وقفة عز

حوار خاص مع الأسير المحرر سكران سكران أول أسرى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين

 

 حوار خاص مع الأسير المحرر سكران سكران أول أسرى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وثاني أسرى الثورة الفلسطينية المعاصرة.

ضمن سلسلة من اللقاءات التي سنقوم بها مع شخصيات وفعاليات فلسطينية تركت أثراً في تاريخ النضال الوطني الفلسطيني، التقيت أنا نضال حمد مدير موقع الصفصاف، في برلين التقيت بصحبة زميلي عبد خطار مؤسس ومدير موقع عبد خطار ومنتديات البداوي، بالصديق والرفيقالمناضل الوطني الكبير الأسير المحرر سكران سكران ابن مخيم عين الحلوة، وحركة القوميين العرب، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. رفيق الشهداء الحكيم جورج حبش وأبو ماهر اليماني وأبو علي مصطفى وغسان كنفاني ووديع حداد ومحمد اليماني وسعيد العبد سعيد ورفيق عساف… كان حورا شيقا مع صاحب تجربة مميزة.

حوار خاص مع الأسير المحرر، المناضل الوطني الكبير سكران سكران

حاوره نضال حمد

تصوير عبد خطار

في برلين التقينا بالمناضل الفلسطيني الكبير، الأسير المحرر سكران سكران، ابن مخيم عين الحلوة، أول أسير للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وثاني أسرى الثورة الفلسطينية المعاصرة.

كعادته بشوش وصاحب نكتة .. صلب الإرادة، قوي العزيمة، صاحب نفس طويل وموقف وطني لا يهادن ولا يساوم ولا يلين.

مرت سنوات طويلة على قيامه مع رفاقه الشهداء محمد اليماني، سعيد العبد سعيد ومحمد عساف بعملية فدائية ناجحة نفذتها مجموعة من شباب الثأر – طلائع العودة – الجناح العسكري لحركة القوميين العرب ثم فيما بعد الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بقيادة المعلم الراحل الحكيم د. جورج حبش، ورفاقه الشهداء القادة وديع حداد، ابو ماهر اليماني، باسل الكبيسي، ابو علي مصطفى، غسان كنفاني وآخرين .

في احد الأيام من شهر أيلول – سبتمبر 1966 توجه البطل سكران ورفاقه الأبطال الى الجليل الفلسطيني المحتل حيث نفذوا عمليتهم وأوقعوا خسائر فادحة في صفوف الصهاينة الغاصبين. استشهد رفاقه الثلاثة وأصيب هو إصابات خطيرة في بطنه وأمعائه وتم اعتقاله. لتبدأ بعد ذلك مرحلة جديدة في حياته ومسيرته النضالية من داخل سجون وزنازين ومعتقلات العدو الصهيوني.

اليوم وبعد مرور 48 عاما على .. تنفيذ العملية وأسره وبعد مرور 35 عاما على تحريره في عملية النورس التي ابرمتها الجبهة الشعبية القيادة العامة سنة 1979. وبعد سنوات عديدة على هجرته ولجوؤه الجديد في برلين قمنا بإجراء هذا الحوار معه كي يبقى للتاريخ ولتعرفه الأجيال الجديدة، وكي تتعرف على أبطال ثورتنا وشعبنا الذين لم يبخلوا على فلسطين بأي شيء. والذين مازالوا على نفس الدرب يسيرون بنفس نضالي مقاوم وأصيل وطويل.

سكران سكران فدائي، رفيق يعتز برفقته كل أصحاب المبادئ وجيل العودة والتحرير، قائد جبهاوي وجماهيري، أسير محرر، جريح في المعركة وعلى أرض فلسطين وفي قلب فلسطين، ابن مخيم عريق، مناضل صاحب مكانة محترمة في صفوف اتحاد الجاليات والمؤسسات والفعاليات الفلسطينية في الشتات – أوروبا.. فتح لنا قلبه وكنز ذكرياته بعد كل هذه السنوات الطويلة .. نترككم مع نص الحوار:

