وقفة عز

أرينيوس الأول خادم للصهيونية بدلا من المسيحية

بقلم : نضال حمد

 لا يمكن للمرء إلا أن يستاء من التصريحات السيئة والخطيرة التي أدلى بها البطريرك اليوناني أرينيوس الأول، بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية في مدينة القدس المحتلة.

ففي تصريح نشرته صحيفة ” هآرتس” العبرية يوم الاثنين الماضي 15-07-2002، قال أنه لا علاقة له بالقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني وقيادته.

وقال أيضا أن هذا شأن سياسي لا يعنيه.

إذا كان لا علاقة له بفلسطين فليرحل عنا ويتركنا بحالنا نتدبر أحوالنا.

وإذا كان الشأن السياسي فعلا لا يعنيه فلماذا هذا التدخل الوقح والسافر في الشؤون الفلسطينية، ومحاولة إلغاء دور الفلسطينيين الأرثوذكس ومحاولة شطب قيادتهم الروحية والرمزية ممثلة بالأب الحكيم عطا الله حنا، صاحب الموقف الجريء والصوت العالي المدافع عن فلسطينية الأرض وعروبتها، وعن الوحدة الفلسطينية الأصيلة بين مسلمي ومسيحيي الأرض الفلسطينية المحتلة.

ولماذا يقامر البطريرك بالكنيسة الأرثوذكسية وممتلكاتها وأتباعها؟

أليست هذه اللعبة سياسية وأكثر من ذلك؟

إنها لعبة جاسوسية سمسرية تهدف إلى تهويد القدس والكنيسة الأرثوذكسية لألحاقها بالهيمنة الصهيونية وبالتبعية الغربية.

وما الاتهامات التي ساقها البطريرك ارينيوس الأول للأب عطا الله حنا إلا محاولة سخيفة وبائسة للعب على الأعصاب ومحاولة إثارة النعرات داخل التابعية الأرثوذكسية في فلسطين والمشرق العربي. فهو يتهم الأب حنا بالدفاع عن الانتفاضة والمقاومة وتأييدهما. إضافة إلى موقفه المساند والمؤيد للعمليات الاستشهادية التي تستهدف الاحتلال الصهيوني في فلسطين المستباحة والتي نعتها البطريرك ارينيوس الأول ” بالإرهاب الفلسطيني”.

 وذكر البطريرك في بيانه بان الأب الدكتور عطا الله حنا رفض التوقيع على وثيقة تدين العمليات الفلسطينية. وأضاف أن الكنيسة لا يمكنها تجاهل أي جهة تمارس العنف، مشيرا إلى أن الأب عطا الله يؤيد العنف الفلسطيني.

الأب عطا الله ببساطة يقف مع المظلوم ضد الظالم ومع الضحية ضد الجلاد ومع رعيته وضد الاحتلال الذي يسمم عيشته وعيشة كنيسته. هو يقف مع الحق وضد التضليل والخداع والدجل والقهر الذي تمارسه القوة التي تحتل الأرض المقدسة وتقوم بتهويدها بالتواطؤ مع أمثال ارينيوس الأول الذي قبل بأن يكون ألعوبة في أيدي شارون وكبار موظفي حكومته وبلدية القدس.

 أما لماذا الأب عطا لله يتمسك بموقفه المبدئي والأمين؟

ببساطة لأنه يتمسك بموقف السيد المسيح عليه السلام الذي يعتبر أول مجاهد فلسطيني قاوم ظلم اليهودية الصهيونية وتعسفها وبطشها. ومعروف للجميع أن العداء للفلسطيني الأول الذي وقف في مواجهة طغيانهم وقمعهم وتسلطهم وجابههم بكلمة الحق وبراية العدل والتسامح. فكان نصيبه منهم التآمر والضغينة والدسائس ومن ثم محاربته ومحاولة قتله. لكن السيد المسيح كان يحمل رسالة إلهية لذا رفض الرضوخ لهم وتابع رسالته النبيلة حتى النهاية.

