الأرشيفوقفة عز

الحاج المرحوم شحاده يوسف محمد عبدالله دعيبس – تقرير موقع الصفصاف

الحاج المرحوم شحاده يوسف محمد عبدالله دعيبس – تقرير موقع الصفصاف

سيرة الصفصافي الجليل الأستاذ – الحاج شحاده يوسف محمد عبدالله دعيبس – أبو محمد يرحمه الله

 

عندما نويت الكتابة واعداد هذا التقرير بمساعدة عائلة الفقيد والحديث عن الأستاذ شحادة دعيبس رحمه الله حضرتني فوراً أربع شخصيات لها علاقة مباشرة به.

 فالشخصية الأولى هي ابنته ناديا، الطالبة الجامعية والمثقفة، المناضلة الثورية المبدئية، الفدائية البطلة، التي استشهدت سنة 1977 في مثل هذه الأيام. استشهدت وهي تحمل رسالة اللاجئين والمشردين الفلسطينيين الى الرأي العام العالمي، مذكرة إياه ومعه كل الدنيا بأن ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة كما قال الزعيم الخالد جمال عبد الناصر. وبأن جموع اللاجئين الفلسطينيين في المنافي العربية والعالمية لازالت تنتظر العودة الى فلسطين المحتلة وتحريرها من رجس الاحتلال الصهيوني.

الشخصية الثانية هي ابنته الثانية شادية التي منذ سنوات تعرفت عليها بالصدفة وأصبحنا صديقين صفصافيين. كما كنت قد إلتقيتها في باريس لم أعد أذكر في أي سنة. ثم عدت والتقيت بها في عمان سنة 2015 حين زرت الأردن مع ابنتي سيليستينا، التي درست اللغة العربية في معهد خاص هناك.

الشخصية الثالثة شقيقه الأصغر الأستاذ والمدير المرحوم عطا دعيبس -أبو بسام- الذي كان مديراً لمدرسة حطين في المخيم. فقد كان مثل شقيقه شخصاً محبوباً ومزيحاً ومحترماً وطيباً ومسالماً. كما كان نشيطاً وكادراً في حركة فتح في منطقة صيدا ومخيم عين الحلوة، هذا أيام كانت فتح فتحاً مبيناً وقبل أن تموت بوباء الأوسلة هي وبعض شقيقاتها من الجبهات الفلسطينية.

أما الشخصية الرابعة فهي العم الشاعر والأستاذ والمربي والمثقف الراحل أبو حسام دغيم. الصديق الأقرب والأصدق للراحل الأستاذ شحادة دعيبس، حيث كانا يكملان بعضهما منذ سنوات الخمسينيات أو حتى قبل ذلك وحتى مماتهما. رحمهما الله وغفر لهما. فقد تركا سيرتين معطرتين لشخصين صفصافيين نجحا في حياتهما.

 

من هو الأستاذ شحادة  يوسف محمد دعيبس – أبو  محمد؟

مولده ونشأته:

مولده: ولد الحاج شحاده يوسف محمد عبدالله دعيبس سنة 1933 م، في قرية الصفصاف قضاء صفد شمال فلسطين. حيث نشأ في أسرة متواضعة في قرية الصفصاف الجبلية الجليلية الفلسطينية. كانت عائلته ما غالبية أو كل عوائل قرية الصفصاف تعمل في الفلاحة والزراعة، في الأراضي التي تملكها العائلة.

تكونت أسرته من والده الحاج أبو شحاده يوسف دعيبس ووالدته الحجة زهرة محمود حسن شريدة واخواته لطيفة (أم غالب محمد خالد الصالح)، وعائشة/عيشة (أم شكيب إبراهيم شريدة)، ونزهة (أم علي سعيد شريدة)، وتمام (أم محاسن حسن حليحل)، وأخوه الأصغر عطا دعيبس (أبو البسام). وممن تأثر بهم الحاج أبو محمد في نشأته خاله عبد احمد شريدة الذي استشهد عام 1948 م. هذا بحسب ما وصلني من أبناء الراحل الحاج أبو محمد شحادة.

