الأرشيفوقفة عز

قصة هذه الصورة – نضال حمد

في الثلاثين من أيلول – سبتمبر سنة ٢٠٠٠ قام الجنود الصهاينة في قطاع غزة بإعدام الطفل الفلسطيني محمد جمال الدرة وإصابة والده بجراح. حصلت الجريمة البشعة على مرأى العالم أجمع وتم تصويرها ونقلها مباشرة من مكان وقوعها.

تلك الجريمة الصهيونية بحق الوالد وابنه الصغير هزت العالم أجمع وبالذات الشعب الفلسطيني والأمة العربية، فحركت الشارع العربي من المحيط الى الخليج ومن الخليج الى المحيط. كما أثارت حركات التضامن الاوروبية والعالمية مع الشعب الفلسطيني، التي سيرت تظاهرات وأجرت نشاطات عديدة تفضح الارهاب الصهيوني المسنود أمريكيا وغربيا وأوروبيا، والمسكوت عنه في الدول الأوروبية الأقل تطرفاً في مساندتها للصهاينة.

أذكر الموقف الإنساني الرائع والشجاع للصديقة النرويجية نورا انغدال، رئيسة جمعية المساعدات الشعبية النرويجية في قطاع غزة، التي نددت بالجريمة الصهيونية وبالموقف الرسمي النرويجي الجبان، فبعد إطلاقها تلك التصريحات القوية نددت وزارة الخارجية النرويجية بالجريمة.

على إثر ذلك جرت تظاهرة في أوسلو بدعوة من لجان التضامن مع الشعب الفلسطيني وعن غير عادة شاركت فيها بكثافة مجموعة من العائلات الفلسطينية المقيمة في أوسلو وضواحيها. قبل ذلك كانت مشاركاتهن في التظاهرات معدومة تقريباً.

جرت أحداث التظاهرة أمام مقر السفارة الصهيونية في شارع بارك فاين في أوسلو، هذا قبل أن يتم فيما بعد بسبب صديقي حسام وآخرين وهجومهم على السفارة منعنا من الوصول الى السفارة واغلاق الشارع تماماً أمام المتظاهرين. في يوم محمد الدرة كانت الشرطة النرويجية ضربت طوقاً أمنياً مشدداً على المكان وعلى السفارة بشكل خاص، بمشاركة الشرطة الخيالة.

لم يتمالك الفلسطينيون والفلسطينيات أنفسهم-ن ولم يتحكموا بعواطفهم-ن وأخذوا وأخذن يرجمون ويرجمن السفارة الصهيونية بالحجارة والخ. عندها تدخلت الشرطة النرويجية وبعد اطلاقها عدة انذارات واعتبارها بأن التظاهرة لم تعد قانونية بسبب ذلك ومطالبة المتظاهرين بمغادرة المنطقة، ورفضنا لتلك المطالب، أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع، وهاجمتنا بالهراوات والخيالة. في تلك اللحظات وفي محاولة مني لتهدئة الجانبين كما يبدو في الصورة، لم تنجح طبعا محاولتي، وجدت نفسي تحت قوائم الخيل والشرطة بالهراوات وقنابل الغاز فوق رأسي. لكنهم  لم يعتدوا علي، ساعدوني على النهوض، ثم تركوني أمضي في سبيلي. ربما لأنني بإعاقة جسدية أو لأنني لم أفعل شيئاً غير قانوني باستثناء عدم انصياعي فوراً لنداء الشرطة بضرورة مغادرة المكان. في ذلك اليوم وعلى إثر ذلك كله أصبت بجراح طفيفة في يدي وساقي الوحيدة.

في اليوم التالي 4-10-2000 صدرت أكبر جريدة يومية نرويجية (أفتن بوسطن) وصورتي كانت على نصف الصفحة من الجريدة. لازلت احتفظ بتلك الصورة وبصور أخرى للمتاظهرين والمتظاهرات خلال المواجهة. منها صور للأخت والصديقة والرفيقة عطاف أم سهيل وللأخ والصديق حسام… كلاهما كانا في لبنان بنفس المدرسة التي تدربنا فيها على حب فلسطين والنضال لأجل تحريرها بكل السبل المتوفرة والممكنة. كانت تسمى مدرسة القائد الأمين، الشهيد طلعت يعقوب.

نضال حمد

٢-١٠-٢٠٢١