والأب عطا الله حنا الذي أخذ العبرة من المجاهد الفلسطيني الأول سوف لن يرضخ لابتزازات البطريرك ومن يقف وراءه في تلك الحملة السوداء المشبوهة والمرفوضة. وسوف يتابع دوره الحيوي والهام في التحدث باسم الكنيسة الأرثوذكسية في فلسطين وباسم ضميرها الحي، الذي يرفض قرارات البطريرك اليوناني. هذا الذي يقوم بدور صليبي يذكرنا بالحملات التحريضية التي تنشرها الصليبية السياسية المتصهينة في أوروبا وأمريكا، بحيث أنها معادية للوجود العربي والإسلامي والشرقي المسيحي في الأرض المقدسة.

 أنني بكل صراحة من المعجبين جدا والمبهورين بشخصية الأب الدكتور عطا الله حنا، هذا الوجه الوطني المعروف والمؤمن بعدالة قضية شعبه وبحتمية زوال الاحتلال ونهاية عهد الظلم والهوان، الذي تعيش بفضله دولة الاحتلال، وتغيب بفعله دولة فلسطين، دولة الشعب الفلسطيني الذي يتعرض لمؤامرة عالمية تستهدفه بكل فئاته ودياناته وطبقاته.

الأب عطا الله وجه وطني فلسطيني بارز ومحترم وسيبقى كذلك شاء أعداؤه أم أبوا، لأنه سيبقى الناطق الحقيقي والشرعي والوفي للكنيسة الأرثوذكسية في فلسطين. كما انه سيبقى مثالا للتعايش الأخوي والسلمي بين كافة الفلسطينيين بمختلف انتماءاتهم ومذاهبهم وديانتهم. أما الذين يغتاظون منه ومن الاحترام والمحبة والموقع المميز الذي بناه لنفسه في فلسطين والمشرق العربي  فهم أسرى حقدهم وقلة وعيهم وخبرتهم بأمور الدنيا والسياسة والعباد. وهم بهذه الطريقة العوجاء والكسيحة وبالأسلوب التخريفي الذي اتبعوه في قرارهم بإقالة الأب عطا لله من منصبه كناطق باسم الكنيسة الأرثوذكسية إنما يضحكون على أنفسهم ويخدعونها.

الأب عطا الله هو أب فلسطيني وجليلي أصيل يعيش في فلسطين ويدافع ككل فلسطيني عن فلسطين وعن الفقراء والمظلومين والمضطهدين بفعل إجرام الاحتلال الصهيوني. هذا الاحتلال الذي لم يتحفنا ارينيوس الأول في يوم من الأيام بإدانة أو استنكار أعماله الإرهابية الشنيعة، التي لم توفر لا البشر ولا الشجر ولا حتى الحجر.

ولو كان البطريرك أرينيوس الأول من حجر وليس بشر لكان رق قلبه لما يراه من فظائع وكبائر ارتكبها ولازال يرتكبها الاحتلال الصهيوني السادي. ولكان ارتقى إلى مقام الأب عطا الله حنا وأدان فعلا تلك الجرائم والأعمال الوحشية المخالفة لكل القوانين الدولية المتعارف عليها، هذا إضافة لمخالفتها لكل الشرائع الإلهية ولرسالة السيد المسيح عليه السلام.

على الطائفة الأرثوذكسية في فلسطين أن تعزز من وقفتها وتضامنها مع الأب عطا الله حنا وان ترفض بقاء البطريرك ارينيوس الأول في القدس لأنه سيبقى وصمة عار تلطخ وجه الكنيسة الأرثوذكسية وتسيء للمسيحيين الفلسطينيين ولرسالة السلام والمحبة التي نحتاجها ويحتاجها شعبنا في حربه مع الإرهاب الصهيوني، الذي يعيث فسادا في فلسطين والشرق العربي بشكل عام. وإذا كان البطريرك ارينيوس الأول يدعي أنه لا علاقة له بفلسطين إذا فليرحل عنا ويتركنا بحالنا نتدبر أحوالنا ويريحنا من تجاوزاته المزعجة وتصريحاته السيئة.

 التاريخ: 10/08/2002