رحلة الشتات واللجوء:

خرج من قرية الصفصاف مع باقي أفراد أسرته ومع من تبقى من أهالي القرية بتاريخ 29/10/ 1948 حيث توجهوا حدود فلسطين مع لبنان ومكثوا قليلاً هناك ثم تابعوا رحلة الشتات والعذاب وصولاً الى مخيم برج الشمالي ق رب مدينة صور اللبنانية العريقة.

على إثر نكبة العام 1948، وبعد أن شهد الشاب شحادة مجزرة الصفصاف الشهيرة والمؤلمة والتي قامت بها عصابات الصهاينة و التي راح ضحيتها العشرات من أهالي القرية يرحمهم اللـــــه، ترك البلدة وغادرها الى لبنان.

في سنة 1949 انتقل هو وعائلته الى مخيم عين الحلوة والمسمى بـ “عاصمة الشتات الفلسطيني” ويقع على بعد 3 كم الى الجنوب الشرقي من مدينة صيدا (جنوب لبنان). هناك مكث في مخيم عين الحلوة لمدة تزيد على الثلاثة سنوات عمل خلالها مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الانروا) في مجال التدريس. ثم في عام 1952 سافر الى البحرين وعمل في مجال التدريس الحكومي أيضا حتى عام 1972، حيث حصل على الجنسية البحرينية، وقرر الانخراط بعدها في القطاع الخاص حيث عمل مع العديد من الشركات الخاصة، كما عمل في التجارة والمقاولات لعدة سنوات، ثم عاد مرة أخرى للقطاع الخاص في مجال التأمين الى حين أحيل إلى التقاعد في عام 1995.

الدراسة والتحصيل العلمي:

تلقى الأستاذ شحاده دعيبس تعليمه الابتدائي في مدرسة الصفصاف الابتدائية في مدرسة بلدة الصفصاف التي لاتزال قائمة لكن المستعمرون الصهاينة حولوها الى سوبرماركت. هناك تعلم، ثم واصل المرحلة الدراسية المتوسطة بين مدينة صفد وقرية الجش  جارة الصفصاف عند سفح جبل الجرمق وعلى الطريق الى صفد وعكا وحدود فلسطين مع لبنان. كل ذلك قبل نكبة 1948 والنزوح الى لبنان.

في العام 1968 حصل على الثانوية العامة (التوجيهي) من البحرين من خلال الدراسة المنزلية وكان خلالها يزاول مهنة التدريس لدى إدارة التربية والتعليم والعمل الإضافي لدى إحدى شركات التأمين بعد الظهر، لكي يتمكن من مواصلة الدراسة الجامعية من بعد طول انقطاع عن الدراسة.

في العام 1969 انتسب الى جامعة بيروت العربية (لبنان)، وتخرج منها سنة 1985 – درجة بكالوريوس في التجارة – قسم/ شعبة المحاسبة. وقد تأثرت مواصلته للدراسة ما بين عامي 1975 و1985 بسبب الحرب الاهلية اللبنانية.

حياته العملية:

منذ مغادرة أرض الوطن (فلسطين)لاجئاً ومشرداً، بدأت حياة الأستاذ شحاده دعيبس تأخذ مجراها في خدمة أسرته وشعبه. التي انعكست ايجابيا على خدمة قضيته، فكان من ضمن أقلية ممن تعرف القراءة والكتابة، فسخر عمله وعلمه وخبرته لخدمة القضية. فحياته مملوءة بالتحدي والمقاومة بالعلم والقلم والعقل والحلم والفعل في خدمة أبناء شعبه. كما روى لنا أحد أفراد عائلته الذي أضاف أيضاً بأن الأستاذ شحادة عمل من 1949 الى 1952 بشكل رئيسي مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الانروا) في مجال التدريس في مخيم عين الحلوة – لبنان. كما أنه عمل من 1952 الى 1972 في مجال التدريس – إدارة التربية والتعليم – البحرين. حيث كان يدرس مادتي العلوم والرياضيات. كما عمل في نفس الفترة لدى إحدى شركات التأمين بعد الظهر وبعد الانتهاء من الدوام المدرسي.

