الأرشيفالجاليات والشتات

بيان البرلمان الأوروبي منحاز ومقزز ومخزي

دعا البرلمان الأوروبي، السلطة التشريعية في الاتحاد الأوروبي، أمس، للمرة الأولى، منذ اندلاع الحرب على غزة، إلى وقف إطلاق نار دائم في القطاع، مشترطاً في بيانه الإفراج الفوري عن الأسرى “الإسرائيليين”، وتفكيك حركة “حماس”.

بيان تافه ودعوة منحازة من البرلمان الأوروبي المنحاز الى جانب الاحتلال الصهيوني وبشكل مقزز ومخزي وبعكس ارادة الشعوب الأوروبية التي تتظاهر بشكل دائم في كل أوروبا.

بعد هذا الكم الهائل من الضحايا الفلسطينيين المدنيين، بعد أكثر من ١٠٠ ألف ضحية فلسطينية، وفي أعقاب تدمير كل شيء في غزة، فالدمار أكبر بكثير مما حل بمدن اوروبية عديدة خلال الحرب العالمية الثانية، مثل وارسو ودرزنو وهامبورغ وكذلك في مدينتي هيروشيما وناكازاكي في اليابان. بعد كل ذلك يخرج الاتحاد الأوروبي بهذا البيان المخزي، المعبر صراحة وحقيقة عن السياسة الأوروبية الرسمية، المرتبطة عضوياً بالادارة الأمريكية والحركة الصيهونية اليهودية العالمية. على كل حال ليس غريباً أن يكون بيانهم هكذا لأن ألمانيا أكبر حلفاء اليهود الصهاينة والشريكة مع بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية في ذبح الفلسطينيين، هي التي تتحكم بالاتحاد وهي التي ترسم سياساته الخارجية. وهي تتبنى سياسات صهيونية تناسب أيضاً تجار السلاح من الأوروبيين، الذين يزودون الكيان الصهيوني بالاسلحة والذخيرة التي تقتل الفلسطينيين وتبيدهم.

للعلم فإن البرلمان الأوروبي كان صادق خلال جلسة عقدها في مدينة ستراسبورغ الفرنسية، على «قرار رمزي» (غير ملزم)، يدعو فيه إلى وقف نهائي لإطلاق النار في غزة، بعد موافقة دوله الأعضاء بأغلبية كبيرة 312 صوتاً، مقابل 131 صوتاً، فيما امتنع 72 عضواً عن التصويت. هذا البرلمان الأوروبي يريد منع اليمن من مساعدة الفلسطينيين ومنعه أيضاً من فرض حصار بحري على توريد السلاح “لاسرائيل”. وه نفس البرلمان الذي فرض كل العقوبات الممكنة على روسيا بسبب حربها مع اوكرانيا. لعب عالمكشوف وازدواجية وقحة، لذا نراه يحض في بيانه دول الاتحاد الأوروبي على تشكيل مهمة بحرية، يدعي زوراً وكذباً أنها “من أجل حماية حرية الملاحة في منطقة البحر الأحمر، من الهجمات الحوثية”.

لكي نكون عادلين يجب أن نذكر الموقف الشجاع والعقلاني والانساني للبرلمانيين من 3 مجموعات من المشرعين الأوروبيين، هم: الاشتراكيون، والوسطيون، والخضر، الذين سعوا إلى استصدار قرار يدعو إلى وقف دائم لإطلاق النار، واستئناف الجهود للوصول إلى حل سياسي.

لكن للأسف شمل نص القرار بعد تعديل وضغوطات من قبل اليمين الصهيوني الأوروبي وهو الذي يضم أعداء الشعب الفلسطيني في أوروبا، دعوة إلى الإفراج الفوري غير المشروط عن جميع الأسرى “الإسرائيليين” والى تفكيك حركة “حماس”. لم يأتِ على ذكر آلاف الاسرى والنعتقلين الفلسطينيين في السجون الصهيونية ومنهم من هم في السجون منذ حوالي خمسون سنة. لم يأت على ذكر آلاف الغزيين عائلات ونساء وأطفال وعجزة ورجال وشباب اختطفهم الجيش “الاسرائيلي” ووضعهم في متعقلات ومعسكرات مجهولة.

طبعاً تفكيك حركة حماس والمقاومة الفلسطينية التي تحظى بدعم وإسناد الشعب الفلسطيني كله تقريباً، لهو برأيي أصعب من تفكيك روسيا والولايات المتحدة الأمريكية أو الاتحاد الأوروبي نفسه، لأنها بكل بساطة حركة  تحرر وطني، حركة نضال مشروع وعادل من أجل طرد الاحتلال ومن أجل تحقيق الاستقلال الوطني للشعب الفلسطيني.

كانت مسودة القرار التي طرحها اليسار الاشتراكي الديمقراطي والخضر والوسط، لا تنص بالأساس على أي شرط لقاء وقف إطلاق النار، لكن النواب الأوروبيين أيدوا تعديلاً قدمه الحزب الشعبي الأوروبي (يمين)، أكبر كتلة سياسية في برلمان ستراسبورغ، ينص على هذا الشرط.

أنظروا مدى انحياز ووقاحة الحزب الشعبي الأوروبي فقد اعتبر أن الدعوة إلى وقف إطلاق نار دائم (يقوض حق “إسرائيل” في الدفاع عن نفسها، ويعرّض لمزيد من الخطر حياة (الأسرى الاسرائيليين) الذين لا تزال حماس تحتجزهم”..

تصوروا هذا الهراء وكيف يتم تمريره على الناس والاوروبيين خاصة، فالعالم كله يعلم أن الجيش الصهيوني يقصف غزة ويقتل الفلسطينيين ومعهم الأسرى اليهود “الاسرائيليين”. وكانت الحكومة الصهيونية قد فعلت خيار “هنيبعل” منذ السابع من اكتوبر 2023، حين قصفت وقتلت المستوطنين اليهود الصهاينة والمقاتلين الفلسطينيين سوية. كي لا يتمكن الفلسطينيون من أسر المزيد من “الاسرائيليين”. للتذكير في يوم الجمعة ١٩-١-٢٠٢٤ قتلت “اسرائيل” ضابطاً أسيراً كان محتجزاً لدى المقاومة الفلسطينية في غزة.

شخصياً لا يشرفني هذا البرلمان المنحاز والفاشي العقلية والصهيوني الولاء والانتماء. أما فلسطين فسوف تنتصر على الصهاينة وعلى أعوانهم وحلفاءهم في الاتحاد والبرلمان الأوروبيين.

٢٠-١-٢٠٢٤

نضال جمد

موقع الصفصاف