تهيئة:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أحييكم من برلين حيث نلتقي هنا مع المناضل الكبير الأسير المحرر سكران سكران، احد أبطال الثورة الفلسطينية المعاصرة واحد أبطال الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.  واحد المناضلين الذي قدم الكثير من سنوات عمره من أجل  القضية الفلسطينية ولأجل تحرير كامل تراب فلسطين. في سنة 1966 في شهر أيلول – سبتمبر نفذ هو ورفاقه من شباب الثأر – أبطال العودة  من حركة القوميين العرب وفيما بعد الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عملية فدائية في الجليل الفلسطيني استشهد على اثرها ثلاثة من رفاقه وأسر هو بعد إصابته بجراح وبهذا كان هو ثاني أسير للثورة الفلسطينية المعاصرة وأول أسير للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. تم تحريره فيما بعد في عملية تبادل للأسرى في السبعينات من القرن الفائت وعاد ليمارس نضاله في الجبهة الشعبية والثورة الفلسطينية وفي مخيمات الشعب الفلسطيني ومازال حتى الآن ملتزما بما قام به في شبابه مناضلا من أجل فلسطين ومن أحل العودة والتحرير، من أجل أن يتحقق حلم الشعب الفلسطيني في تحرير كامل تراب فلسطين. يعيش الآن في برلين وهو حاضر بيننا.

 أهلا وسهلا بك رفيق سكران ابو محمد.     

 سكران: أهلا وسهلا بالرفيق نضال .. نضال أنت تذكرني بأيام النضال (بالزمنات)، في عز شبابي، بس انا صرت في آخر حياتي.  الحمد لله ان شاء الله نبقى مستمرين حتى تحرير فلسطين. نحن حملنا السلاح من اجل تحرير كل فلسطين من النهر الى البحر، بعد ما طلعنا( من الأسر) نتفاجأ أنهم يريدون تقسيم فلسطين، شقفة، شقفة.. لكن العدو لا يفهم إلا لغة البندقية.

سؤال: رفيق سكران أنت الآن في برلين .. وفي سنوات طفولتك كنت في فلسطين إما على مقربة من حدود فلسطين.. حدثنا عن نفسك وعن طفولتك وشبابك وعن نشأتك كي ندخل الى موضوعنا من هذه الزاوية.

سكران:   أنا في عز شبابي كنت في الشباب العربي الفلسطيني وكنت أتردد على نادي التضامن العربي في مدينة صور ( جنوب لبنان). الذي مازال موجودا تاريخيا.  ومن ثم تدريجيا الى أن أصبحت عضوا في حركة القوميين العرب. وبعد ذلك جاء عندنا الى لبنان احمد الشقيري ( مؤسس منظمة التحرير الفلسطينية وأول رئيس لها 1964-1969 -). وشكلنا فرقا كشفية ولبسنا زيّ عسكر وذهبنا نستقبله في الملعب البلدي في مدينة صيدا ( عاصمة الجنوب اللبناني). هذا الملعب مشهور منذ كان معروف سعد ( قائد لبناني عروبي نصير لفلسطين اغتيل في شباط 1975 في صيدا). رحمه الله.  وصلنا هناك وقلنا له يا شقيري نريد سلاح فجاء المكتب الثاني اللبناني ( المخابرات) هاجمنا وارد اعتقالنا. قلنا أيضا لأبي معروف ( معروف سعد) يا ابومعروف طُل وشوف شو بيعملوا فينا. المهم اعتقد انهم اعتقلوا عدد منا وإلي هرب هرب ..والذين اعتقلوهم اعتقلوهم.

