الأرشيفوقفة عز

شكيب شريدي طبيب أسنان المخيم وجواره – نضال حمد

ولد الدكتور شكيب شريدي ربما في بلدة الصفصاف على سفح جبل الجرمق قرب صفد عروس رأس الجليل الفلسطيني الأعلى المحتل. لست متأكداً من تاريخ ومكان ولادته. إذ ربما يكون دكتورنا الراحل، طبيب أسنان الفقراء والمشحرين قد ولد في مخيم عين الحلوة بلبنان بعد النكبة بقليل. حيث ترعرع في مخيم اللاجئين الأكبر بلبنان، ودرس في مدارسه، ثم تخرج طبيباً لا أعرف من أي كلية طب وفي أي بلد. هذا ليس المهم لأن الأهم أنه عاد الى مخيمه عين الحلوة ومارس مهنة طب الأسنان في المخيم، حيث الفقراء والكادحين والعمال واللاجئين والفدائيين.

كل أهالي مخيم عين الحلوة والفلسطينيين في منطقة صيدا كانوا يأموون عيادته المتواضعة ويعرفونه ويقصدونه للعلاج. كانت عيادته تقع على مدخل مخيم عين الحلوة، بالقرب من حاجز الجيش اللبناني عند مستشفى الحكومي ومدخل المخيم الفوقاني، المؤدي الى عمق المخيم وحي الصفصاف، ونفس الطريق يؤدي أيضا الى البركسات والمخيم العتيق – الطوارئ. بعد وفاته استلم إبنه محمد العيادة وواصل بعد وفاة والده علاج الناس في نفس العيادة ولازال يفعل ذلك.

كان فقيدنا الراحل الدكتور شكيب شريدي يعرف أن معظم الناس في المخيم فقراء ولا يملكون مالا كافياً لعلاج أسنانهم بالطرق المثلى. فكان يحاول مساعدتهم بما يمكنه وبما يستطيع. كما وكان يحاول علاجهم بأقل الكلفة والأجر. لكن عندما تكون الحالة ميؤوس منها أو صعبة ومكلفة جداً كان العلاج الأخير هو “قلع” السن أو الضرس عملاً بالحكمة العربية القائلة آخر العلاج الكيّ بالنار. أما الناس الذين كانوا مكتويين بنار الغلاء وبنار قلة الدخل والأمكانيات المالية المحدودة، كانوا يوافقون أو هم أنفسهم يطلبون من الدكتور شكيب أن يختار الطريقة المثلى لإنهاء الألم والمعاناة. فوجع الأضراس والأسنان عدو الانسان.

رحل الدكتور شكيب شريدي عن عالمنا بعد حياة طبية حافلة بالعطاء وعلاج أهالي المخيم الفلسطينيين وجواره من الفقراء اللبنانيين. برحيله فقد الناس طبيباً عاش معهم وعاشوا معه الحلوة والمرة لعشرات السنين. وشهدوا معه تبدل الأوضاع والحياة في المخيم وجواره بين زمنين. زمن الثورة وزمن الثروة. زمن العطاء وزمن الهراء، زمن الفداء والشهداء وزمن اللصوص والتجار. زمن عذاب الفلسطيني بعد نحو 20 سنة من تخلص المخيمات من ظلم وكراهية وفاشية المكتب الثاني اللبناني، فزمن عودة حصار وعزل المخيمات، لكن هذه المرة بجدار عازل مثل جدار الضفة الغربية المحتلة.  في ذلك الوقت منذ النكبة سنة 1948 إلى أن هبت المخيمات وقدمت الشهداء والشهيدات لتحدث التحول الاستراتيجي والتاريخي في هبة نيسان 1969.

رحمه الله طبيبنا شكيب شريدي وغفر له.

 

نضال حمد في 07-8-7-2021