وقفة عز

يا إفرنجي لاتهتم الفتحاوية بتشرب دم

نضال حمد

لم أكن هذا الصباح ولا هذا اليوم بوارد مطالعة الصحف ولا التصبح بها وخاصة الفلسطينية منها، وبالذات التي تصدر في أراضي الحكم الذاتي المحدود للسلطة الفلسطينية. فاليوم هو يوم ميلادي، وفيه أدخل عامي الثاني والأربعين، ولا احتفل به بسبب تصادفه مع الذكرى الأولى لرحيل أحد أعز أصدقائي، الشاعر الغرائبي محمد حمزة غنايم. لكن لا أدري هل هو الملل الذي أمرني بالدخول إلى موقع فلسطيني إعلامي وإخباري يبث من غزة… المهم دخلت فرأيت صورة السيد عبد الله الإفرنجي وقرأت تصريحاته وهي بالمناسبة تتكاثر كما الذباب على طرقات القطاع. ويا ريت ما قرأت تصريحاته ولا أكملت مطالعة حواره، فصاحبنا ينطبق عليه المثل القائل ” يقتل القتيل ويمشي في جنازته” وينطبق عليه أيضا قول شاعرنا محمود درويش ” أتقتلني يا ذئب وتلبس جثتي”.. عبد الله الافرنجي الذي قضى معظم سنواته في العمل الفلسطيني والفتحاوي سفيرا للمنظمة في ألمانيا الغربية ثم ألمانيا الموحدة الفيدرالية، لم يكن مثاليا ولا خير قائد للفلسطينيين في ألمانيا. الآن عاد الافرنجي إلى قطاع غزة وتسلم مهمة التعبئة والتنظيم في حركة فتح في القطاع الساخن. ولا ندري من عينه في المنصب المذكور، خاصة أن للتعبئة والتنظيم في فتح مسئولا مخضرما وهو الأخ أبو ماهر غنيم من القادة التاريخيين للحركة. وأحد معارضي اتفاقية اوسلو التي قلبت طاولة فتح رأسا على عقب وقسمتها بين داخل وخارج وبين ضفة وقطاع وساحات وأقاليم.

على كل تبقى قصة التعيينات مسألة داخلية فتحاوية ولا نريد الدخول فيها كي لا نتهم بالتحرش ” الوطني” أو “اللا وطني” في شئون حركة فتح الداخلية.

بعد قراءة الحوار الصحفي مع السيد عبدالله الافرنجي عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، والذي قال في الحوار أنه أحد قادتها المؤسسين منذ كان عمره 12 عاما، عرفت أنني لم أظلم فتح أبداً في مقالتي السابقة المعنونة” عن القضاء والديمقراطية في الساحة الفلسطينية”. فهذه هي فتح كما عرفتها من خلال سنوات طويلة من العمل في أوروبا والشتات، وكما أراها اليوم بعد سلام الشجعان وتقسيماته داخلها أيضاً. إنها الآن كما يريدها الإفرنجي وكما يريدها الإفرنج والفرنجة، وكما يريدها ذاك الفتحاوي الذي علق على حوار الإفرنجي بالعبارة التالية ” يا إفرنجي لا تهتم الفتحاوية بتشرب دم”. طبعا الإفرنجي يريد بلطجية وأشباه رجال على شاكلة “شريب الدم” والذي هو بالتأكيد من الجماعة الذين عرفناهم في الفاكهاني ورأيناهم في مخيمات اللاجئين يحررون جدرانها شبه الباقية من شعارات الفصائل الأخرى.. هؤلاء عرفناهم حين كانوا يطلقون النار على الضعفاء، وهم على شاكلة فدائيي الشواطئ والمنتزهات والفنادق بعد الرحيل عن بيروت سنة 1982.