أيام فؤاد شهاب ( رئيس لبناني) كانت أصعب فترة في حياتنا إذ ملأ المخيمات بالمكتب الثاني، إذا كنت تمسك جريدة كان يقولوا لك شو بتقرأ .. اذا كان معك كتاب كانوا يقولوا لك لماذا تحمل كتاب وتقرأ ..  ما بدهم يخلوك تتنفس نهائيا. حزت في نفسي وبعد ذلك قلت لازم انتمي للعمل الفدائي. لم استطع تحمل الوضع. المهم اتصلت وسجلت اسمي وقلت لهم بدي أروح (عملية) وبدي كذا .. قالوا لي سوف نرسلك دورة واستعد للدورة. استعدينا للدورة وسافرنا وتلقينا دورة كوماندوس في مصر استمرت لمدة 4 شهور ومن ثم عدنا الى لبنان.. وبعد العودة الى لبنان فسد علينا شخص واعتقلونا... وضعونا في ثكنة الحلو، أنا وابوماهر اليماني رحمه الله وصلاح صلاح .. واسكت ساكت .. واضرب واضرب واضرب.. ثم جاءني شخص من مسئولي المكتب الثاني اسمه فريد ابو مرعي قال لي:

 آنت ذهبت الى مصر؟

 قلت له لا لم اذهب الى مصر.

 قال لي: بدك تحرر فلسطين؟

 قلت له لا يا سيدي.. انا بعدني صغير ما بقدر.

 قال لي والله اذا بتروح فلسطين لقطعك.

 طلعت من الاعتقال وما رديت عليه ونزلت سنة 1966 ونفذت عملية .

عن الاعتقال بعد الإصابة في العملية يقول سكران:

 لما عرفوا انا مين لأنني ما أعطيت اسمي الحقيقي في العملية سميت نفسي محمود عمار. بحثوا وبحثوا لم يجدوا اسم محمود عمار ..

 قالوا شو هذا؟

  المهم وبعد الآخر صحيفة المحرر ( في بيروت ومن أعلامها الشهيد غسان كنفاني) نشرت الأسير البطل سكران سكران.  احضروا لي الجريدة وأنا في المستشفى وكانوا معلقين لي المصل بيدي، ومربطين رجلي.

قال لي احد رجال المخابرات (الصهيونية) : لمن هذه الصورة؟

قلت له لي.

قال لماذا قلت لنا اسمك محمود عمار؟

قلت له: انا قلت لك اسمي محمود عمار؟

 انا اسمي سكران، اذا قلتكم معناه انا مش صاحي، مش واعي.

 وبدئوا تطفئة السجائر في جسمي. ممنوع يضربوني كان بطني مشقوق من هنا الى هنا ( اشار سكران الى صدره وبطنه). أطفئوا السجائر هنا وهناك ..

 ولكن بعد الآخر قالوا لي من مات معك؟

مات منهم قتلى وانا شو بدي أقولهم مين إلي مات معي..

 قلت لهم لا اعرف أنا أصبت أول واحد في الدورية.

قال لي:  كيف ما بتعرف أنت رشاشك أكثر واحد أطلق رصاص منه ..

المهم قلت بتحمل تطفئة السجائر بجسمي وما بقول لهم مين .

بعدين نشروا خبر على الإذاعة قالوا فيه هذا الأسير(سكران) حالته خطيرة ونحن نقوم بترقيع بطنه على طاولة العمليات. ردت عليهم مصر وقال لهم احمد سعيد نحملكم المسؤولية الكاملة إذا حصل اي شيء لهذا الأسير. ومن ثم حضرت قوات طوارئ دولية من الجنوب كانت بين غزة ومصر.  قالوا لهم روحوا شوفوا الأسير هذا كيف هو وكيف حالته.

وجاء معهم موشى ديان وقالوا لي لمن تنتمي؟ .

 قلت لهم اتبع منظمة التحرير الفلسطينية.

 بعد ما راحوا، ديان أمرهم بتعذيبي ورجعوا يطفئوا السجائر بجسمي. المهم تحملت تلك المرحلة. هم كانوا يريدون معرفة كيف نحن انطلقنا من لبنان. هذا أكثر شيء ركزوا عليه لأنهم كانوا بدهم يعرفوا أين قاعدتنا.

 قلت لهم نحن نقلتنا سيارة متحركة، متجولة أحضرتنا من بيروت الى الحدود، غيرنا ملابسنا ولبسنا ملابس أخرى ومن ثم نزلنا.

 وسأل ( المحقق) متى ترجع السيارة؟

 قلت له 6 او 7 أيام بنعطيها موعد وبترجع تأخذنا.    

