من هنا وهناك

صهيوني وهابي/سعودي وقناة المنار – عادل سمارة

صهيوني وهابي/سعودي وقناة المنار – عادل سمارة

في حوار مساء الثلاثين من حزيران 2014 بين أمير موسوي (إيران) وسعد بن عمر (السعودية) كرر بن عمر مرتين قولاً شديد الخطورة بان “هناك ثلاث قوميات تحيط بالعرب تركيا إيران والقومية اليهودية”!

طبعاً لم يقل تحيط بالقومية العربية مما يؤكد أنه لا يؤمن بها اساساً. فلو كان في معتقده موقفاً قومياً لما اعتبر اليهودية قومية كما أشار لها بهذا النص. فهو بداية هدفه نفي القومية العربية والأمة العربية. ,لا أريد تقويله هنا ما لم يقله بمعنى هل الأمة عنده هي:

• مملكة آل سعود

• أم الأمة الإسلامية التي تنادي بها داعش ومثيلاتها بمعنى هل الصومالي مع الإندونيسي أمة واحدة أم ثقافة ودين واحد، هذا إذا كان لا يزال ديناً واحداً بعد أديان الأتراك والقاعدة وأمريكا وداعش والوهابية والإخوان…الخ

المسألة الخطرة أن الرجل ينطلق من قناعة واضحة بأن اليهود أمة. واليهود دين ليس اكثر، وهو بموقفه هذا هو وأمثاله ممن يدعون إلى أمة الإسلام يخدمون الصهيونية لتزعم أن اليهود أمة حسب الدين كما المسلمين أمة حسب الدين وبالتالي يحق لليهود اغتصاب فلسطين كدولة لأمتهم.

طبعا سعد بن عمر لم يُشر لا من قريب ولا من بعيد إلى أن اليهود يغتصبون فلسطين اي ما ليست ارضهم، وهذا الفارق الأساس بينهم وبين إيران وتركيا.

لكن بن عمر يرتكز في الحقيقة على موقف القيادات القبلية/البدوية في الحجاز وخاصة بعد وعد بلفور، اي 1918 و 1919. ففي صراع آل رشيد (الهاشميين) وأل سعود وفي التسابق على دعم الاستعمار البريطاني كتب عبد العزيز آل سعود بخط يده وثيقة إعطاء فلسطين لليهود. وفعل الشيء نفسه فيصل بن الحسين 1919 في مؤتمر الصلح في باريس. طبعاً هذين وعدين بلفوريين من قياديين بدويين قبليين وربما مسلمين وليسا عربيين. لأن القومي لا يمنح وطنه لأي طرف عدو أو صديق وتحديداً لأن الموقف القومي يرفض التنازل عن الأرض كوطن وليس الأرض كمجرد مكان.

وهذا يفتح على مسألة هامة. ففي نفس الفترة أي بدايات القرن العشرين دار حوار بين لينين الشيوعي وبين جناح اليهود تحت اسم (البوند) في الحزب الاشتراكي الديمقراطي الروسي حول كون اليهود أمة ام لا، وكان موقف لينين واضحاً، بقوله لهم: “… ايها الشباب الأمة هي التي تعيش على أرضها وفلسطين ليست أرضا يهودية”. وليس هنا مجال الحديث عن رفض ماركس نفسه لمزاعم ان اليهود أمة بل كان ضد المسألة اليهودية، ولاحقا كرر ذلك كارل كاوتسكي (شيوعي الماني يهودي) في العقد الثالث من القرن العشرين.

المفارقة الخطرة أن آل رشيد وآل سعود اعترفا بقومية يهودية منذ قرن وواصلا ذلك حتى يوم امس على قناة المنار!!!وعليه، يكون الشيوعيين العرب الذين اعترفوا بالكيان الصهيوني قد مشوا (للأسف) على خطى آل رشيد وآل سعود وليس على خطى الشيوعيين المؤسسين. أما المعترفين بالكيان اليوم فهم من عقائد وطبقات عديدة، وحتى من الطبقات الشعبية. وإلا ما معنى الشغل المشترك بين “ثوار” سوريا وأكثريتهم فقراء وبين الجيش الصهيوني.