هذا القائد الفتحاوي الجديد على العمل في قطاع غزة يريد أشباه رجال على شاكلة من صفقوا للملك الجديد حين مرض ومن ثم مات الملك القديم. ولأن الإفرنجي وكل الذين ركبوا قطار أوسلو يعيشون على حساب الشعب المظلوم وتضحياته، وأكثر من ذلك يسرقون ويدعون شرعية التحدث باسمه، باسم الشعب الذي انتكس بسبب سياساتهم الخاطئة وإدارتهم الفاسدة واحتلالهم لمقاعد القيادة بالوراثة وبالاحتيال وبدون انتخابات وبلا مؤتمرات وبدون ديمقراطية”فتحاوية” أو فلسطينية. لقد آن الأوان لإجراء انتخابات فتحاوية حرة نزيهة تنتج التزاما فتحاويا واضحا وصريح بالثوابت الوطنية الفلسطينية.. كما أن الأوان يا جماعة أوسلو كي تحلوا عن سمانا كما قال عمنا أبو مرعي رحمه الله.

كان الأجدر بالإفرنجي أن يبقى في بلاد الفرنجة كي يرتاح ويريح أهل غزة من تصريحاته اليومية، النارية والتي تصب الزيت على نار تغلي منذ زمن. فاستمراره في إطلاق التصريحات الاستفزازية والتصعيدية ضد حماس وتهديدها بالقضاء والقانون أصبح شيئا مثير للسخرية والضحك. ثم هذا القضاء لا هو عادل ولا هو نزيه ولا هو مستقل رغم أنوف كل من يدعي غير ذلك. سوف تكون نتيجته كما يقول هو حمام دم فلسطيني. لكن الصدام المزمع و حمام الدماء المرتقب إفرنجياً “نسبة للإفرنجي” لم تهيئ له حماس عبر جر فتح لمعركة وصدام داخلي كما يدعي هو .

يقول الإفرنجي انه أوقف تحرك عشرات الآلاف من مؤيدي فتح الذي كانوا يريدون النزول إلى الشوارع ردا على أنصار حماس الذين نزلوا بدورهم إلى الشوارع احتجاجا على سلبهم انتصارهم في الانتخابات. كأن الإفرنجي بقوله يهدد حماس بعشرات آلاف أنصار فتح، وبأنهم ينتظرون إشارة منه. ويقول الإفرنجي أيضاً غامزا من القناة الوطنية أن حماس صارت تحت سقف اوسلو ولم تعد تريد فلسطين من النهر إلى البحر. تصوروا هذا الرجل الذي كان واحدا من الذين شطبوا الميثاق الوطني الفلسطيني وهو يتحدث بتلك اللامبالاة عن الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني. لكن تلك هي سياسة مدرسة الفساد والمهزومين من المُسَلِمين بما يقدمه لهم شارون على حساب الثوابت الوطنية الفلسطينية.

وعلينا الآن أن نُذَكِر الإفرنجي بأن التاريخ سجل لحركة حماس تحملها كل الاستفزازات التي قامت بها أجهزة السلطة المحسوبة على فتح من الوقائي الى المخابرات والاستخبارات وال17 وغيرهم، وذلك منذ عودة الرئيس عرفات ومن معه إلى غزة وحتى يومنا هذا. وليس المرء بحاجة لتكرار ما كان يحصل باسم المصلحة الفلسطينية العليا من تجاوزات وتعذيب واغتيالات واعتقالات وتنسيق مع الشاباك والاحتلال ضد حماس وغيرها. ولا هو بحاجة للتذكير بعشرات المعتقلين في سجون السلطة الفلسطينية. ولا بالذين قتلوا وماتوا تحت التعذيب في سجون الأمن الوقائي الفلسطيني… لذا فإن التُهم التي يطلقها الإفرنجي أو غيره ترتد عليه فوراً بحكم الواقع والتجربة. ثم على الإفرنجي ومن يفكرون مثله أن “يحلوا عن  سما” الشعب الفلسطيني كما قال عمنا أبو مرعي

 

25-05-2005