وقفة عز

عام 2006 عام صدام حسين

نضال حمد

 يريدون إعدام الرئيس العراقي الأسير قبل نهاية العام الجاري.. وتبقى لنهاية هذه السنة 48 ساعة فقط لا غير. مما يعني أنه من الممكن أن تكون نهاية العام الجاري نهاية لحياة رجل عربي شجاع اسمه صدام حسين.

كنت شخصياً في قديم الزمان أرفض سياسات الرئيس صدام حسين الداخلية مع المعارضة العراقية وبالذات الشيوعية والشيعية والكردية منها. لأنها كانت بالنسبة لي سياسة قمعية، سياسة الحزب الواحد والقبضة الأمنية الحديدية. ووقفت في تلك الفترة وقفة رجل شجاع أدافع عن المعارضين العراقيين وأواجه البعثيين، ويشهد على هذا أصدقاء عراقيين عرب وأكراد خضنا وإياهم معاً معارك اليسار العربي والأممي. ويؤسفني هنا أن أقول بأنني لا أدري حقيقة إن كُنا لازلنا أصدقاء وفي نفس المعسكر. أو أن احتلال العراق فرق بيننا وغدونا في أضعف الإيمان لا أصدقاء.

كما كنت أقف ضد حرب الحُكم العراقي والرئيس صدام حسين على إيران الإسلامية الخارجة للتو من ثورة شعبية عارمة ضد نظام الشاه العميل للصهاينة والأمريكان.

بعد سنوات من وقفاتي تلك وتحديدا مع بدء حرب عاصفة الصحراء لاستعادة الكويت من جيش الرئيس العراقي الذي كان اجتاحها في ليلة واحدة. اكتشفت وكذلك اكتشف أبناء وبنات اليسار العربي الحقيقي، أننا نحن الذين آمنا بالمساواة والعدل وإنسانية بني البشر بغض النظر عن لونهم ودينهم وعقيدتهم وهويتهم… اكتشفنا أن تعاليم اليسار العربي وبالذات شقه الانتهازي، أي شقه الذي على شاكلة الحزب الشيوعي العراقي، كانت تعاليم حزب ثأري، قبلي، انتقامي، ذيلي، حزب فاشل أراد التعويض عن فشله بالتحالف مع رأس الأفعى العالمي، مع الإدارة الأمريكية في أشرس وأقذر إداراتها الحاكمة… وأكثرها عدوانية وعداء للبشرية والإنسانية والسلم وحريات الشعوب والدول في زماننا الحالي.

حزب باع تاريخه وركب على تضحيات الآلاف من شهدائه، الذين قضوا في سبيل عراق حر وديمقراطي وسعيد. وقَبِلَ الحزب الآيل إلى الانقراض أن يصبح حزبا طائفياً، قبلياً، عنصرياً، وأمعن في غض النظر والطرف عن المذابح التي تجري في العراق. وعن جرائم الاحتلال قبل وبعد الغزو، بحجة تحرير العراق من الدكتاتور والحزب الحاكم، وعدم العودة إلى ما قبل سقوط بغداد.

في زمن النفاق والرفاق في الحزب الشيوعي العراقي صار لا يوجد فرق بين أهل العمائم السوداء والبيضاء وأهل العمائم الحمراء. تساووا كلهم في خيانة العراق وبيعه ببخس الثمن. فصار الشيوعي العراقي الذي كان مطارداً، يعمل في الجيش والشرطة والمخابرات وفي تعذيب السجناء والمعتقلين. ويتلقى أوامره وتدريبه من وفي جيش الاحتلال الأمريكي. وأحيانا أخرى مباشرة من جيش الدفاع الصهيوني. وقَبِلَ بإقامة المحميات والقواعد والمعسكرات التي تتجسس على العراق والبلدان العربية والإسلامية على الأراضي العراقية، وبحماية الرفاق في ميليشيات يسارية وغير يسارية كردية وأخرى عربية.

في العراق تحالف بعض الشيوخ والأسياد مع الرفاق ليتساووا في الخيانة، وباعوه معاً من أجل مكاسب آنية وتحقيق أحلام خيالية، وأوهام لا بد أنها منتهية وذاهبة إلى الزوال. فلا الحلم الشيوعي العراقي ولا الوهم الطائفي لجيش المهدي وغيره من عصابات الطوائف والمذاهب، أو الوهم الكردي يمكنه حتى لو تم إعدام صدام حسين بعد قليل وأثناء كتابة هذه السطور أن يغير ويبدل من أن العراق سيبقى بلدا عربيا فوق العادة. وأنه لا يمكن لأي فئة أن تغيره وتبدله وتجعله رهينة بأيدي الغرباء والعملاء. سواء كان هؤلاء من البعض الكردي أو البعض العربي، ومن البعض “السُني” أو البعض “الشِيعي” العراقي.

التحضير لإعدام الرئيس العراقي الأسير يترافق مع عملية إعدام للشعب العراقي في كل مناطقه. كذلك مع عمليات ذبح وتنكيل وانتقام وجرائم حرب يقوم بها جيش المهدي، وإرهابيين طائفيين آخرين ضد الفلسطينيين الأبرياء في العراق الذبيح.

نقول لهؤلاء الأنذال الأقوياء على الأبرياء من المُسنين والأطفال والنساء، إن تعاليم امام الفقراء وتعاليم نجله سيد الشهداء ليست هكذا… فأنتم خسيسين وجبناء لا صلة تجمع بينكم وبين الأئمة وكربلاء، ولا صلة تجمع بينكم وبين آل البيت، ولا بينكم وبين رسول السلام ودين الإسلام. أسلافكم خذلوا الأئمة وها انتم تخذلون الأمة. حولتم جيش المهدي الذي كانت مهمته تحرير الأمة الإسلامية إلى جيش عصابة طائفية لا يقل خطورة ونذالة وخسة عن لواء الذئب وفيلق بدر. فأي عار سوف يصبغ سيرتكم وتاريخكم وأي عار سيلاحقكم حتى في قبوركم. فأنتم إلى زوال والى مزابل التاريخ، أما الرئيس الأسير فله التحية والاحترام، لأنه أثبت بالفعل أنه كان صادقاً في الدفاع عن أرض وشعب العراق. وأنه كان ناجحاً في الحكم إذ أن زمانه الذي قيل انه كان زمان الديكتاتورية والقمع والتنكيل والاعتقالات، يبدو كان أفضل بكثير من زمن حكومات الاحتلال. حيث لا عدالة ولا أمن ولا سلام ولا طمأنينة أو هدوء وراحة، ولا ماء ولا دواء ولا غذاء .. ولم يعد هناك حرمات، فقد هُتك شرف العراقيين والعراقيات، ولم يسلم بيت عراقي من التدنيس الأجنبي والمحلي. فنهبت ثروات وآثار وكنوز العراق وأستبيحت نساء وفتيات العراق، وسُبيّ وأغتصب الأطفال العراقيين. كما أهين الرجال في كراماتهم وكأن العراق في زمن الغزو المغولي وفي أيام سوداء أكثر من أيام ابن العلقمي…

 نم هانئا يا صدام حسين فالعراق الذي يعج الآن بالعلقميين الكبار والصغار سوف يبتلع الاحتلال ومعه العملاء تماماً كما يفعل الإعصار بكل شيء يجده في طريقه.

 

كتبت هذه المقالة فجر اليوم وقبل تنفيذ حكم الإعدام بساعات قليلة..

Sunday 31-12 -2006