الأرشيفوقفة عز

من الرأس الأحمر في فلسطين إلى مخيم عين الحلوة فبرلين.

الشاعر الراحل غسان ابراهيم – نضال حمد

من الرأس الأحمر في فلسطين إلى مخيم عين الحلوة فبرلين …

في عاصمة الرايخ الألماني عاش شاعرنا القومي السوري الاجتماعي، الفلسطيني إبن القرية والمخيم وجنوب سوريا الكبرى وهلالها الخصيب، عاش معظم سنوات عمره على أمل العودة والتحرير ووحدة بلاد الشام… وبقي مؤمناً بالفكرة إلى أن توفي يوم ٥-٥-٢٠٢٣ في برلين.

هناك بعيداً بعيداً بعيداً عن عاصمة اللجوء والشتات مخيم عين الحلوة وبعيداً جداًعن وطنه المحتل فلسطين وعن مسقط رأسه بلدة الراس الأحمر جارة بلدتي الصفصاف في الجليل وجارة حارتنا الصفصافية في مخيم عين الحلوة. هناك في عاصمة المؤسس الفعلي للكيان الصهيوني الزعيم النازي الألماني أدولف هتلر. هذا الشخص الذي قدم خدمة جليلة لعدونا حين قام بقتل وتهجير يهود اوروبا الى فلسطين الانتدابية، التي كانت تخضع للاحتلال الاستعماري البريطاني. هناك من يقول أن تهجير وقتل اليهود في أوروبا كان يستخدم وسيلة للضغط عليهم كي يهاجروا للاستيطان في فلسطين العربية. مع العلم أن كثيرين منهم كانوا يرفضون الفكرة والمشروع الصهيونيين.

يوم حلت الكارثة والنكبة على شعبنا الفلسطيني في مثل هذه الأيام من سنة ١٩٤٨وعندما استطاعت عصابات اليهود الصهاينة الغازية، المدعومة بريطانيا والمُسلحة والمُدربة غربياً وأوروبياً، احتلال أرض فلسطين وطرد وتشريد الشعب العربي الفلسطيني، كان غسان المولود في الرأس الأحمر قبل النكبة بسنة، قد وصل مع عائلته وأهل بلدته وسكان الجليل والساحل الى ضواحي مدينة صيدا اللبنانية، ليصبح لاجئاً فلسطينياً منذ سنة حياته الأولى وبقي كذلك حتى في برلين الى أن فارق الحياة هناك أول أمس الجمعة 5-5-2023. بالتأكيد فإن شاعرنا غسان ابراهيم كان يعرف ويتذكر دائماً الجملة المفجعة والمؤلمة والشهيرة للشهيد الأديب الكبير والمبدع غسان بعد نزوحه عن عكا: “عندما وصلنا صيدا، في العصر، صرنا لاجئين”.

لم أكن شخصياً أعرف غسان ابراهيم من مخيم عين الحلوة لا أعرف ما هو السبب في ذلك لكنني تعرفت عليه بالصدفة في برلين، حيث التقيت به مرة واحدة فقط في تلك العاصمة. كنت أسمع عنه وعن نشاطه الثقافي والسياسي. فيما هو كان  يعرف والدي المرحوم ابو جمال حمد ومحله (النادي الصغير) الذي كان يجمع شباب المخيم ونواة الفصائل الوطنية والثورية في مخيم عين الحلوة، في تلك الحقبة من الزمن، يومها كنت أنا لازلت طفلاً بعمر غسان حين غادر الرأس الأحمر الى الشتات ولم يعد اليها. ليحتل بلدته وبيته وفراشه وفراش أهله يهود صهاينة قدموا من ألمانيا وبولندا وأوكرانيا وروسيا وفرنسا ودول أخرى عديدة…

يموت الفلسطيني وفي قلبه حسرة اللاعودة واللاتحرير وحسرة إضافية تتمثل في وجود فلسطينيين ماعادوا فلسطينيين… هي حسرة رؤية حراس المستوطنات والمنسقون الأمنيون (يعني العملاء) مع الاحتلال وهم من بني جلدتنا، هؤلاء الذين دمرتهم سياسة جماعة سلام الشجعان والكفاح بأموال الدول المانحة والعمل على استعادة الحق المسلوب بالأساليب الدبلوماسية، وباللجوء الى الاتحاد الأوروبي والادارة الأمريكية وكلاهما صديق وفي للاحتلال الصهيوني. هذا ما أكدته مؤخراً رئيسة المفوضية الأوروبية، الألمانية أورسولا فان دير لين من خلال اطلاقها تصريحات صهيونية معادية للشعب الفلسطيني وعبر تبنيها للرواية الصهيونية التي تقول أن اليهود الصهاينة حولوا الصحراء الى جنة..

نم هانئاً يا غسان ابراهيم فشعبك الذي وقف وقفات عز، مشرفة وعزيزة، وقفات لا تعد ولا تحصى في زمن الخصيّ الرسمي العربي، الذي توج بالتطبيع وبالتحالف مع العدو، شعبك العزيز وقف عزيزاً مناضلاً صابراً صامداً على مر ٧٥ سنة من النكبة والتشرد واللجوء والمعارك والحروب والمواجهات وكل محاولات شطبه وإبادته.. هذا الشعب وبالرغم من القيادة المستسلمة التي تسلبه منظمته وقراره وتدعي تمثيله وهو براء منها براءة الذئب من دم يوسف… هذا الشعب سوف يواصل مسيرة النضال حتى انهاء حالة العمالة الموجودة وحتى العودة والتحرير الكامل… وعودة سوريا عزيزة موحدة وحرة وقوية وسيدة جامعة.
تحيا سوريا .. فلسطين حرة والعودة أكيدة … الاحتلال حتماً الى زوال

تحيا سوريا ..

نضال حمد

٧-٦-٢٠٢٣

موقع الصفصاف – وقفة عز