من هنا وهناك

كاتم الأسرار – خالد صادق

مأساة شعب

لا زال الغزيون يدفعون ثمن المناكفات بين شركة الكهرباء الفلسطينية بغزة, وحكومة رامي الحمد الله, والسبب الضريبة التي يتنازع عليها الطرفان, والحصيلة كانت استشهاد طفلين بعد اشتعال منزلهما أثناء إشعال شمعة للإنارة, وهذا ليس أول حادث يحصل بسبب انقطاع الكهرباء, ونحن على يقين أن هذا لن يكون الأخير في حلكة الظلام, ومع اشتداد البرد, ولا ادري هل تساوي ضريبة الوقود الصناعي الخاص بشركة الكهرباء في غزة ثمن روح طفل يحترق لأنه يبحث عن تبديد الظلام, هل تساوي الضريبة التي تتصارعون عليها يا معالي رئيس الوزراء هذه الأموال دمعة أم  تسقط على وجنتيها وهى تدعو على من كان السبب في فقدانها لفلذة كبدها, ألا يؤنبكم ضميركم وانتم تشاهدون أطفالا يحرقون, أم أن قلوبكم ماتت وأصبحت قاسية, فهي كالحجارة أو اشد قسوة, إذا كنتم تأمنون الحساب في الدنيا, فكيف ستأمنون الحساب في الآخرة وانتم بين يدي الله, أنها مأساة انتم مسؤولون عنها فحسبنا الله ونعم الوكيل. 

×××

لقاءات البديل

اللقاءات الرسمية السرية بين قيادات إسرائيلية وقيادات فلسطينية وعربية كثرت في الآونة الأخيرة, خاصة في أعقاب العدوان الأخير على غزة, فالعواصم الأوروبية لا تكاد تخلو من مثل هذه اللقاءات, لكن اللقاء الأخير الذي جمع القيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان مع وزير صهيوني كبير يتردد انه افيغدور ليبرمان, كان مقلقا للغاية للسلطة الفلسطينية, التي طلبت توضيحا من الحكومة الصهيونية حول طبيعة اللقاء, وهل هو لقاء رسمي أم شخصي, فكانت الإجابة انه لقاء شخصيا, المصادر الصهيونية قالت أن اللقاء جمع أيضا ليبرمان مع شخصية أمنية عربية من المرجح أن يكون الإماراتي ضاحي خلفان, ما يقلق السلطة أن هذه اللقاءات تتم مع تصاعد الأزمات بين السلطة الفلسطينية والحكومة الصهيونية وتهديد السلطة بملاحقة مجرمي الحرب الصهاينة, والتلويح بحل السلطة إذا استمر منع تدفق أموال الضرائب من الحكومة الصهيونية لخزينة السلطة, فهل تعد إسرائيل البديل في حال تم حل السلطة؟.   

×××

رحل الوزراء

وزراء حكومة رامي الحمد الله غادروا قطاع غزة بعد أن زادوا الأمور تعقيدا وصبوا الزيت على النار, فقد دخلوا القطاع خاليي اليدين, وليس في جعبتهم ما يقدمونه للغزيين سوى الوعود والأماني, وهذا ما يفسر لنا امتناع رئيس الوزراء رامي الحمد الله من الوصول إلى غزة, بعد أن بشرنا بقدومه مرات ومرات لحل الأزمات وتذليل العقبات, لكن الحمد الله اكتشف أن حل أزمات القطاع ليس في يده, ولا في يد الرئيس عباس, فالحل مرتهن برضا إسرائيل, وإشارتها للإدارة الأمريكية ودول إقليمية عربية ودولية, لذلك آثر الحمد الله النأي بنفسه ودفع بوزرائه “الطيبين” في جحيم غزة, فواجهتهم التظاهرات والمشكلات والمطالب, فكانوا يتوارون من الناس, ولا يستطيعون مواجهة احد, لقد دخلوا في جلابيبهم واخفوا رؤوسهم كما النعام, وعاشوا لحظات عصيبة كانوا ينتظرون خلالها بفارغ الصبر لحظة الخلاص, والرحيل عن القطاع, رحل الوزراء ولا أظن أنهم سيعودوا في المرة القادمة إلى بصحبة رئيس الحكومة شخصيا كي يلقى مصيره.

×××

أسطورة التحقيق

ورحل احمد مهنا ذلك المجاهد الكبير الذي أفنى حياته وهو يدافع عن شعبه وقضيته, كان رحمه الله شوكة في حلق بني صهيون, انتمى لحركة الجهاد الإسلامي وهو داخل سجون الاحتلال, وتحول إلى أسطورة في التحقيق ومجاهدة العدو, كان يتعرض لأبشع أنواع التعذيب والقهر في مسالخ المخابرات الصهيونية, دون أن يستطيعوا انتزاع اعترافا منه, في إحدى المرات استمر تعذيبه طوال اليوم وبأبشع الصور, كي يدلهم على السلاح الذي كان يخبؤه, لكنه كان ينكر ذلك بشدة, ومع تواصل التعذيب الشديد معه لساعات طوال قال للمخابرات الصهاينة ماذا تريدون, هل تريدون السلاح, تعالوا أدلكم عليه, ففرحوا بانتزاعهم اعترافا منه, وهو الذي كان يتحداهم بأنه لن يعترف لهم بشىء, وعندما قادهم إلى بيته, قال لهم فتشوا فلن تجدوا أي سلاح, فجن جنونهم وانهالوا عليه ضربا, وقالوا له أتهزأ بنا يا ابن…, فقال كنت مشتاقا لأهلي وقد شاهدتم, وبإمكانكم الآن أن تعودوا للتعذيب إن أردتم, لقد كان بحق أسطورة التحقيق في السجون الصهيونية.

