الأرشيففلسطين

قرار قديم لمحكمة دولية بخصوص حائط البراق

قرار المحكمة الدولية في ملكية كل الحرم الشريف القدس للمسلمين حقيقة لا يعرفها أغلب المسلمين، ولو كان الحكم لصالح اليهود لترجم القرار إلى جميع لغات العالم، ولسمع بها كلّ اهل الارض، وأعتقد بأنه ربما أكثر من (٩٠٪) من المسلمين عامَّة، والعرب خاصَّة لم يسمعوا بها. هناك قرار محكمة دولية صدر قبل 93 عاماً أثناء الانتداب البريطاني لفلسطين، عندما تقاضى المسلمون واليهود حول قضية القدس والمسجد الأقصى هل هو حقٌ للمسلمين، أم هو الهيكل المزعوم؟ فماذا قال المحكمون الأوربيون والقضاة المحايدون والمحامون وعلماء التاريخ والآثار الدوليون ولم يكن بينهم عربي ولا مسلم واحد عن المسجد الأقصى وعن الحائط الغربي العتيق للمسجد الأقصى، هل هو حائط المبكى، وهل هو حق لليهود أم هو حائط البراق وهو حق وملك للمسلمين؟! وماذا كان قرار تلك اللجنة الدولية؟!
اثناء الانتداب البريطاني على فلسطين، اندلعت ثورة البراق عام 1929 ضد المستعمر البريطاني احتجاجاً على تسهيلات قدمها الانجليز لليهود للوصول والصلاة عند الحائط الغربي للمسجد الأقصى ولم تهدأ الثورة إلا بعد أن قبل الانجليز إحالة النزاع لمحكمة دولية للبت في امر الحائط هو حائط البراق الإسلامي، أم هو حائط المبكى اليهودي؟!
قامت بريطانيا بتعيين لجنة برئاسة وزير الشؤون الخارجية السابق في حكومة السويد رئيساً، وعضوية نائب رئيس محكمة العدل في جنيف، ورئيس محكمة التحكيم النمساوية الرومانية المختلطة وحاكم الساحل الشرقي لجزيرة سومطرة السابق وعضو ببرلمان هولندا، وهي لجنة دولية محايدة وعلى أعلى مستوى قضائي وتحكيمي، حيث وصلت اللجنة إلى القدس في 19 يونيو 1930، وأقامت شهراً كاملاً في فلسطين، وكانت في كل يوم تعقد جلسة أو جلستين، أثناء الجلسات التي عقدتها اللجنة وعددها 23 جلسة استمعت إلى شهادة 52 شاهداً، منهم 21 حاخاما يهوديا، و30 عالما مسلما، وشاهد واحد بريطاني.
قدم الطرفان إلى اللجنة 61 وثيقة، منها خمس وثلاثون مقدمة من اليهود، وست وعشرون وثيقة مقدمة من المسلمين، حيث ثبت للمحكمة الدولية، أن حجة المسلمين كانت هي الغالبة، إذ استطاع دفاعهم أن يثبت أن جميع المنطقة التي تحيط بالجدار وقفٌ إسلاميٌ بموجب وثائق وسجلات المحكمة الشرعية، وأن نصوص القرآن وتقاليد الإسلام صريحة بقدسية المكان عندهم، وأن زيارة اليهودللحائط ليست حقاً لهم، بل كانت منحة محددة بموجب أوامر الدولة العثمانية، وبموجب أوامر الحكم المصري للشام، ولم تكن إلا استجابة للألتماسات المتكررة بزيارة المكان، ودون السماح لهم بإقامة شعائر الصلاة في هذا المكان، ويكتفي بالدعاء بلا صوت ولا إزعاج، ولا أدوات جلوس أو ستائر، وكان ذلك منحة من الحكومات المسلمة كنوع من التسامح الديني وليس حقاً تاريخياً ولا دينياً ولا عقارياً.
جاء قرار المحكمة بعد أكثر من خمسة أشهر من بدء جلسات اللجنة الدولية في القدس، وبعد أن استمعت إلى ممثلي العرب المسلمين وممثلي اليهود، وأطلعت على كل الوثائق التي تقدم بها الطرفان، وزارت كل الأماكن المقدسة في فلسطين، وعقدت اللجنة جلستها الختامية في باريس من 28 نوفمبر إلى 1 ديسمبر 1930م، حيث انتهت اللجنة بالإجماع إلى قرارها الذي استهلته بالفقرة التالية، وهي التي تهمنا في هذا الوقت: “للمسلمين وحدهم تعود ملكية الحائط الغربي، ولهم وحدهم الحق العيني فيه لكونه يؤلف جزءاً لا يتجزأ من مساحة الحرم الشريف التي هي من أملاك الوقف، وللمسلمين أيضاً تعود ملكية الرصيف الكائن أمام الحائط وأمام المحلة المعروفة بحارة المغاربة المقابلة للحائط لكونه موقوفاً حسب أحكام الشرع الإسلامي لجهات البر والخير”.
ونصت أيضاً: “إن أدوات العبادة وغيرها من الأدوات التي يجلبها اليهود ويضعونها بالقرب من الحائط لا يجوز في حال من الأحوال أن تعتبر أو أن يكون من شأنها إنشاء أي حق عيني لليهود في الحائط أو في الرصيف المجاور له”.
وتضمن القرار عدداً من النقاط الأخرى، أهمها: منع جلب المقاعد والرموز والحُصُر والكراسي والستائر والحواجز والخيام، وعدم السماح لليهود بنفخ البوق قرب الحائط”.
وقد وضعت أحكام هذا الأمر موضع التنفيذ اعتباراً من 8 يونيو 1931، وأصدرت الحكومة البريطانية كتاباً أبيض عن الموضوع اعترف بملكية المسلمين للمكان وتصرفهم فيه. وقد حمل كل من الحكم الدولي والكتاب الأبيض اليهود على التزام حدودهم، ولم يلبث أصوات اليهود أن خفتت ظاهريا بالنسبة لموضوع الحائط، كما أصدر ملك بريطانيا على أساس ذلك المرسوم الملكي المعروف باسم ”مرسوم الحائط الغربي لسنة 1931” الذي نُشر في حينه في الجريدة الرسمية لفلسطين.

Image processed by CodeCarvings Piczard ### FREE Community Edition ### on 2020-08-14 15:58:20Z | | ¼¸