كما وأسهب محدثتنا قائلاً: بعد حصوله على الجنسية البحرينية في 1972 عمل لدى القطاع الخاص لعدة سنوات في عدة شركات تجارية، ثم تفرغ لعمله الخاص في مجال التجارة والمقاولات، ثم عاد الى القطاع الخاص مرة أخرى حيث عمل في مجال التأمين لدى الشركة التي تعمل للتأمين على جسر الملك فهد بين البحرين والمملكة العربية السعودية إلى أن أحيل على التقاعد 1995 منهياً حياته العملية والتي استمرت عملياً من العام 1949 حتى 1995.

 

حياته الاجتماعية:

عند سؤالنا عن حياته الاجتماعية كان الجواب كالتالي:

تحمل أبو محمد شحاده دعيبس ثقل وصعوبة الحياة منذ نزوحه وعائلته الى لبنان في 1948 وذلك بتحمل مسؤوليات أكبر من عمره. حيث تزوج صغيرا وهو في سن 18 عاما من إبنة المرحوم علي طه شريدة – مهدية أم محمد – ليتحمل مسؤوليات أكثر اتجاه بيته وأهله وأبناء بلده. ممن تهجروا معه من فلسطين بالإضافة الى صعوبة الحياة العملية كمثله من أبناء شعبه والذين ذاقوا المرارة بمخيمات اللجوء والتي كانت آنذاك ولازالت لغاية اليوم تفتقر الى أدنى متطلبات العيش الآدمي.

 

أما الفترة التي قضاها الاستاذ شحادة في البحرين من 1952 إلى 2011 حيث قضى جل عمره فكانت تتسم بالعمل الجاد المتواصل والعصامية، كما أنه كان يتحلى بالشهامة والتسامح وطيبة القلب ويتسم بالبساطة. كما عرف عنه أنه كان يحرص باستمرار على صلة القربى والرحم وعلى العلاقات الاجتماعية والعائلية والاهتمام بشؤون الصفصاف، خاصة حين يلتقي بأجياله من أبناء الصفصاف المتواجدين في البحرين أو في البلاد الأخرى مثل لبنان والأردن والامارات العربية المتحدة، فيستذكرون الأيام التي قضوها في بلدة الصفصاف مسقط رؤوسهم قبل النكبة والنزوح سنة 1948، كذلك تاريخ رجالات الصفصاف والعوائل الصفصافية وما اثر عنهم من أقوال وأفعال لا تخلوا من النوادر والفكاهة والعبر، تذكي الحنين الى الصفصاف والى جميع تراب فلسطين. ويضيف محدثنا بأنه كان رحمه الله يستضيف أبناء الصفصاف والقرى الأخرى المجاورة لها، الذين يزورون البحرين سواءا للعمل أو الزيارة العابرة في بيته وقضاء حوائجهم ومساعدتهم حتى لقب وعرف بالمختار.

 

أبنائه واحفاده:

 

للحاج المرحوم أبو محمد سبعة أبناء خمسة من الذكور (محمد، أحمد، محمود، أمين وخالد) وابنتين (شادية والمرحومة بإذن الله تعالى الشهيدة نادية التي استشهدت عام 1977) وجميع الذكور متقاعدين ومتواجدين في مملكة البحرين.

كما له من الأحفاد وأبناء الأحفاد 18 حفيداً، متواجدين في البحرين ودولة الإمارات العربية المتحدة والأردن وبريطانيا.

يعتبر الحاج أبو محمد شحاده دعيبس آخر كبار عائلة دعيبس، الذين عاصروا وعايشوا النكبة والمجزرة في البلدة سنة 1948. وافته المنية صباح يوم السبت الموافق 07/05/2011 في البحرين، وتم دفنه في مقبرة المنامة عاصمة البحرين.

 

في هذا المقام لا يسعنا الا ان نبتهل الى الله تعالى ان يرحمه رحمة واسعة، ويغفر له ويسكنه فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. وأن يجازيه خير الجزاء عما قدم لعائلته وأرحامه وشعبه والصفصاف وفلسطين.

 

  • تقرير من إعداد موقع الصفصاف الالكتروني – وقفة عز ومجموعة ذاكرة أهل الصفصاف.