………….
لصمود أمام العقوبات

لم يكن مفاجئا أن يسقط مشروع السلطة المقدم لمجلس الأمن بإنهاء الاحتلال للأراضي المحتلة مع حلول العام 2017م والذي كان يستند إلى قرارات الأمم المتحدة, بل انه استجاب للتفسير الإسرائيلي لهذه لقرارات وتعاطى معها تماما, حتى أن رئيس السلطة محمود عباس لم يستشر أيا من فصائل المقاومة الفلسطينية, التي ابدت رفضها لهذا المشروع ودعت السلطة لسحبه والتشاور حوله.  

حسنا فعلت الإدارة الأمريكية حين أسقطت المشروع, فهى أغلقت صفحة من الخلاف الذي كان من الممكن أن يعصف بالساحة الداخلية الفلسطينية, لكن الإدارة الأمريكية لم تتوقف عن توجيه الصفعات للسلطة الفلسطينية عند هذا الحد, بل هددت السلطة إذا انضمت للمعاهدات والمؤسسات الدولية ووقعت على ميثاق روما أن توقف المساعدات المالية والعينية المقدمة للسلطة, وان تجمد ما تسمى بمسيرة السلام, وتضامنت مع إسرائيل في وقف تحويل أموال الضرائب للسلطة الفلسطينية, مما دفع قيادات السلطة الفلسطينية للتلويح بإمكانية حل السلطة, وإعلان فشل ما تسمى بمسيرة السلام.    

إسرائيل قالت أن قرار تجميد أموال عائدات الضرائب لم يكن إلا رداً أوليًا، وأن الرد الجدي والواسع سيأتي في وقت لاحق. وأضافت أن طواقم من مختلف الوزارات ستلتقي هذا الأسبوع لبحث سبل فرض العقوبات، وفي أعقاب ذلك ستجتمع الحكومة الأمنية المصغرة (كابينيت) لإقرار عقوبات أوسع ضد السلطة الفلسطينية, وقد اعتادت إسرائيل على تراجع السلطة عن خطواتها في اللحظات الأخيرة, وهى تلجأ لأصدقائها العرب للضغط على رئيس السلطة واجبارة على التراجع عن قراراته, وإذا أصر رئيس السلطة على موقفه فستتمدد العقوبات وتصل إلى بعض العواصم العربية المجاورة, وبالتالي يضيق الخناق أكثر على السلطة الفلسطينية وتدفع ثمن عنادها, وللأسف الشديد السلطة لا تستند على جدار المقاومة الفلسطينية, ولا على جدار التأييد الشعبي, لأنها حددت خياراتها بخيار واحدا, لا زالت تتمسك به وتصر عليه رغم هذا الفشل الذريع على مدار سنوات طوال.

إن خطوة توقيع السلطة على ميثاق روما, والانضمام لمحكمة الجنايات الدولية ضرورية الآن إلى حد كبير, وقد أيدتها كل فصائل المقاومة الفلسطينية, رغم التلويح بإمكانية ملاحقة إسرائيل لقيادات المقاومة الفلسطينية السياسيين والعسكرين وخضوعهم للمحاكمة,  حتى أن إسرائيل لوحت مؤخرا بمحاكمة قيادات في السلطة الفلسطينية في محكمة الجنايات الدولية, لمنع السلطة من ملاحقة قادتها المجرمين, وهذا فيه خشية واضحة لإسرائيل من لجوء الفلسطينيين للمحكمة الدولية, وانه قد يعرض بعض قادة الاحتلال للاعتقال والمحاكمة, رغم إدراكنا أن أمريكا والمجتمع الدولي سيحميان إسرائيل من ملاحقة مجرميها, وسيعيقان عمل محكمة الجنايات الدولية, وسيلتفان على قراراتها, لكن رغم كل ذلك مطلوب من السلطة الفلسطينية أن ترفع دعاوى على هؤلاء المجرمين الصهاينة, حتى تكشف جرمهم ودمويتهم وهمجيتهم, ولا يستطيعوا أن يتحركوا بحرية بين بلدان العالم, ويبقوا في حالة رعب وفزع دائمين, ولا يشعروا دائما أنهم فوق القانون, فيرتكبوا المجازر ضد الفلسطينيين ويخرجوا منها دون حساب أو عقاب, لأن امن الحساب والعقاب أساء الأدب.  

كل الإجراءات العقابية الإسرائيلية والأمريكية والدولية, وكل الضغوط العربية والإقليمية, وكل التهديدات والوعود بالويل والثبور وسوء الأحوال والأمور, لا يجب أن تثني السلطة الفلسطينية عن المضي في خطواتها لملاحقة مجرمي الحرب الصهاينة, لم يبق من عذر للسلطة الفلسطينية بعد أن فقدت كل أوراقها, وإذا كان حل السلطة هو “الحل” فنحن معه, ونطالب بمصارحة الشعب الفلسطيني بكل شيء, والإعلان عن فشل كل مبادرات السلام, وان الحل يكمن في مقاومة هذا الاحتلال بكافة السبل, بما فيها بل وأولها الكفاح المسلح الذي هو السبيل الوحيد لانتزاع الحقوق من هذا الكيان المسخ المسمى “إسرائيل”.

اترك تعليقاً