيته العربي؟ وماذا يصبح العراقي؟

على فكرة أنا سمعت الرئيس (الأبجدي) في زيارته للقاهرة يقول بأننا لا علاقة لنا بالاسرائيليين وكذا، وفي اليوم نفسه كنت أسمع مع اذاعة لندن حوارا مع جنرال بالجي الصهيوني كان في جهاز الموساد (المخابرات الإسرائيلية) وهو يتحدث عن فتح فرع لمعهد نمري الصهيوني، هذا المعهد التجسسي الصهيوني في بغداد كيف إذن؟ أليست هذه علاقة؟ وماذا نسمي وجود فرع لهذا المعهد ببغداد؟


ثم يسافر أحد الوزراء الاسرائيليين الى أمريكا من أجل أن يفتحوا خط أنابيب كركوك حيفا، هذا الخط الميت منذ عام 1948، وبعض أعضاء مجلس بريمر وعدوا بأنهم سيقيمون علاقات طبيعية مع (اسرائيل) وهذا جزء من شروط ادخالهم في هذا المجلس. وهم يبذلون المحاولات اليائسة لتزيين صورتهم لأنهم يتهربون من أن يقولوا بأنهم يأتمرون بأوامر الحاكم بأمره بريمر وبأنه هو الذي يملك الفيتو على كل قرار يتخذونه هذا اذا افترضنا أنهم قادرون على اتخاذ قرار مهما كان تافها.

  • هناك شيوعي عراقي كردي قال مؤخرا أن سقوط العراق يعني نهاية آخر قلاع الفكر (القومجي) العربي؟

  • والله لا أعرف بم أعلق؟ إنما هو رجل كردي وللأكراد أكن احترامي فهم شعب عظيم لكن لا أدري باسم من يتكلم هذا الشيوعي الكردي أهو رجل يعيش ملياردير كما يقال عنه وفي بلد عربي يعامله باحترام، ومشاريعه التجارية «ماشية» وحركة النشر عنده على أحسن ما يرام، إذن هذه من أخطر ما يخرج الآن في العراق هي هذه النزعات العنصرية المتطرفة.
  • إذا كانت هذه نهاية الفكر (القومجي) العربي، فما هو البديل؟ هل الفكر القومجي الكردي أو التركماني؟

  • التركمان هم أكبر الخاسرين في اللعبة فحتى المدن والقرى التركمانية سيطر عليها الأكراد آخرها مدينة تزوخور ماتو وهي مدينة تركمانية كاملة، حتى كركوك النسبة الكبيرة فيها من التركمان، وكنت أتوقع شخصيا أن يكون محافظ كركوك تركمانيا، فإذا به كردي، وأرجو أن تفهم اني أقول هذا الشيء مع تحفظي الشديد، لأنني لا أعترض أن يكون حتى رئيس جمهورية العراق كرديا أو تركمانيا أو مسلما سواء أكان سنيا أم شيعيا، لا أعترض عليه بشرط أن يكون وطنيا ونظيفا ويعمل من أجل العراق ووحدة العراق وأن لا يعمل من أجل تمزيق العراق وتشتيت العراق وبث الفرقة بين العراقيين وتحويلهم لأعداء بعض. أنا هنا أذكرك بوقائع نقلها التلفزيون. فقبل احتلال الموصل كان أحد أفراد البيشمركة يتحدث ويقول الأعداء هناك. وكنت أتصور أنه يقصد بالأعداء الأمريكان، فإذا به يقصد الأعداء العراقيين. وما يشرحه كان برفقة مجموعة من الجنود الأمريكان، وعندما يتحدث عن الأعداء والأمريكان أصدقاء وهم المحتلون، فهذا سيغرس بذور التمزيق والتدمير واراقة المزيد من الدم العراقي في السنوات القادمة مع الأسف الشديد. اننا نسمع كلاما عجيبا غريبا لم يكن له أي وجود في القاموس السياسي العراقي الذي تعلمنا منه أن نكون وطنيين بكل نبل الكلمة.
  • ماذا عن علماء العراق، من سيحمي هذه الثروة الوطنية بعد سقوط النظام واحتلال العراق؟

  • قسم منهم سلموا أنفسهم لأمريكا، وهناك من عراقيي أمريكا من يدعو لقتلهم والأمريكان يحاولون أن ينقلوهم إلى أمريكا كي يستفيدوا منهم، كما فعلوا مع العلماء الألمان وغيرهم، لأن العملية هي أن العراق يجب أن يخلى من كل العقول الحقيقية الموجودة فيه، وحتى من الوطنيين الشرفاء الذين هم أصحاب المواقف الحازمة بحجة أو أخرى، يعني اذا كان الموضوع، موضوع نظام صدام، نظام صدام مضى، ولكن العراقيين لا يقبلون أن يكون البديل عن نظام صدام الاحتلال الأمريكي إطلاقا.
  • هل علق الأمريكان في الرمال المتحركة العراقية وفق رؤيتك خاصة أنهم لم يستفيدوا أو يتعلموا من تجربة الانقليز وهزيمتهم الصعبة في العراق سنة 1920؟