بل المسألة أخطر. ألم يقرر مرسي الاعتراف بل الصداقة الوفية مع رئيس الكيان؟ هل هذا رايه الخاص؟ بل هال هذا رأي حزبه؟ لنفرض ذلك، فلماذا لم تستنكر جماعة الإخوان المسلمين ذلك وتقول هذا راي مرسي وحزبه؟ أليست تركيا “قاعدة الخلافة” هي اقوى حليف للكيان الصهيوني؟ ألم يقرر السيسي الاستمرار في الاعتراف بالكيان؟ لعل أهمية هذا في كونه يطرح بشدة وجوب الرد القومي العربي على كل هؤلاء. وفي يوم حديث ين عمر هذا نشرت داعش خريطتها التي تغطي الوطن العربي باستثناء فلسطين المحتلة؟ فهل رُسمت في أرض السواد أم في البنتاغون وطُيعت في الرياض؟

لو كان سعد بن عمر أحد ابناء آل سعود (أمير مع تحفظي) لقلنا أن الرجل ليس معنياً بالحيث والقراءة، أليس الملك عبد الله ضعيفاً في قراءة خطبا قصيرة مكتوبة بخط ضخم ومشكولة! وبالتالي لم يكلف نفسه عناء البحث. ولكن حين يُعرَّف كأكاديمي وكاتب، فمن الغريب أن يتغاضى عن حقيقة أن اليهود في فلسطين وحتى اليوم هم تجميع من قرابة مئة قومية اي من مختلف قوميات العالم. فليس من المعقول من حيث علم الأجناس ان يكون اليهودي اليمني والحبشي هو من نفس العرق مع اليهودي الكندي! بينما آل سعود ينكرون العلاقة القومية بين سوريا والسعودية ولذا يديرون حرب مذبحة ضد سوريا.

وإذا عدنا إلى التعريف المُجمَع عليه عالمياً، بأن شرط اية امة أن تكون على ارض هي ارضها، فالكيان الصهيوني الإشكنازي اغتصب ارض الشعب العربي الفلسطيني علانية وحتى اليوم. فهل يُعقل أن يستهين بن عمر بكل هذه الحقائق ويقول بأن اليهود قومية؟

هل هذه حدود ثقافته، حدود قناعاته، أم هي حدود سماح سلطات السعودية له بالحديث؟ ويبدو أن هذا مطلوب منه لأنه كان بوسعه عدم ذكر “قومية يهودية” وخاصة لأن المعركة قيد النقاش الآن هي مع الصهيونية الكردية في العراق. وحين يقبل المثقف أمر الحاكم حتى لو حاكم حقيقين يكون تابعاً فكيف حين يكون الحاكم تابع من جهة وعدو للأمة من جهة ثانية! إن غرام خجل هنا يساوي قيمة المخزون الذهبي لكل لصوص الريع النفطي.

طبعاً بوسعه هو وامثاله القول بأن هناك دولة “إسرائيل” وهناك اقتصاد وهناك طبقات ولكن كل ذلك الخليط ليس قومية واحدة بل من مئة قومية ولا يزالون يستجلبون مستوطنين من اي مكان ويحاولون صهرهم، وأن يقول بانها دولة تقوم على اغتصاب ارض الشعب الفلسطيني. لا ننكر وجودها ولكنه وجود غير شرعي بوضوح.

الغريب ان لا السيد موسوي ولا السيدة بتول مقدمة البرنامج تنبها لهذه الجريمة على الفضاء التي ارتكبها بن عمر، بل هي مذبحة ضد الشعب الفلسطيني والأمة العربية. هل كان السيد موسوي ماخوذا بالدفاع عن إيران؟ وكذلك السيدة بتول؟ أم أنهما في ثقافتيهما لم يتعاملا مع هذه المسألة الأساسية في الرد على الخطر الصهيوني؟ ولكن، هل يمكن لثقافة المقاومة والممانعة أن لا تعطي هذه المسألة الأساسية اهتماماً خاصاً.

بن عمر كان مهتماً بإثبات “قومية” اليهود. لكنه مثلاً لم يذكر بان الأكراد قومية بغض النظر عن التورط الصهيوني لقيادتهم وخاصة حزب مسعود البرزاني. فالأكراد من الأمم القديمة المحيطة بالأمة العربية وكذلك الأحباش والذين ايضا يتصهينون اليوم ضدنا.

اقتراح: لست انا مع المفاوضات ولست من الوفد الفلسطيني المفاوض، لكنني اقترح على د. صائب عريقات ان يترجم للسيدة تسيفي ليفني اقوال سعد بن عمر كي تدرجه مع قائمة من الكتاب العرب الذين اعتبرتهم خدموا الكيان أكثر من اليهود.

اترك تعليقاً