 قال لي ما عندكم قاعدة أو لعند مين جايين؟

قلت له ما عندنا قاعدة ولا جايين عند احد ..

وما مسكوا معنا شيء.

المهم هذه ركزوا عليها كثير ولكن الحمد لله طلعنا منها.

 ثم سألني من لك هنا؟

قلت له لا احد … ما في احد لي هنا..

استدرك الرفيق سكران وعاد للحديث عن المكتب الثاني اللبناني:

قال أن المخابرات أي المكتب الثاني ” جاءوا الى البيت ( في مخيم عين الحلوة) … وفتشوه واعتقلوا أبو ماهر اليماني لان شقيقه ( محمد اليماني) استشهد في العملية معنا. وحققوا معه. وبقينا صامدين والحمد لله .

عن السجن

بس تدخل السجن يجب ان تكون معنوياتك عالية. إذا معنوياتك ماعالية تتحطم.  تصير تفكر متى تروح ومتى تيجي هذا كله كلام. لازم تنسى كل شيء، ولازم تفكر كيف تقضي نهارك بالسجن. الحمد لله القوات المصرية ساعدتنا خاصة جمال عبد الناصر و احمد الشقيري.

سؤال: رفيق سكران أنت دخلت السجن، المعتقل الصهيوني بعد ما نفذت العملية وكان هناك شخص فلسطيني، أسير فلسطيني واحد  قبلك. هل وضعوكما معا في السجن. احكي لنا عن هذه التجربة. كيف عشتما اثنان فقط في هذا السجن؟

سكران:  بعد ما اجروا لي العملية في كرياتشمونة ( مستعمرة مقامة على أراضي بلدة الخالصة) بس ماطابت العملية ( الجرح).. كان الجرح التحتاني بعده مفتوح.. يحطوا لي لحم يرجع يفتح، يقطبوه يرجع يفتح، كان بعده عامل جورة وما زبط..  المهم  أخذوني الى سجن الرملة ووضعوني هناك، بقيت هناك حوالي شهر بسجن الرملة وكان زي عيادة يومية، مستوصف، بعدين جاء مدير السجن وقال لي سوف نرسلك الى السجن، وما بدنا إياك تعملنا مشاكل هناك فأي مشكلة سوف نرسلك الى الزنزانة. أخذوني الى هناك ولقيت الشباب وصاروا يرحبوا بي ويقبلوني وأهلا بالبطل سكران والخ .. 

 من هم هؤلاء؟

 كلهم بتوع حشيش ومخدرات وما بعرف شو. هناك التقيت بمحمود حجازي أول أسير لحركة فتح .

 قلت له شو يا محمود… شو عم بتعمل؟

قال والله عم بعمل مسبحة.

قلت مسبحة شو خرز أو شو؟

قال زيتون..

المهم تعانقنا ومن ثم عشنا فترة أنا وإياه في السجن. الله يسهل عليه الآن يمكن صار في القدس او ما بعرف وين.

سؤال: ممكن رفيق سكران تحكي لنا عن قصص وحكايات حصلت معك في السجن خاصة انك كنت تستقبل استقبال الأبطال بعد تنفيذ العملية وأسرك؟

سكران: بصراحة العملية التي نفذتها كل الناس تأثرت فيها، الي بينتمي للوطن أثرت فيه، وإلي بيعمل بالتجارة وتهريب البضاعة بين الأردن وفلسطين كذلك أثرت فيه.  والكل كانوا يأدون لي التحية. بس الناس تتفاوت وفي مصالح بين هنا وهناك. انا ومحمود حجازي كنا ولكن كان في ناس أيضا من جماعة مصطفى حافظ هؤلاء أيضا وطنيين. كانوا ينفذوا عمليات. سألت واحد من عائلة أبو ستة قال لي انه كان من جماعة مصطفى حافظ. وكان كثير أيضا فلسطينيين من الأردن بيتاجروا بالتجارة والتهريب والممنوعات والخ لكن هؤلاء لا علاقة لنا نحن بهم. أما محمود حجازي فكنت أنا وهو دائما مع بعض. في غرفة واحدة مع بعض. وبعد فترة بعد أن خرج محمود حجازي. أنا بقيت في السجن وبعدين صارت حرب ال1967 .  بالأول ماكان في صليب احمر يحضر لعندي نهائيا إلا بعد حرب 1967

جاء الصليب الأحمر وسألني لمن تنتمي؟

 قلت له لمنظمة التحرير الفلسطينية.