  • منذ أسابيع أرينا مظاهرة كبيرة لمجموعة السيد مقتدى الصدر وهو سليل عائلة عريقة وأعتقد أن جده كان رئيسا لوزراء العراق في العهد الملكي رغم أنه رجل معمم، كان هؤلاء يهتفون ويذكرون الأمريكان بأنهم سيعيدون تجربة ثورة 1920. الأمريكان لا يتعلمون. الأمريكان دخلوا بشكل غبي وأحمق، دون أن يدرسوا شيئا، لم يكن في بالهم سوى أن يسقطوا النظام.
  • طيب ماذا بعد سقوط النظام؟

  • هم لا يستطيعون أن يسيطروا على الوضع في العراق ولذلك فهم يقترفون هذه الآثام والجرائم، خلال فترة قصيرة اختطفت فتيات كثيرات في بغداد، هناك تقارير نشرت تقول أن عدد الفتيات اللواتي اختطفن فقط في بغداد بلغ 400 فتاة. البلد أصبح لا أمن فيه ولا سلطة ولا قانون ولا أي شيء، كل شخص قادر يقوم بحماية نفسه وأسرته، ولكن خذ مثلا الأطفال وبخاصة من الأيتام منهم لقد نهبت دار سكنهم، فتشتتوا وتشردوا في الشوارع وجاعوا وعروا وتم الاعتداء عليهم جنسيا وحصلت بحقهم أشياء مرعبة ومخيفة.
  • هناك مشروع أمريكي لإرسال قوات عربية وإسلامية الى العراق، هل يفهم من ذلك أن الأمريكان يريدون وضع العرب والمسلمين في المواجهة مع اخوانهم العراقيين؟

  • الأمريكان يريدون أن يواجه العرب بعضهم البعض ويقتلون بعضهم في العراق بدلا من أن يقتلوا هم كل يوم ويقدموا الضحايا لأن المقاومة العراقية تستهدف حتى المتعاونين مع الاحتلال من العراقيين. يقتلون المسؤولين ورجال الشرطة والمترجمين والمتعاونين العراقيين، قتلوهم لأن العميل أو المتعامل من أهل البلد مع المحتل، هو أخطر على البلد من المحتل نفسه، لأنه هو داخل المجتمع وله جذور وامتدادات داخل المجتمع، فيكون أخطر من المحتلين أنفسهم . هو جرثومة لوباء سيستوطن. أما المحتلون الغرباء فمهما فعلوا سيركنون على أقفيتهم ويطردون وتتطهر من دنسهم أرض وسماء البلد.
  • مجلس الحكم الانتقالي هو مجلس وطني أم عميل لأمريكا؟

يبدو السؤال مضحكا فهم أنفسهم يقولون أنهم عينهم بريمر واختارهم وفق تقسيم طائفي، ووفق تصوره أنهم يمثلون النسب الطائفية والعرقية في العراق وشكل على هذا الأساس.
وبريمر له حق الفيتو على كل ما يقومون به، فأي وطنية يمتلكها مجلس يمثل ارادة المحتل؟ وهل بامكان أعضائه البقاء يوما واحدا في العراق اذا ما غادرته أمريكا؟

  • المقاومة العراقية، هل هي مقاومة وطنية؟ أم سنية فقط؟ أم لبقايا نظام صدام والبعث كما يقول الأمريكان؟

نعم هي مقاومة وطنية واذا كانوا قد وصفوها بأنها من بقايا صدام والبعث فكأنهم يقولون أنهم الوحيدون الذين يدافعون عن العراق، وهذا غير صحيح، لأن العراق يدافع عنه كل العراقيين الشرفاء، سواء من يستطيع أن يقاوم بالسلاح أو يقاوم بالكتابة وجرأة الموقف، ونحن نجد حتى من داخل العراق عددا من المثقفين العراقيين يعلنون آراءهم بشكل صريح وجريء، وأنا سعيد بهؤلاء الذين يؤكدون أن العراق لم يخل من هؤلاء الناس الشجعان حتى في أحلك الظروف.

