وقفة عز

أبو عمار يحاصرهم من حصاره

نضال حمد

في مكتب صغير بغرف صغيرة وضيقة يحاصرون ياسر عرفات، بين جدران أربع فتح الرصاص فيها ثغرات وفجوات، وجعلت القنابل فيها مغاور وممرات. هناك في قلب رام الله المتسلحة بالحق الفلسطيني وببنادق المجاهدين وحجارة المنتفضين والأحزمة الناسفة للأستشهاديات والإستشهاديين، يتربع أبو عمار على كرسي العرش في قلعة العرب المحاصرة… عرش الجهاد والإستشهاد… لقد اختار أبو عمار الشهادة على الاستسلام وهذا ما كنا نتمناه… نتمنى له طول العمر كذلك لكن إن كان لابد من الخيار فخيار الختيار كان أفضل الخيارات المتاحة، لأن الشهادة في زمن الحصار والقتل والإبادة هي خير من التبعية والمذلة والعمالة ورضا أمريكا المنحازة لأعداء شعبنا ومغتصبي وطننا وبلدنا.

من هناك وهو محاصر وممنوع عنه الماء والدواء والهواء والغذاء يقود الختيار ما تبقى من رحلة العمر والكفاح الطويل. يمارس عمله بالوسائل المتاحة وبلا توقف وراحة، برباطة جأش وحنكة عرفناها عنه وأظهرها في أوقات الشدة والأزمنة الصعبة.

هو القائد الذي جعل الرؤساء العرب في حيرة من عجزهم وقلة حيلتهم… وهو الزعيم الذي تحول من زعامة شعب فلسطين الى زعامة أمة العرب كاملة.

لأنه من تلك الغرفة المطوقة والمحاصرة بالدبابات والمشاة يقول ما يعجزون هم عن قوله وهم في قصورهم وقلاعهم طلقاء وأحرار، لا تحاصرهم دبابات ولا طائرات ولا مشاة، إنما تحاصرهم الضمائر الحيّة والقلوب النابضة والجموع الغاضبة.

ابو عمار في الحصار وهم في الصمت كأنهم في فرار… كأنهم أموات أحياء في مرحلة اللا عودة عن هدف الانتفاضة الأساسي وهو تحرير الأرض وطرد الاحتلال وترحيل المستوطنين واجتثاث الاستيطان.

نقول لأبي عمار ثبت الله خطاك وعزز موقفك وصحوتك فلا تتنازل ولا تبدل موقفك لأنه موقف شعبك أيضا… لأنه موقف الملايين الهادرة والملتهبة من الرباط الى المئات من أبناء فلسطين في أوسلو والنرويج.

كلنا معك في معركتنا الواحدة، معركة التحرير والانتصار وحق العودة الذي لا تنازل عنه شاء من شاء وأبى من أبى من الزعماء والرؤساء.

لأنه حقنا المشروع والذي لا يحق لأي كان أن يتخلى عنه أو يفاوض عليه من أجل تغييبه وتغييره أو تمييعه.

أيها الفارس أبو عمار !

إثبث وأصبر فإن الله مع الصابرين ومع المجاهدين في الحرب المقدسة من أجل فلسطين المستباحة.

أبقَ على ثباتك وصمودك فالنصر آت من صمود مخيمات بلاطة وجنين وعسكر، ومن صرخات الجهاد المدوية في سماء العروبة التي أخذت تنبعث من جديد على شوارع العواصم والمدن العربية… ومن القنابل البشرية التي تزرع الرعب في قلوب جنود دولة الارهاب اليهودي الأصولي. وتجعل ليلهم أكثر سوادا وظلاما ونهارهم رعبا وهلعا وفزعا وموتا.

صحيح أن الخسائر في صفوفنا كبيرة لكنها تصبح صغيرة أمام المهمة الأساسية وهي تحرير فلسطين من رجس الارهاب الصهيوني العنصري.

نقول للختيار نحن معك وخلف الراية الجهادية نصد العدوان عن شعبنا وأرضنا وعنك، نتحدى بوش وشارون وباول وزيني وكل من يرفض لقاؤك. لأنك أنت الممثل الشرعي في هذه المعركة المصيرية والتعامل مع شخصك هو كالتعامل مع كل شعبنا. فإذا أراد باول أن يتحدث للفلسطينيين عليه التوجه الى مكتبك شبه الباقي في رام الله، لكي يتمكن من سماع الموقف الفلسطيني ومن التعرف على مدى قوة وصلابة هذا الشعب الذي أنجب أبطالا صناديد بدمائهم يسجلون أروع وأسمى صور المعركة المصيرية… فهذا شعب ناصر عويص وقيس عدوان وغيرهم من أبطال الانتفاضة المجيدة.

إثبث ايها القائد الصامد فالنصر ليس ببعيد ومن جنين ينبعث الفجر الفلسطيني من جديد، ومن بلاطة وعسكر تبزغ شمس فلسطين المحررة من جديد… ومن كل فلسطين وفي كل فلسطين شعبك صامد ومصمم على النصر والجهاد أو الإستشهاد.

 

08-04-2002