الأرشيفوقفة عز

أي حال بدك يمشي والفصائل كسيحة ومقعدة؟ – نضال حمد

إذا أراد الانسان أن يعرف مدى اهتمام الناس بما تقوم به الفصائل الفلسطينية واللجان الشعبية والسياسية والخ التي تتحدث باسم المخيمات الفلسطينية في لبنان. كذلك مدى تأثيرها على سير الحياة اليومية، وعجزها عن معالجة الوضع الفلسطيني المأساوي، هو فعلاً مأساوي وأكبر منها بكثير. وهي مجرد يافطة للاستخدام الفصائلي الاعلامي. لأنها ليست في موقع يؤهلها للقيام بذلك، فهي انعكاس للوضع السياسي الفصائلي الفلسطيني المأزوم والمشتت والمهزوم. لو لم يكونوا كلهم كذلك لما كانوا وافقوا على بناء جدار العار حول مخيم عين الحلوة، حيث يعيش نحو 100 ألف لاجئ فلسطيني في سجن جماعي منذ سنوات عديدة. هذا السجن مساحته واحد ونصف كلم مربع، هي مساحة المخيم منذ تأسيسه بعد النكبة سنة 1948 وحتى يومنا هذا. فالقانون اللبناني (سموه كما تريدون) المعادي للفلسطينيين، لا يسمح بالتوسع الجغرافي ولا بالبناء ولا بادخال مواد البناء والخ. الدولة اللبنانية تتعامل مع المخيمات ليس كوجود شعبي وإنساني وناس لهم حقوق وعليهم واجبات. بل كجزر وبؤر أمنية وناس عليهم واجبات ولا حقوق لهم. تتعامل معهم كملف أمني. فملف المخيمات في يد قوى الأمن والمخابرات اللبنانية. يعني يا فلسطينية لا تقلقوا لأنكم في أيدي أمينة، حريصة على مصلحتكم أكثر من حرصكم أنتم أنفسكم على مصالحكم.
عندما أنظر للنشاطات التي تقوم بها اللجان والاتحادات الشعبية الفلسطينية مثلاً احتجاج أو اعتصام ضد سياسة الأنروا. تحت عنوان “اللاجئون الفلسطينيون في لبنان يحتجون ضد سياسات وكالة الانروا”. أنظر الى الصور المرفقة مع الخبر فلا أدري أأبكي أم أضحك على حال لاجئينا ومخيماتنا وفصائلنا ولجاننا. فالذين في الصورة بعض الأشخاص أو أقل من عشرات، هم أعضاء اللجان وممثلي الفصائل الفلسطينية. في بعض الأحيان عدد قليل من سكان المخيمات لا يتجاوز العشرات. هذا الشيء لاحظته مكرراً بعد مراقبتي للأمر ميدانياً اثناء زياراتي الى المخيمات. كذلك عن بعيد من خلال وسائل الاعلام. إنه يتكرر في كل المناسبات تقريباً. مثلا عندما يدعو فصيل فلسطيني لنشاط ما يحضر أعضاؤه وأنصاره، ربما لأنهم يجب أن يحضروا شاءوا أم أبوا.
أنظروا مثلا الى دعوات حركتي فتح وحماس التي تشهد حضوراً نسبياً لكن ليس متعدداً ولا نوعياً. فالمشاركون في غالبيتهم الساحقة يحضرون بقرار حركي ولكي لا تنقطع مساعداتهم أو مرتباتهم. لقد شاهدنا في أكثر من مناسبة كيف امتلأت الساحات بالمشاركين في دعوات فتح وما تبقى من فصائل وشبه فصائل منظمة التحرير الفلسطينية لنصرة الثابت على الثوابت، رئيس فتح والمنظمة والسلطة، الذي لم يترك ثابتة فلسطينية إلا وتخلى عنها خلال سنوات حياته السياسية، وبالذات منذ تسلمه الورثة (المنظمة، السلطة وفتح) بعد اغتيال الرئيس الراحل ياسر عرفات.
إن ابتعاد الناس والجماهير عن المشاركة في أي نشاط فصائلي هو موقف منها ضد سياسات وتجارة بعض أوغالبية تلك الفصائل وسقوط بعضها وتراجع بعضها الآخر، واستسلام آخرين. هو موقف ضد الذين يتاجرون بالشعب والقضية والتضحيات والدماء التي جبلت فيها تربة المخيمات، دفاعاً عن الحقوق والقضية والثورة والمنظمة وما سمي في حينه القرار المستقل. ورفضاً للصلح والتفاوض والاعتراف. رفضاً للتنسيق الأمني واللقاءات مع الاحتلال. رفضاً لاعتقال وملاحقة وتصفية واغتيال المناضلين وعدم محاسبة ومحاكمة وملاحقة قتلتهم… ورفضاً لرعايتهم ولحمايتهم من قبل أركان السلطة. كذلك رفضاً للمقاومة الموسمية فالمقاومة نهج وطريق كفاح وديمومة مستمرة. لكن فتح وحماس وأخواتهن من الفصائل على ما يبدو لهن رأي مغاير لرأي شعبنا العربي الفلسطيني.
طبعا المسؤولية تقع على عاتق جميع الفصائل التي تدور في فلك المنظمة والمعارضة. صحيح أن المعارضون لم يعترفوا بالاحتلال ولم يتفاوضوا ويتصالحوا معه. لم يعترفوا له ب ٧٨% من أرض فلسطين كما فعلت قيادة فتح والمنظمة. لكنهم لم يأتوا ببديل ثوري مقنع. كما من المؤسف أنهم يلهثون للوحدة مع الأوسلويين والمنسقين الأمنيين بإسم الانتخابات الأوسلوية التشريعية. يعني هم مع الانتخابات حتى لو من بوابة أوسلو التي لا ترفضها حماس وفصائل أخرى لازالت تدعي إنها ضد أوسلو. هذا شيء بالطبع محزن ومخجل وحتى مقزز. إذ يبدو أن الفصائل “قاطعة شرش الحياء” كما يقول مثلنا الشعبي، فهي لا تحزن ولا تخجل وتكذب كما تتنفس… وفي أحيان كثيرة ينطبق عليها هذا المثل “كل ديك على مزبلته صياح”. لكن شعبنا بحاجة لديك يصرخ كل صباح : حي على الكفاح.

سوف يحاسبكم شعبكم وسوف لن يرحمكم التاريخ إن لم تتراجعوا وتعودوا لطريق الكفاح الحقيقي والنضال والمقاومة المسلحة وحرب التحرير الشعبية الطويلة الأمد. لأن شعبنا لم ولن يعترف بالاحتلال ولن يتخلى عن فلسطين للمحتلين المجرمين. كما أنه ليس قدره أن يبقى قراره مختطفاً من مغامرين وسياسيين فلسطينيين غير مؤتمنين.

أي حال بدك يمشي والفصائل كسيحة ومقعدة

نضال حمد
٣١-٧-٢٠٢١