الأرشيفالجاليات والشتات

شهيد كورونا في السويد الفلسطيني أبو أيمن (أبو وحيد) محمد قدورة

كتب سعيد هدروس

بصدق لم أشعر يوما أنني غير قادر على التعبير (كتابة) عن مشاعري وأحاسيسي. كما أنا عليه اليوم. أعذرني يا صديقي يا رفيقي يا قائدي وملهمي, أعذرني فالكلمات مهما جمّلت أو كما كان يحلو لك شلبنت لن تعطيك حقك وسوف تبقى عاجزة أمام سيرتك.
هي مناسبة ورغم ما فيها من حزن وألم لكنها فتحت لي شريطا طويلا من الذكريات بحلوها ومرها عمره عشرات وعشرات السنين, كثيرا ما كنّا نستعيده معا في خلواتنا الخاصة نستحضر فيه مواقف وأسماء.
هكذا إستقبلت خبر رحيلك يا رفيقي, وها أنا أجلس اليوم لوحدي أحك غشاء ذاكرتي وأراك أمامي بإبتسامتك المعهودة وأنت تترك لي حرية الإسترسال دون أن تعقّب على ما قلته في آخر لقاء جمعني بك قبل أيام معدودات من غزوة كورونا اللعينة لجسدك وأنا أحذرك من الإسترخاء في الوقاية الذاتية, وأنت ترد ممازحا بأن تيغنيل صاحب نظرية مناعة القطيع قد حسم الأمر حين أعلن بأن على السويديين أن يتعايشوا مع الفيروس, وأكملت قائلا وإبتسامتك تملأ وجهك وأنت تردد يأتيكم الموت ولو كنتم في بروج مشيّدة.
رحلت عن دنيانا تاركا خلفك إرثا عظيما من العطاء والتضحيات التي لا تعد ولا تحصى, وكنت بلا منازع القائد الوطني الجامع لكل الكل الفلسطيني لا بل العربي والأممي أيضا.
رحلت إنموذجا للإنسان المتواضع المثقف الخلوق المخلص لقناعاتك الوطنية والعقائدية وتتلمذت على يديك أجيال وأجيال, وعزاؤنا أن نحافظ على هذه المدرسة ونعمل بهديها ونسير على خطاها.
فاجعتنا كبيرة يا أبا أيمن أو يا أبو وحيد الأسم المحبب لك والذي عرفك به المئات لا بل الآلاف من أترابك الذين ينهجون مدرستك, فكنت لهم الأخ والرفيق القائد والصديق, وما يزيد حزننا حزنا أنك ترحل اليوم في بلاد الإغتراب ولم يتحقق بعد حلمك في العودة إلى ترشيحا التي أفنيت عمرك مناضلا على طريق عودتك إليها.
يا أبا وحيد, خير عزاء لك أن نكون على العهد باقون نواصل طريقك مستلهمين من غناء تجربتك وإتقاد فكرك وسعة صدرك …
طوبى للخالدين المخلدين بعطاءاتهم وتضحياتهم