الأرشيفالجاليات والشتات

41 سنة على استشهاد الشاعر علي فودة – نضال حمد

الشاعر الشهيد علي فودة كتب قصائد وطنية وثورية وانسانية كثيرة ثم استشهد على جبهة القتال والمواجهة في بيروت المحاصرة سنة 1982، استشهد عن 36 عاماً أي في أوج شبابه وعطاءه. لتبقى قصيدته الشهيرة جداً التي أنشدها الفنان مارسيل خليفة حية مثلما هو حي مع شعبه وأمته وكل من عرفه.
لازلنا يا علي نحن أهل الجنوب والشمال والشرق والغرب والثورة والكفاح والنضال والكلمة المقاتلة… أهل كل الوطن العربي الكبير نردد معك:
إني اخترتك يا وطني حباً وطواعية”
إني اخترتك يا وطني سراً وعلانية”
في الأسبوع الفائت مرت الذكرى ال 41 لإصابة الشاعر الفدائي والثائر الفلسطيني الأممي علي فودة بجراح بليغة في بيروت المحاصرة صيف سنة 1982. اعتدت في كل عام أن أكتب شيئاً عن علي فودة وعن استشهاده المشرف في أوج معركة الدفاع عن ثاني عاصمة عربية يحتل الsahاينة أجزاء منها ويحاصرون ما تبقى منها بأيدي الفدائيين الصامدين في غرب بيروت. لكن هذا العام سافرت إلى لندن وحصلت معي مشكلة عند وصولي مطارها عكرت جو زيارتي في أيامها الأولى… وخلال انشغالي هناك نسيت للاسف ذكرى اصابة واستشهاد البطل علي فودة. أكتب للأجيال الجديدة كي تحفظ وتعرف تاريخ شعراء وأدباء وأعلاميي وكُتاب فلسطين الذين كتبوا بالدم لفلسطين وللوطن العربي.
في حال أن ذاكرتي لازالت سليمة فقد أصيب شاعرنا الغجريّ الطيّب، الفلسطيني كحد السيّف علي فودة يوم الأربعاء الموافق الرابع من آب – أغسطس 1982، في منطقة عين المريسة بقذيفة أطلقتها عليه بارجة صahيونية فأصابته شظاياها، اثناء توجهه ورشاشه على كتفه على متن دراجة نارية لتوزيع جريدة الرصيف التي كان يرأس تحريرها، على المقاتلين الفلسطينيين والوطنيين اللبنانيين في محاور القتال. المحاور والمواقع المتقدمة على خطوط التماس بين حدود بيروت الغربية والشرقية قرب منطقة الأسواق التجارية والفنادق. لذا فإنني اعتقد بأن شهيدنا وشاعرنا الراحل علي فودة استشهد في الأسبوع الثاني من شهر آب – أغسطس 1982. وربما ليس في ال 19 أو ال 20 منه كما يروج في مواقع التواصل الاجتماعي ..أقول وأكتب للتاريخ أنني كنت موجوداً في مستشفى الجامعة الأمريكية في بيروت بالصدفة حين أحضروه جريحاً وشاهدته شبه ميت تقريباً وكان مغبراً بلباسه الكحلي المعتاد وبشعره الشائب مثل شعر الفنان الشهيد ناجي العلي.
لدي اعتقاد كبير بأنهم أحضروه الى الجامعة الأمريكية في بداية آب – أغسطس 1982 وتم نعيه في بيان رسمي من اتحاد كتاب وصحفيي فلسطين بنفس اليوم، نشر النعي في عدد جريدة المعركة بداية شهر آب اللهاب. لازلت احتفظ بالعدد والصورة والنعي. على كل حال عاد اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينين لينشر خبراً ينفي فيه استشهاد شاعر المعركة ويؤكد أنه حي ومصاب بجروح خطيرة ويرقد في المستشفى. لذا ربما أن علي فودة استشهد في نهاية الأسبوع الأول من آب أو بداية الأسبوع الثاني منه والله أعلم لأنني الآن موجود في مكان بعيد عن مكان وجود ملف المعركة خاصتي حيث كان نشر الخبر في آب سنة 1982.
أذكر بأن صديقنا المشترك الفنان والكاتب والأديب والمناضل العراقي بقلب فلسطيني الراحل أمير الدراجي كان حدثني عن آخر أيام الشاعر علي فودة في المستشفى حيث لم يكن يستطيع الحديث بسبب اصابته لكن يسمع ويفهم ما يقولونه له. قال أمير أن علياً كان يرفع يده ويومأ بأصبعه نحو الأعلى كأنه كان يريد أن يقول شيئاً ولم يستطع قوله. مات علي في بيروت ومات سره معه… ومات أمير في منفاه بأوسلو ومات سره معه.
في الختام أعيد نشر قصيدة المنبوذ للشاعر الشهيد وهي قصيدة غير معروفة ونشرت في وسائل الاعلام بعد استشهاده ونشرها في بروفيله بفيسبوك قبل أعوام السيد يوسف عبد العزيز :
أريحا بقلبي ويافا
وكنّا نحنّ ولو مرّةً لانتصار
ولكنني…
ترمّلتُ هذا النهار
فهذا الذي أشعل النارَ
ها هو أطفأها
ومضى في الغبار
وهذا الرّصاصُ الذي قد هدأ
سيلقي على البندقيِّة بعضّ الصّدأ
فأينَ العزاءُ العزاء؟؟
أريحا بقلبي ويافا
وكنّا نحنّ ولو مرّةً لانتصار
وكنّا على موعدٍ وانتظار
فجاء الذي جاءَ
أهلاً بعارٍ قديمٍ وعارٍ جديدٍ وعار
تبوحُ الغريبةُ لي سرّها ثمّ تبكي
تقول: دمي يستباح
وكلّ الأغاني تبدّلت الآنَ صارت نواح
ووحدي أنا الآنَ مثخنةٌ بالجراح
فأيُّ المحبّينَ أنتم؟
دفنتم فلسطين ثمّ استرحتم
أثورُ عليكم جميعاً أثورُ عليكم.
نضال حمد
14-8-2023
موقع الصفصاف – وقفة عز