الأرشيفوقفة عز

الشال الفلسطيني والطفل الأوكراني

(Żurawina wielkoowocowa)

بينما كنت أتجول ظهر يوم الأحد الموافق الرابع من حزيران – يونيو 2023 في مهرجان تقيمه بلدية مدينة كراكوف بشكل دوري كل عام. تقدم فيه فترات ترفيهية للأطفال وللصغار وللكبار، حيث تكون المنطقة القريبة من مبنى مجلس البلدية والكاتدرائية هناك ومن ميدان كل القديسين، المجاور لميدان دومينيكانسكي، حيث توجد أيضا كاتدرائية تحمل نفس الاسم وتطل على القنصليات الأمريكية والفرنسية والألمانية.

إنتشرت في المكان أكشاك تقدم منتجات بولندية عديدة فتوقفت عند أحدها وكان يقدم عصير فاكهة مجاني ويبيع منتجات مثل العصائر والمربى والفاكهة المجففة ونوع من الفاكهة هو “عنبية كبيرة الثمار” بالعربية وباللغة البولندية

(Żurawina wielkoowocowa)

تلك العنبية الكبيرة الثمار تشبه العنب والعناب والزعرور. بحثت عنها في الويكيبيديا فجاء أنها: ” قِمَام كبير الثمر نوع من التوت البري في أمريكة الشمالية من جنس قِمام. يأتي الاسم ‏ من شكل سداة الزهرة التي تشبه منقار الكركية”.

المهم أنها لذيذة وفيها بعض الحموضة فقد اشتريت بعضها واشتريت مرتبان (قطرميز) منها فيه نفس الفاكهة مع عصير خاص .. كما اشتريت عصير آخر من نفس الفاكهة وقارورة عصير التفاح مع السبانخ.

بعد ذلك تابعت مسيري من أمام كنيسة فرانشيسكيان باتجاه مبنى البلدية حيث المسرح والموسيقى وتجمع الجمهور الموزعين بين جالسين على الكراسي والمقاعد وبين واقفين في المكان. تبادلت أطراف الحديث مع بعض كبار السن وسألوني عن العلم الذي كنت أحمله وأقوم بتصويره… وهو علم فلسطين. بعضهم عرف الشال الفلسطيني لأنه بألوان الكوفية الفلسطينية التي يعرفها البولنديون وخاصة كبار السن” بأرفاتكا” من عرفات.

اثناء تجولي في المكان لاحظت أن أحد الأطفال يحوم حولي وينظر للشال الذي كان مربوطاً بشنطة ظهر صغيرة جرت العادة أن أحملها على ظهري خلال تنقلاتي. جلست على مقعد فحضر وجلس بجانبي وبدأ الحديث معي، ربما له من العمر ١٢ أو ١٣ سنة، جلس بقربي وأخذ يسألني من أين أنا، من أي بلد، فقلت له من فلسطين… لم يعرفها .. ثم شرحت له عن فلسطين وأنها البلد الذي ولد وعاش فيه السيد المسيح وذكرت له عاصمتها القدس والناصرة وبيت لحم، فقال لي ألم يولد السيد المسيح في “اسرائيل”؟. أجبته لا لأنه حين ولد لم يكن هناك وجود لشيء اسمه “اسرائيل” وتلك كانت فلسطين وهو ولد فلسطينياً. أما فلسطين فقد احتلها اليهود الصهاينة الذين جاءوا من أوروبا ومن بلده اوكرانيا ومن روسيا وبولندا والخ سنة 1948. قلت له أن نصف الفلسطينيين لاجئين ومشردين خارج وطنهم منذ ذلك الوقت كما هو وعائلته الآن لاجئون هنا وخارج بلدهم بسبب الحرب.

تعجب من كلامي ولكنه لم يعلق على ذلك.. فقط طلب مني أن أعيره الشال فناولته إياه فحاول أن يربطه على صباحه كما يفعل بعض شباب وفتية فلسطين والدول العربية. لم يعرف كيف يفعل ذلك فقلت له أفضل ضعه حول رقبتك مثل ربطة العنق. لفه حول عنقه وقال لي: هذا يرتديه المسلمون أليس كذلك؟. قلت له لا، ليس المسلمون فقط، ففي بلدي فلسطين وفي بعض الدول العربية يرتديه المسلمون والمسيحيون لأنه رمز وطني ومن تراث وعادات وتقاليد شعب فلسطين.

سألته من أين تعرف ذلك فأجابني بأن شقيقته مسلمة ومتزوجة من شخص تركي ويعيشان هنا في كراكوف البولندية. قبل أن أتركه وأمضي في طريقي كتبت له اسم فلسطين بالعربية والانجليزية والبولندية وطلبت منه أن يبحث عنها في باحث غوغل ويقرأ هناك. ثم ودعته متمنياً له عطلة سعيدة وحياة هانئة وعودة إلى الديار في أوكرانيا.

نضال حمد

٥-٦-٢٠٢٣

موقع الصفصاف – وقفة عز