 وأرسلت رسالة لعائلتي أنني بخير. 

 وبعد ذلك دخل السجن تيسير قبعة واحمد خليفة واسعد عبد الرحمن وكثيرين آخرين .. كانوا يقولوا ها هو البطل سكران أمامنا من شو خايفين.  

قصة صحن الفول والبروتينات

سؤال: ما هي قصة صحن الفول والبروتينات التي فيه، في السجن؟

كان في أسير من بيت جرار مطلق لحيته ..

 قال لي : رفيق سكران شو الفطور اليوم؟

قلت له فول ..

قال: فول ..

قلت له: نعم .. فول بس الفول فيه سوس ..

جاء موزع الأكل بالصحون، وصل عنده ..  قال له احضر صحنك ..

 أجابه : لا ما بدي ..

جاء عندي قال جيب صحنك .. أعطيته صحني فقام بتعبئته ..

قال لي ( جرار) : كيف بتأكل صحن هالفول يا أخي؟

قلت له : السوس بروتين ..

سؤال:  احكي لنا لو سمحت عن الأسرى الذين كانوا معك في السجون مثل كوزواكوموتوو وآخرين وإذا في قصص نادرة عنهم احكيها لنا..

سكران: عملية كوزو موتو بترفع الرأس لقد جننت ( إسرائيل) هذه العملية.  بالنسبة لهم شيء كبير أن تخترق الجبهة الشعبية مطار اللد باليابانيين وتنفذ عملية. الصهاينة ارتعبوا من هذا الشيء.  استشهد ثلاثة من الفدائيين وكوزوموتو مازال يقاوم. اعتقلوه وعندما اعتقلوه أجلسوه كي يحاكموه ولكنه قام بضرب الطاولة بيده بقوة، فقرروا ان يكلبشوه من يديه ورجليه معتبرين انه لا يجوز تركه بدون ذلك.  كان دائما مدير السجن يجيء الى كوزوموتو ويقول له ماذا تريد اليوم؟.. فكان كوزوموتو يجيبه : لا شيء.. يخرجوه مربطا بيديه وساقيه. وكانوا كلما فتحوا الباب عليه وهو مكلبش بيديه ورجليه يقول لهم : أنا قوي جدا. في إحدى المرات اجروا مقابلة معه وسألوه هل يمكن أن يصير سلام بين الجبهة الشعبية  لتحرير فلسطين و ( إسرائيل ) فأجابهم ممكن يصير سلام مع الأنظمة العربية ولكن الجبهة الشعبية من السماء للأرض، مستحيل يصير سلام بينكم وبينها. هذا كلام كوزو اوكوموتو.

سؤال: من مر عليك في الأسر .. أسماء البعض.. وبعد ذلك احكي لنا عن حدث تحرركم.

سكران:  الأب كبوتشي ( سكران نتيجة تقدمه في السن نسي التاريخ وقال انهم اعتقول الاب كبوتشي سنة 1969 لكنه اعتقل في 8-8-1974)  الله يسهل عليه. احضروه لعندنا بعد فترة. سألناه يومها عن سبب اعتقاله فقال انهم عثروا على متفجرات في سيارته. وضعوه عندنا في الغرفة بالسجن. اضرب عن الطعام  مطالبا بحريته و من أجل أن يطلقوا سراحه.  في الختام أفرجوا عنه بعدما تدخلت الكنائس ( الفاتيكان). قلنا له الله يسهل عليك يا أب كبوتشي نحن سنبقى صامدين.

سؤال: عن صفقة تبادل الأسرى والتحرر … كيف استقبلت النبأ؟

بصراحة انا كنت في سجن بئر السبع . وعادة بعد ان تناول طعام الغذاء ظهرا ينعس الواحد وبحط رأسه وينام.   واذا بهم يقولون سكران سكران ضب كل اواعيك ملابسك. كان الواحد يحط مليون احتمال.  كل الشغلات برأسه .. المهم في واحد شرطي درزي قدّ الجمل

 قلت له يا ابو فراج : جبل على جبل ما بيلتقي لكن بني آدم مع بني آدم بيلتقوا.

