الأرشيفعربي وعالمي

بم تفكر – جورج حدادين

انهيار اسعار النفط بطريقة درامية، في خدمة من؟ 

لكل أزمة مسبب وأسباب، من بديهية القول، ومن كل أزمة هناك متضرر ومستفيد.

أسعار النفط تنخفض بشكل درامي، حيث لا مؤشرات موضوعية ولا أعراض تسبق هذا الانهيار المفاجئ للأسعار.

لنطرح بعض من هذه المعطيات والمقاربات في سياق السؤال عن المستفيد والمتضرر.

* من يقف وراء قرار السعودية زيادة انتاجها للحدود القصوى ( 12 مليون برميل يومياً) والتداعيات الدرامية على الاسعار، هل المبرر المطروح ، من قبل وسائل إعلام سعودية وعربية وعالمية، الحاجة إلى السيولة مبرر مقبول أو عقلاني؟ 

من المعلوم أن اجماع المختصين حول السعر المقبول للبرميل، في هذا الظرف، 60 – 75 دولار، وأن السعر العادل للبرميل حوالي 10 دولار
فهل تستفيد السعودية من حرق الاسعار هذه، بحسبة بسيطة، نستنتج أن العكس هو الصحيح، ضار بالدخل القومي السعودي بشكل مذهل،
تنتج السعودية بالوضع الطبيعي، وبحسب حصتها بالتوافق داخل أوبك، ( 9 مليون برميل يومياً) وبحسب السعر المقبول للبرميل، 9مليون برميل × 60-75$ = 540-765 مليون دولار دخل، مقابل انتاج 12 مليون برميل بسعر 20$ (12×20= 240 مليون دولار يومياً.

الخسارة المترتبة على الدخل، بين 300 مليون- 525 مليون دولار يومياً، ولو تم الحساب على أساس السعر العادل(100 دولار) فتكون الخسارة المحققة يومياً حوالي 720 مليون دولار.

الخسارة الأخرى المسكوت عنها، في سياق رؤية محمد بن سلمان 2030 خصخصة قطاع الطاقة، وخاصة أرامكو التي أدرجت أسهمها في السوق المالي، حيث أنخفض السهم ما دون 8$، لينخفض تقدير قيمة الشركة من 2.6 ترليون $ إلى أقل من 1.5 ترليون دولار ، خسارة هائلة للاقتصاد السعودي، علماً بأن خصخصة أرامكوا يشكل أكبر ضربة للسعودية، فيما لو تم إنفاذ هذا المشروع لصالح الشركات متعدية الجنسيات وعلى حساب المجتمع والدولة السعودية.

* الولايات المتحدة الأمريكية، من جانب هي مستفيدة من تدني الأسعار، كونها تعتمد استراتيجية التخزين، حيث يتم شراء النفط بأسعار محروقة، لحين ارتفاع الأسعار، يتم طرحه في السوق العالمي، مما يحقق أرباح هائلة، نتيجة فرق الأسعار، كما هو موضح أعلاه.

من جانب آخر، اعتمدت الولايات المتحدة على استخراج النفط الصخري، في السنوات الأخيرة ، لتصبح بذلك دولة مصدرة بعدما كانت مستوردة للنفط، هبوط السعر إلى 20$ للبرميل سيضرب صناعة النفط الصخري، ويدمر شركات النفط الصخري الصغيرة ، والذي يقود إلى زيادة نسبة البطالة.

 

ملاحظة هامة جداً: في هذا السياق، يتحدث المختصون عن الحد الأدني لسعر برميل 35 دولار ليكون مقبولاً، كحد أدنى، من قبل شركات الصخر الزيتي للإنتاج، بينما كانت الدعاية المزيفة لقوى التبعية في الأردن، بخصوص استثمار الصخر الزيتي الأردني كحد أدنى لبرميل النفط 70 دولار ليكون الاستثمار في الصخر الزيتي الأردني مجدياً؟؟؟ 

* الاتحاد الروسي متضرر إلى حد ما من تدني الاسعار، وذلك بسبب قلة مساهمته في الدخل القومي، مقابل الاعتماد أساساً على تصدير الغاز الذي لم يتضرر، بسبب السوق المؤكدة أوروبياً، رغم إلحاح وضغط الولايات المتحدة على أوروبا لوقف شراء الغاز الروسي والتوجه لشراء الغاز الأمريكي، الذي هو في الحقيقة غير قادر على منافسة الغاز الروسي، لا من ناحية الاسعار ولا من ناحية الجودة.
* الصين قد تكون مستفيد من هبوط الاسعار كونها دولة مستوردة للنفط.

في المحصلة الخاسر المؤكد والوحيد السعودية دولةً ومجتمعاً.

قوى التبعية في الحكم وفي السوق وفي صفوف النخب هي بالتأكيد غير مؤتمنة على مصالح الدول والمجتمعات، وتضع مصالح المركز الرأسمالي والشركات متعدية القوميات فوق مصالح الوطن

 

كنعان