الأرشيفعربي وعالمي

وليد عبد الرحيم عن أبي علي مصطفى

لا ينتبه مصطلح المقاومة والصلابة الثورية إلى ذاته ما لم يستلهم ذكر قادة وطنيين وجبهويين عدة، احدهم هو الشهيد أبو علي مصطفى، ذاك الرجل الذي طُبعت في شخصيته استخلاصات وتجارب معاناة الاعتقال والتخفي والقتال في السهول والجبال وتثقيف الذات المتواصل، ولم يكترث لما يمكن تحصيله شخصياً من الوصول إلى القيادة بل ليقود توجيه الدفة، فكان الأمين العام بعد استقالة الحكيم جورج حبش.
ظل أبو علي حتى آخر رمق في حياته شخصية فدائية لا تلين، وفي لحظات الانكسار والتراجع الوطني والقومي ذاتها كان ينظر للمستقبل، حيث فلسطين لا تتوقف عند مرحلة انتكاس أو هزيمة ولا تسكن حريتها أثناء حصار.
عاش أبو علي مصطفى أبيض الكفين صاخب الفكرة وساخن الحركة، كان ذلك طيلة فترة انتقالات الجغرافيا وحصار الفلسطيني وتقييد حركته، ثم دخل الوطن قبيل الألفية الزمنية القادمة، فعاد إلى جغرافيا مرابع طفولته قرب بلدته عرابة في جنين، هناك عاد كما بدأ شاباً في الخمسينات والستينات حيث نظم خلايا الكفاح المسلح سراً في العاصمة الفلسطينية والضفة الغربية، فأعاد مجدداً بعد أن صار القائد الأول ترتيب فلسفة الثورة المسلحة وميكانيكها ونظم صفوف المجموعات الثورية الفدائية التي سطعت بقوة مع اندلاع الانتفاضة عام 2000.
كانت استخبارات النازية الصهيونية تراقب التغييرات، واكتملت نظريتها الأمنية المترنحة بأن الأمين العام للجبهة الشعبية مشغول تماماً بالكفاح والقتال عبر ترتيب المجموعات الفدائية، وهو خارج السكونية أو التدجين…
هكذا اشتدت الانتفاضة، واقتربت هزيمة الإرهابي شارون وجيشه الجبان فقرر اغتيال الرأس المدبر والمتابع لمجموعات التصدي، كان أبو علي مصطفى أعلى مرتبة قيادية في صفوف منظمة التحرير يتم اغتياله، ليعقبه الرئيس عرفات.
في يوم 27/8/2001 اغتيل أبو علي في مكتبه برام الله بصاروخين من مروحية أباتشي، وهو ما زاد من اشتعال الانتفاضة، وتم إقرار الرد بالمثل من قبل الشعبية رأساً برأس كما صرح علناً وبكل شجاعة أمينها العام الوارث لمزايا الثوار والجديد وقتها والأسير اليوم أحمد سعدات، فقام وفدائيو الجبهة بتنفيذ حكم الإعدام بالإرهابي النازي رحبعام زئيفي.
أبو علي مصطفى شخصيةلا تُنسى، دقيق في يومياته، وصارم في عمله، ووفي لمبادئه وخطه الفكري والنضالي، لقد قضى حياته كنموذج ثوري حقيقي ودفع حياته ثمناً لترسيخ النموذج، فحاز فرادة الشخصية واحترام شعبه العظيم.

23-8-2023