 قال لا لا، انا زمان طلعت من حرس الحدود… مش أنا.

  قلت لشابين اثنين امشوا قدامه واسمعوا شو بيحكي عني .. تصنتوا عليه ..

قال ابو فراج للشرطي الذي كان معه : شايف هذا ( يقصد سكران)، هذا أكل  ثلاثين طلقة وما مات.

 فقال له الشرطي الذي معه ولو شو هي الطلقات ملبس.. 

 قال له والله 30 طلقة وما مات.

عرفت ان هذا (أبو فراج) كان معهم في المعركة ومات منهم شرطي درزي. ( هز سكران برأسه وقال مصائب يا زلمه…). المهم وهم مطلعيني قلت له شو يا ابو فراج وين ماخذينا يعني؟  فكرك تبادل مع ابراهام ( الأسير الصهيوني لدى الجبهة الشعبية القيادة العامة) ..على الإفراج على البيت؟ أو شو؟

قال ما بعرف ما بعرف ولكن كل شيء بصير.. 

 جمعونا بغرفة وكل واحد كان جاي من معسكر ( معتقل)، أخذونا الى معسكر مجدو، وإلا هناك كمال النمري وسمير درويش وكلهم كلهم .. التقينا بهم وبدأنا نتعانق ثم جاء مندوب الصليب الأحمر وقال لنا اسمعوا انتم مفرج عنكم و ( إسرائيل)  – منجنة – من هذه الصفقة وغضبانة.

 قلت له عم يضربونا.

قال بدكم تتحملوا هذه المرحلة ما فيني اعمل لكم شيء.

 جاء الصليب الأحمر وصار ينادي فلان فلان اطلع على الطيارة. كنا نصعد الى الطائرة مكلبشين.  طلعنا كلنا عالطيارة واذا في واحد من بيت ابوعرب، نزيه ابوعرب، قال بدو يقرأ قرآن ويصلي ، قلت له شو بدو ينفعك.. هسه بيكسروك, بيذبحوك، كلها مخابرات الطائرة. المهم صار يقرأ .. وهم بلشوا فيه ضرب ذبحوه من الضرب. وصلنا الى جنيف    نزلونا هناك، كان استقبال رائع، رهيب. و(عين الحلوة بيطخطخ وكُلُ بيطخطخ)، البطل سكران سكران أصبح في أراضي جنيف. استقبلنا في جنيف مندوب الجبهة الشعبية القيادة العامة أبو علي الدعبول وأعطونا ملابس بدلنا فيها الملابس خوفا يكونوا (الإسرائيليين) حاطين اي شيء فيها. من جنيف وصلنا ليبيا.

سؤال: رفيق سكران بعد ليبيا توجهتم الى سورية ولبنان احكي لنا كيف كان استقبالكم؟

عندما وصلنا ليبيا استقبلنا عبد السلام جلود. هناك أنزلونا في سفينة – فندق – عائم بالبحر.  انبسطنا هناك حيث بقينا نحو أسبوع. اعطونا كل واحد بدلة ومبلغ الف دينار. وكذلك أقام لنا الشاعر العراقي مظفر النواب أمسية شعرية. من هناك اتجهنا الى سوريا. وصلنا سوريا وكان في استقبالنا الحكيم وأخذنا نهتف من الشبابيك . في سوريا مكثنا في فندق بالشام يمكن نمنا ليلة في الفندق وثاني يوم كل تنظيم اخذ جماعته. ثم وصلنا الى لبنان الى منطقة قصر حمادة في مخيم شاتيلا حيث مقر الجبهة الشعبية.استقبلونا استقبال جيد.  ثم في النهاية الى مخيم عين الحلوة وهناك استقبلونا استقبالا رهيبا. حملوني على الأكتاف. 

