الأرشيفوقفة عز

الشهيد عدنان محمد علي أسعد حمد – 1943 – 1966 – نضال حمد

قصة شهيد اليوم هي عن ابن العم البطل الفدائي عدنان محمد علي أسعد حمد، أحد أوائل الأبطال الفدائيين من فوج التحرير الفلسطيني في العراق. غادر الصفصاف عقب سقوطها سنة 1948 مع والده ووالدته وشقيقه وتوجهوا آنذاك الى الحدود اللبنانية ومن هناك فيما بعد الى مخيم عين الحلوة في كمب الطوارئ ثم في عمق المخيم بحارة الصفصاف التحتا. كل هذه الأحداث جرت أيام كان الشهيد عدنان لازال طفلاً، فعندما سقطت الصفصاف كان له من العمر خمس سنوات لأن أوراقه الثبوتية تظهر أنه مواليد سنة 1943. سافر مع رفاقه من أبناء الحارة والمخيم الى العراق للتدرب هناك ضمن أفواج التحرير الفلسطينية، التي كانت تتدرب في العراق كطلائع لجيش التحرير الفلسطيني. بحسب بعض أقاربه يبدو أنه سافر ربيع سنة 1966.

في المدرسة الابتدائية بمخيم عين الحلوة درس وتعلم كما بقية الفلسطينيين في المخيمات، وعلمت مؤخراً أنه كان على علاقة صداقة طفولية ومدرسية مع الأستاذ الفنان والمناضل أبو نزار شناعة (الآن ومنذ عشرات السنين يقيم في برلين)، الذي كان يسكن مخيم عين الحلوة الى أن رحلت عائلته الى مخيم برج البراجنة سنة 1957 في القرن الفائت. كما كان معهما أيضا في نفس الصف المدرسي، ابن عمتي، الطبيب، الدكتور غالب محمد طالب حمد المقيم الآن ومنذ عشرات السنين في استراليا.

منذ بداياته الأولى كان الشهيد عدنان حمد على ما يبدو مشروع شهيد لأجل فلسطين. سار على خطى عمه الشهيد أبو صولي أحد أبطال وثوار وشهداء الصفصاف والجليل في ثورة سنة 1936. شهيدنا رفض كل الأشياء التي قدمها له والده لأغرائه بعدم الذهاب الى العراق ومنها سيارة جديدة للعمل عليها في المخيم ومدينة صيدا. في ذلك الزمان لم يكن بمقدور أي كان اقتناء سيارة بسبب ثمنها الباهض. لكنه رفض رفضاً قاطعاً وأصر على الذهاب الى هناك برفقة متطوعين آخرين من مخيمات لبنان ومن مخيم عين الحلوة، منهم ابن جيرانهم الشهيد محمد (الترعاني نسبة لبلدة ترعان)، وهو ابن الحاج والجار أبو عثمان، الذي استشهد في نفس يوم استشهاد عدنان. كما استشهد في نفس الحادثة الشهيد يوسف منصور من بلدة صفورية ومن مخيم عين الحلوة.

تقول شقيقته فاطمة أن عدنان منذ الصغر كان يلهو في الدار والحارة، يحمل عصاً مثل البارودة يلعب بها لعبة الحرب. كان يريد تحرير فلسطين وأن يصبح شهيداً مثل عمه الشهيد أبو صولي. كما كان عند وصوله الى صف الرابع تكميلي يريد قطع الدراسة والالتحاق بالفدائيين الأوائل لأجل فلسطين. في الختام وعلى عكس رغبة والده وأهله قرر التوجه الى العراق، حيث أقام في معسكر الرشيد ببغداد. هناك تدرب مع رفاقه، وبعد مرور ستة اشهر نال اجازة وقرر الذهاب لزيارة الأهل في لبنان، لكن كان له القدر بالمرصاد فقرب الحدود السورية العراقية تعطلت طائرة استطلاع سورية واصطدمت بالحافلة التي كانت تقله ومع رفاق آخرين ومع ركاب مدنيين. توفيوا جميعهم باستثناء السائق ومعاونه.

كان استشهاد عدنان بالنسبة لذويه وعائلته نكبة ثانية بعد نكبة فلسطين سنة 1948. ولازال عدنان بمثابة جرح نازف للعائلة بالرغم من مرور عشرات السنين على استشهاده في شهر 11-1966. ففي هذا الصدد  قالت شقيقتاه فاطمة ونايفة أن شقيقهما عدنان “هو شهيد لأجل فلسطين ولنا مرقد شهيد في العراق في مقبرة الغزالي في بغداد هو ورفقاء دربه الشهداء الفلسطينيين الخمسة من أبناء مخيم عين الحلوة، شهداء فلسطين”.

حكاية  ابن العم الفدائي الشهيد عدنان حمد شبيهة بحكاية كل شاب فلسطيني لاجيء أراد أن يعود الى فلسطين ويحررها من رجس الاحتلال الصهيوني، حيث رفض العيش بذل وحرمان وظلم وقهر وصمت في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين. فقرر أن يكون من طلائع قوى الحرية والعودة والمقاومة لأن فلسطين كانت كل شيء في حياة الشهيد عدنان.. ولأن عمه الشهيد كان رمزاً جهاديا فدائيا له ولأبناء بلدته الصفصاف. تتابع بحزن وتضيف إحدى شقيقاته: “راحت فلسطين وراح عدنان، حتى لو رجعت فلسطين، عدنان ما راح يرجع”. .

يا أختاه سترجع فلسطين وستعود الصفصاف وستبقى روح عدنان حمد وسميح مرعي وحسن كردية وعلي حوراني ومحمد اليوسف ومحمد عبدالله شرارة وأبو صولي حمد.. و الطفل الذي معه في الصورة، المرحوم محمد جمال قاسم حمد، الذي توفي في الكويت عام 1974 ودفن في دمشق بمقبرة الدحداح. وأرواح كل شهداء الصفصاف تحوم فوق البلدة وتحلق فوق جبل الجرمق لتضيء درب العائدين.

المجد والخلود للشهداء والنصر لشعبنا العربي الفلسطيني المضحي والمعطاء.

نضال حمد

7-5-2021

 

الشهيد عدنان محمد علي أسعد حمد – 1943 – 1966 – نضال حمد