  • لديّ سؤال دقيق وهام، هل شيعة العراق وطنيون أم طائفيون؟

شيعة العراق هم وطنيون وهم عرب أقحاح، والدليل أنه أثناء الحرب العراقية الايرانية ورغم أنني أرفض هذه الحرب ولم أقرّها ولم أكتب عنها أو لصالحها سطرا واحدا، فإن الذين دافعوا عندما (وقع الفأس بالرأس) كما يقال عن العراق كانوا في أغلبيتهم من الشيعة ضد ايران الشعبية، وهذا معناه أن الانتماء العروبي أو القومي كان أكبر من الانتماء الطائفي. شيعة العراق هم أبطال ثورة العشرين، وهم الذين أشعلوا ثورة العشرين بوجه الانقليز، وهذه الثورة لم تبق أيضا ثورة للشيعة ولكن انضم اليها مباشرة أبطال من المناطق العراقية الأخرى لتكون ثورة وطنية التحق بها حتى عدد من الأكراد العراقيين الشرفاء ان الشيخ ضاري كان من فرسان ثورة العشرين وقد أتى مما يسمى الآن زورًا المثلث السني وضد بعض القبائل العربية في الفرات الأوسط، في قرية واحدة هي الرارنجية استطاع الأهالي وبأسلحة بسيطة أن يقتلوا أكثر من 380 جنديا بريطانيا، نعم البريطانيون استعملوا الغازات السامة في العراق هذه حقائق ثابتة سواء ضد الأكراد في الشمال أو مدن الوسط والجنوب لأنهم أرادوا أن يقضوا على الثورة والشيخ ضاري قتل لتشمان القائد البريطاني في المنطقة، وهناك قادة بريطانيون آخرون قتلوا في الناصرية والبصرة وغيرها من مدن العراق فأذن الشيعة عراقيون وهم لا يؤمنون بالتقسيم الطائفي وإنما يؤمنون بالانتماء للعروبة ويؤمنون بالاسلام بمعناه الواسع والإنساني، انما الاجتهادات المذهبية هذه مسائل شخصية وأعتقد أن الزعماء أو المراجع الشيعية سيلعبون دورا في المقاومة العراقية مستقبلا لأن المقاومة العراقية هي في صراع مستمر وكل يوم ينضم إليها مجموعة جديدة من العراقيين. ولكن أخشى ما أخشاه من ايفاد صراع المرجعيات على أساس عرقي بين العرب والفرس وقد بدأت تظهر بوادره مع الأسف الشديد.

  • هناك مجموعة من المثقفين العراقيين في المهجر مثل سعدي يوسف، علاء اللامي، سليم مطر وحمزة الحسن وغيرهم يدافعون عن العراق وانتمائه العربي ويرفضون الاحتلال وإفرازاته، ماذا تقول لهم؟

أقول لهم أنا أحييكم، أحيي الشاعر الكبير سعدي يوسف الذي اختلفت معه يوم كان هو مختلفا مع نفسه وأقول لهم أنا معكم ولعلكم تقرؤون ما أكتبه على صفحات «القدس العربي» وثمة التقاء بيني وبينكم رغم بعض الاختلافات لكنها لا تمس الجوهر وقد استشهدت في احدى المرات بما كتبه الأخ سليم مطر حول وضعية الأكراد العراقيين، وأنا أتمنى أن يتنامى هذا العدد رغم هذه الهجمة المريعة والسقوط المشين لعدد كبير من المثقفين العراقيين في أحضان المحتلين بحثا عن مكاسب وامتيازات وبئس المكاسب وبئس الامتيازات وسينتصر دائما الموقف الشريف والموقف العظيم والوطني، أيضا أنا أحيي عددا كبيرا من كتاب جريدة «القدس العربي» وعلى رأسهم أخونا الأستاذ عبد الباري عطوان الذي أثبت شجاعة نادرة وكذلك ما يكتبه الروائي الفلسطيني العربي الكبير رشاد أبو شاور، وعدد آخر مثل الأستاذ محمد عبد الحكيم دياب بشكل خاص، هؤلاء تحس عندما تقرأ لهم بأنك لست وحدك وبأن هذه الأمة التي أرادوا أن يخصوها لا زالت قادرة على أن تعطي وقادرة على أن تبقى واقفة، وأن هذه المحنة التي يعيشها العراق وتعيشها فلسطين من تستمر طويلا، هذه المحنة ستمر وأن النصر دائما كما علمتنا الأحداث ومهما طالت السنوات سيكون لصالح الشعوب وليس لصالح أعداء الشعوب.

  • نشر بعض من المتأمركين العراقيين لائحة سوداء تضم أسماء كتاب وأدباء عرب مثل عبد الباري عطوان، محمد المسفر، مصطفى بكري، ليث شبيلات، معن بشور وأنا كذلك، بالاضافة لآخرين من الذين وقفوا ويقفون ضد احتلال العراق؟

هذه اللائحة لن تكون سوداء ، هذه اللائحة بيضاء، لائحة شرف، عندما يتهمك أعداء العروبة، أعداء الوطن العربي، أعداء الأمة العربية هذا الاتهام فمعناه شرف لك، وأنا أقبّل جبين محمد المسفر وأقبّل جبين عبد ا لباري عطوان ومصطفى بكري هذا الإنسان العظيم وعدد كبير من المثقفين العرب في تونس ولبنان وفي سوريا وفي فلسطين وفي السعودية وفي الامارات وفي قطر وفي كل الوطن العربي، وأنت تعرف بماذا يردون في البرامج المفتوحة في الفضائيات وكيف يضعون النقاط على الحروف وكيف يفضحون هؤلاء الذين يحاولون أن يبيعوا أمتهم ويبيعوا تاريخهم، هؤلاء العلاقمة (نسبة لابن العلقمي) الصغار الذين وصل بهم الحد إلى أن يدافعوا عن ابن العلقمي ويعتبرونه رمزا لأنهم يدافعون عن خيانتهم من خلال دفاعهم عن ابن العلقمي، ولكن ابن العلقمي دخل التاريخ كعميل وذليل لتدمير بغداد العظيمة الرائعة في أزهى عصورها عصر الخلافة العباسية.

أجرى الحوار نضال حمد في تونس في مايو- أيار 2005