 سؤال: رفيق سكران أنت تحررت كم سنة ومن ثم عدت الى الأسر سنة 1982 احكي لنا عن تجربة المعتقل في أنصار

سكران: تجربة أنصار كانت أصعب.

كيف؟

سأقول لك .. (الإسرائيليون) عندما اعتقلوني عرفوني.  الضابط ( يهودي عراقي) في انصار قال لي  (بالعربية) : سكران تيتي تيتي مطرح ما رحت جيتي.

قال أنت كنت أسير عندنا وطلعت بطريقة غدر والقانون بيقول إذا بترجع يحق لنا إعدامك. 

كما تعرف انا معنوياتي قوية فقلت لهم : زين انا  كنت أسير عندكم بس المرة الأولى انا قطعت الحواجز كلها ونزلت نفذت عملية في فلسطين. بس الآن انتم قطعتم الحواجز كلها واخذتوني من بيتي.  انتهكتم حرمة البلد كلها.

 قال لي : يا زمال يا ابن الزمال ( شتيمة باللهجة العراقية) .. وأضرب اضرب اضرب ..

قال لي : فيلسوف عامل يا زمال يا ابن الزمال.

سؤال: رفيق سكران انت بعد مآسينا كلها بعد الخروج من بيروت سنة 1982 وصلت الى برلين، وأنت مقيم في برلين منذ سنوات كيف شايف حياتك في برلين؟ وخاصة انك مازلت تمارس عملك النضالي كأي فلسطيني ينتمي لفلسطين.

   سكران: بداية الثورة لما نزلنا ما كان في فلوس كنا نناضل بشرف بس الآن اذا الواحد عنده 5 او 6 أولاد وين بدو يروح، يقعد في الشارع يشحذ؟؟  

لا أحد يشحذه.

هذا الشيء دفعني اني انا احضر الى أوروبا حماية لأولادي والمحافظة على حسي الوطني. بعدني مناضل في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لحتى تقوم القيامة.  

سؤال: رفيق سكران كيف ترى وضع الفلسطينيين في برلين وفي أوروبا؟ ..

سكران: أهم شيء هنا هو الوعي اذا في وعي عند الشعب الفلسطيني .. اذا في حس وطني. شو إلي بيحدد مشاعر الإنسان وحسه الوطني، الواقع الموضوعي الذي يعيشه.اذا الواقع الموضوعي كان متهرئ بيطلع الإنسان متهرئ.

 سؤال: رفيق سكران هناك فلسطينيين في أوروبا نشيطين ويعملون في مجال العودة وغير ذلك .. ولهم اتحادات وجاليات ومؤسسات ولجان .الخ. وأنت عضو في اتحاد الجاليات والمؤسسات والفعاليات الفلسطينية في الشتات – أوروبا .. برأيك هل الأجيال القادمة ستتابع مسيرة هذا الجيل؟

سكران: المهم العقيدة إلي ماشي عليها الواحد. يعني أنا بكرا يقولوا لي بدك تطلع خدمة ثورية. بطلع. عيالي ما عيالي كب بره. بقول لهم رايح مشوار وراجع. ما حدن له عندي. هذه قناعة برأس الإنسان.  فاهمني.؟

يتسائل ويسأل سكران : يعني انا راضي بالتقسيمة الي بيطالبوا بالضفة الغربية وغزة. ما هذه البهدلة؟.. طيب وين فلسطين؟؟

ما انا حاكموني بحيفا. 

سؤال: أنت من مخيم عين الحلوة. ماذا تقول لأهل عين الحلوة في معاناتهم اليومية؟

سكران: اقول لهم ان يكونوا صامدين ويبتعدوا عن المشاكل الجانبية.

شكرا لك رفيق ابو محمد على هذه المقابلة وان شاء الله  اذا رجعنا والتقينا في ظروف أخرى وكان ناقص شيء في هذه المقابلة نكمله . نتمنى لك دوام الصحة والعافية وهذه الإرادة الصلبة التي تمتع بها.

فيديو شريط المقابلة على يوتيوب

https://www.youtube.com/watch?v=8nIf8q1fPw8

أرشيف سنة 2013 وما قبلها

اترك تعليقاً